دافع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني انفانتينو في افتتاح كونغرس الاتحاد في المنامة الخميس، عن أدائه على رأس الهيئة الكروية التي عصفت بها فضائح الفساد، رافضا أي حديث عن ديكتاتوريته وسعيه الى تثبيت نفوذه.
وانتخب السويسري على رأس الفيفا في فبراير 2016، في أعقاب أكبر فضيحة فساد في تاريخ الهيئة الكروية ذات القدرة المالية الضخمة، أدت الى الاطاحة برؤوس كبيرة أبرزها سلفه ومواطنه جوزيف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني.
وتولى انفانتينو الرئاسة على خلفية تعهدات بمكافحة الفساد وتغيير أسلوب قيادة الفيفا، الا ان بعض الخطوات التي أقدم عليها بشكل مباشر أو غير مباشر، وآخرها هذا الأسبوع قرار مجلس الفيفا استبعاد مسؤولين بارزين في لجنة الأخلاق كانا مسؤولين عن خطوات عدة لمكافحة الفساد، ألقت بظلال من الشك حول أسلوب إدارته.
الا ان انفانتينو (47 عاما) بدا حازما في خطابه الشامل في افتتاح الجمعية العمومية (كونغرس) السابعة والستين للاتحاد في المنامة.
وقال ان الفيفا "الجديد (هو) ديموقراطي وليس ديكتاتوريا"، مؤكدا "نحن نعيد تكوين الفيفا بعد كل الذي أصابه"، في إشارة الى فضائح الفساد التي بدأت بالظهور منذ عام 2015.
وتابع "فيفا تغير، ونحن أناس جدد سندع لأفعالنا ان تتكلم عنا وليس أقوالنا"، منتقدا ما اسماه "الأخبار الكاذبة" حول الاتحاد الدولي.
وأضاف "للأسف الحقيقة ليس دائما هي الحقيقة، الا انها ما يعتقد الناس انه حقيقي (...) الأخبار الكاذبة، الحقائق البديلة... هذه مفردات لم تكن موجودة حتى وقت قريب، الا انها أصبحت موضة".
رفض "تلقي الدروس"
وبحسب متابعين لعالم كرة القدم وقريبين من الاتحاد الدولي، فان انفانتينو يدخل الجمعية العمومية الحالية وهو يضع نصب عينيه تثبيت نفوذه في عالم كرة القدم بعد حكم لنحو عقدين لسلفه بلاتر، واطلاق عجلة حملة إعادة انتخابه على رأس الاتحاد في سنة 2019.
ويبدو انفانتينو في خضم حملة ناجحة لإعادة رسم النفوذ، مع تغييرات في رئاسات الاتحادات القارية الكبرى التي باتت تضم وجوها حليفة له، مثل رئيس الاتحاد الأوروبي ألكسندر تشيفيرين، ورئيس الاتحاد الافريقي أحمد أحمد الذي أنهى في مارس، هيمنة الكاميروني عيسى حياتو على الكرة الافريقية لـ 29 عاما.
وتعتبر مصادر متابعة لعمل انفانتينو في الاتحاد الأوروبي (ويفا) حيث تولى منصب الأمين العام، انه أداره "بطريقة مستبدة جدا"، وانه يعمل على إحاطة نفسه بمسؤولين أوفياء له لتثبيت حكمه في الفيفا.
وبدا رئيس الاتحاد الخميس حازما في سعيه الى إظهار قدرته على تغيير الفيفا وتلميع صورته، وهو الذي يرفع شعار "إعادة كرة القدم الى الفيفا وإعادة الفيفا الى كرة القدم".
وتطرق الى المبالغ المالية الضخمة التي كان المسؤولون السابقون، وفي مقدمهم بلاتر، يحصلون عليها. فعلى سبيل المثال، أورد الاتحاد في يونيو 2016 ان بلاتر والأمين العام والمسؤول المالي السابقين جيروم فالك وماركوس كاتنر تقاسموا 80 مليون دولار بهدف "الثراء الشخصي" على مدى خمسة أعوام.
وقال انفانتينو الخميس "بعد الآن، كل من يريد الثراء من كرة القدم من الموجودين في هذه القاعة، فليتركوا كرة القدم فورا"، موجها الانتقاد ايضا الى "الخبراء الذين نالوا مبالغ مالية ضخمة لتطوير الفيفا".
وسأل "ماذا فعلوا؟ بكل بساطة وضعوا نظاما غير قابل للتطبيق". ورفض "تلقي دروس من اشخاص فشلوا في حماية كرة القدم وفيفا".
وبدت هذه التصريحات تلميحا الى رئيس غرفة التحقيق في لجنة الأخلاق السويسري كورنل بوربيلي ورئيس الغرفة القضائية الالماني هانس-يواكيم ايكرت، اللذين أوصى مجلس الفيفا (اللجنة التنفيذية سابقا) اثر اجتماعه الثلاثاء، باستبدالهما وعدم تجديد ولايتهما.
ورفعت هذه التوصية الى الجمعية العمومية التي يتوقع ان تقرها.
وكان بوربيلي وايكرت اللذان أتم كل منهما ولاية من أربع سنوات، الدافعين الاساسيين خلف التحقيقات في فضائح الفساد، والعقوبات التي نتجت عنها، لاسيما ايقاف بلاتر وبلاتيني.
الا ان مصادر مقربة من الاتحاد ترجح ان أحد أسباب عدم التجديد لايكرت وبوربيلي، هو العلاقة المتوترة التي جمعت بين انفانتينو، ولجنة الأخلاق التي فتحت تحقيقا بشأن بعض ممارسات السويسري.
وقال بوربيلي الاربعاء ان الخطوة تشكل "تراجعا في مكافحة الفساد"، وان القرار "يسير عكس الحوكمة الجيدة".
وأضاف "الاستبعاد يعني أمرا وحيدا هو انتهاء عملية الاصلاح (...) لجنة الأخلاق هي المؤسسة المفتاح لإصلاحات فيفا".
واعتبر ان أداء اللجنة بقيادته وايكرت كان من شأنه "إعادة بعض الثقة في فيفا (...) لجنة الأخلاق كانت النموذج لكل عالم الرياضة".