يوسف ألبي
الدول التي تظفر باستضافة كأس العالم لا شك بأنها بذلت جهوداً كبيرة جداً لنيل هذا الشرف العالمي، إذ إن هذا الحدث هو الأكبر في لعبة كرة القدم، حيث تتنافس الدول التي فازت بهذا الشرف مع دول أخرى لا تقل في إمكانياتها وخبراتها عن تلك التي فازت بحق الاستضافة بل وأحياناً كثيرة تتجاوزها في كل شيء، ولكن هناك أسباب ومسببات رجحت هذه الدولة على حساب تلك الدول.
التنافس الشريف في الظفر باستضافة المونديال أمر مطلوب، فهو تنافس من أجل الأفضل، للعبة الأكثر شعبية في العالم، ولكن في أحيان أخرى يبتعد التنافس عن صفة "الشرف" ويتخلله الفساد الإداري والرشاوى التي تدفع من دول غنية، لاتحاد الفيفا والمصوتين، وهذا هو الطريق "الأسهل" لدول لا تمتلك مقومات استضافة المونديال، ولكن تريد من خلال دفعها للرشاوى لضعاف النفوس في الفيفا، أن يكون لها "صوت" في العالم حتى وإن كان ذلك على حساب الشرف والسمعة، واللعبة وجماهيرها العريضة، ولنا في قطر مثال صارخ وواضح في سلوكها لدرب الفساد والرشاوى حتى تظفر باستضافة كأس العالم 2022، ولكن ما هي إلا أعوام قليلة حتى اكتشف أمرها وبانت أساليبها وكيف فازت بالاستضافة، مما جعلها عرضة للمساءلة والتحقيق وربما وبشكل وارد جداً سحب شرف الاستضافة منها وبإعطائها دول كانت تنافسها وأكثر أحقية وكفاءة منها، مثل الولايات المتحدة التي نجحت نجاحاً باهراً في استضافة مونديال 1994 والذي لايزال الكثير من النقاد يعتقدون أنه الأفضل حتى الآن تنظيماً وسلامة وأمناً، وكذلك استضافة أولمبياد أتلانتا 1996 بنجاح مع مرتبة الشرف وأخيراً كوبا أمريكا 2016، وكذلك أستراليا التي هي الأخرى نافست قطر في استضافة مونديال 2022 والتي تملك كل مقومات النجاح، خاصة وأنها أبهرت العالم عندما نجحت وبشكل كبير في استضافة أولمبياد سيدني عام 2000 وكأس أمم أسيا 2015 أي أنها تملك خبرة كافية لاستضافة البطولات الكبرى.
أسباب كثيرة تعرقل قطر في نجاح مونديال 2022 وأهمها مساحتها الصغيرة، حيث إن عدد الجمهور سيصل أو سيفوق عدد سكان قطر، حينها ستواجه قطر مشاكل كثيرة في كيفية توفير السكن خاصة مع وجود مقاطعة من دول رئيسة في الخليج العربي وهي الإمارات والبحرين والسعودية التي كانت قطر تعول عليهم في استضافة بعض الجماهير وتخفيف الازدحام الضخم، كما أن حقوق الإنسان ومنظمات دولية، انتقدت وبشكل كبير استغلال قطر للعمالة الفقيرة في بناء منشآت رياضية، حيث وقعت بعض الحوادث المأساوية والتي أدت إلى وفاة عدد من هؤلاء العمال، بالإضافة إلى عامل الطقس الحار، والذي سيصل إلى خمسين درجة مئوية، كما أن من الغريب أن تحظى دولة باستضافة المونديال وهذه الدولة لا تملك أي تاريخ في كرة القدم، فعلى مر تاريخها لم تتأهل أبداً للمونديال، فكل تلك عوامل كافية تصعب على قطر استضافة المونديال.
أما استضافة روسيا للمونديال الصيف المقبل، تأتي ضمن سلسلة الفساد والأخطاء المتوالية من رئيس الاتحاد الدولي السابق جوزيف بلاتر وأعوانه، فقد نالت موسكو الاستضافة على حساب ملفات قوية مثل إنجلترا التي تملك كل مقومات النجاح من بنية تحتية ومنشآت على أعلى طراز، وغيرها من الأمور، فلم تحظَ إنجلترا باستضافة المونديال منذ عام 1966، كما استضافت بنجاح باهر كأس الأمم الأوروبية 1996، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2012، كما كان هناك ملفاً مشتركاً بين هولندا وبلجيكا وهما أول دولتين نجحتا وبملف مشترك من استضافة بطولة كبرى وكان ذلك في بطولة أمم أوروبا 2000، حيث تلقتا الإشادة الكبيرة بنجاح تلك البطولة، بالإضافة لوجود ملف آخر مشترك بين غسبانيا والبرتغال، فالأولى تملك خبرة كبيرة في استضافة البطولات الكبرى، وسبق لها استضافة كأس العالم عام 1982 والأولمبياد عام 1992، وغيرها من البطولات الكبرى للفئات السنية، كما تملك إسبانيا ملاعب حديثة العهد مثل ملعب أتلتيكو بلباو وأسبانيول وأتلتيكو مدريد وغيرها من الملاعب، أما الدولة الثانية وهي البرتغال فسبق لها وأن استضافت اليورو عام 2004، وتملك ما يقارب 8 ملاعب على أعلى المستويات، واعتبرت تلك البطولة التي استضافتها البرتغال واحدة من أفضل البطولات على مر التاريخ جماهيرية وتنظيمية وفنية.
كما أن هناك عوامل تبرهن على عدم أحقية اختيار روسيا لاستضافة المونديال على حساب تلك الدول ومن الممكن أن نستخلصها في أربعة أمور رئيسة أهمها:
- عندما فازت روسيا بحق تنظيم المونديال عام 2010، لم تكن تمتلك أياً من الملاعب الـ12 التي طالبت بها الفيفا، بالإضافة إلى أن متوسط حضور الجماهير في الدوري الروسي لا يتجاوز 10 آلاف متفرج، بينما أقل حضور في مباريات كأس العالم يتخطَ حاجز الــ50 ألفاً وهذا يسبب مشكلة كبيرة لروسيا.
- تاريخ المنتخب الروسي لا يشفع له باستضافة المونديال، فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينات من القرن الماضي، تأهلت روسيا ثلاث مرات فقط لكأس العالم وفي جميع المشاركات خرجت من الدور الأول، أما في اليورو فقد تأهلت لها خمس مرات وخرجت من الدور الأول أيضاً فيهم جميعاً إلا مرة واحدة في 2008، عندما بلغت الدور نصف النهائي، بالإضافة إلى توديعها كأس القارات 2017 على أرضها ومن الدور الأول، أي أن روسيا ليست قوة كبرى كروياً.
- شهدت بطولة كأس القارات التي أقيمت في روسيا 2017 حضوراً جماهيرياً دون المستوى، بسبب خروج الروس من الدور الأول، وفي المونديال القادم لا يعتقد الكثير من المتابعين والمحللين والإعلاميين تأهل روسيا للأدوار المتقدمة، وهذا يسبب عاملاً سلبياً لعزوف الجماهير المحلية عن باقي المباريات في كأس العالم.
- الجميع يعلم مدى تعصب وعنصرية وعنف بعض الجماهير الروسية، وآخرها ما حدث في كأس أمم أوروبا 2016، والصدامات الوحشية التي حدثت بين الجماهير الروسية والإنجليزية، حيث خرج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتقرير مفصل، يتهم الروس بتلك الأحداث، كما أن هناك احتمالية كبيرة لحدوث أعمال الشغب بسبب سوء علاقة روسيا مع أغلب الدول، فضلاً عن أن روسيا دولة غير آمنة لاستضافة حدث كبير، وبلا شك، كل تلك العوامل المذكورة سلفاً تؤكد عدم استحقاق روسيا باستضافة البطولة الأهم في العالم.
{{ article.visit_count }}
الدول التي تظفر باستضافة كأس العالم لا شك بأنها بذلت جهوداً كبيرة جداً لنيل هذا الشرف العالمي، إذ إن هذا الحدث هو الأكبر في لعبة كرة القدم، حيث تتنافس الدول التي فازت بهذا الشرف مع دول أخرى لا تقل في إمكانياتها وخبراتها عن تلك التي فازت بحق الاستضافة بل وأحياناً كثيرة تتجاوزها في كل شيء، ولكن هناك أسباب ومسببات رجحت هذه الدولة على حساب تلك الدول.
التنافس الشريف في الظفر باستضافة المونديال أمر مطلوب، فهو تنافس من أجل الأفضل، للعبة الأكثر شعبية في العالم، ولكن في أحيان أخرى يبتعد التنافس عن صفة "الشرف" ويتخلله الفساد الإداري والرشاوى التي تدفع من دول غنية، لاتحاد الفيفا والمصوتين، وهذا هو الطريق "الأسهل" لدول لا تمتلك مقومات استضافة المونديال، ولكن تريد من خلال دفعها للرشاوى لضعاف النفوس في الفيفا، أن يكون لها "صوت" في العالم حتى وإن كان ذلك على حساب الشرف والسمعة، واللعبة وجماهيرها العريضة، ولنا في قطر مثال صارخ وواضح في سلوكها لدرب الفساد والرشاوى حتى تظفر باستضافة كأس العالم 2022، ولكن ما هي إلا أعوام قليلة حتى اكتشف أمرها وبانت أساليبها وكيف فازت بالاستضافة، مما جعلها عرضة للمساءلة والتحقيق وربما وبشكل وارد جداً سحب شرف الاستضافة منها وبإعطائها دول كانت تنافسها وأكثر أحقية وكفاءة منها، مثل الولايات المتحدة التي نجحت نجاحاً باهراً في استضافة مونديال 1994 والذي لايزال الكثير من النقاد يعتقدون أنه الأفضل حتى الآن تنظيماً وسلامة وأمناً، وكذلك استضافة أولمبياد أتلانتا 1996 بنجاح مع مرتبة الشرف وأخيراً كوبا أمريكا 2016، وكذلك أستراليا التي هي الأخرى نافست قطر في استضافة مونديال 2022 والتي تملك كل مقومات النجاح، خاصة وأنها أبهرت العالم عندما نجحت وبشكل كبير في استضافة أولمبياد سيدني عام 2000 وكأس أمم أسيا 2015 أي أنها تملك خبرة كافية لاستضافة البطولات الكبرى.
أسباب كثيرة تعرقل قطر في نجاح مونديال 2022 وأهمها مساحتها الصغيرة، حيث إن عدد الجمهور سيصل أو سيفوق عدد سكان قطر، حينها ستواجه قطر مشاكل كثيرة في كيفية توفير السكن خاصة مع وجود مقاطعة من دول رئيسة في الخليج العربي وهي الإمارات والبحرين والسعودية التي كانت قطر تعول عليهم في استضافة بعض الجماهير وتخفيف الازدحام الضخم، كما أن حقوق الإنسان ومنظمات دولية، انتقدت وبشكل كبير استغلال قطر للعمالة الفقيرة في بناء منشآت رياضية، حيث وقعت بعض الحوادث المأساوية والتي أدت إلى وفاة عدد من هؤلاء العمال، بالإضافة إلى عامل الطقس الحار، والذي سيصل إلى خمسين درجة مئوية، كما أن من الغريب أن تحظى دولة باستضافة المونديال وهذه الدولة لا تملك أي تاريخ في كرة القدم، فعلى مر تاريخها لم تتأهل أبداً للمونديال، فكل تلك عوامل كافية تصعب على قطر استضافة المونديال.
أما استضافة روسيا للمونديال الصيف المقبل، تأتي ضمن سلسلة الفساد والأخطاء المتوالية من رئيس الاتحاد الدولي السابق جوزيف بلاتر وأعوانه، فقد نالت موسكو الاستضافة على حساب ملفات قوية مثل إنجلترا التي تملك كل مقومات النجاح من بنية تحتية ومنشآت على أعلى طراز، وغيرها من الأمور، فلم تحظَ إنجلترا باستضافة المونديال منذ عام 1966، كما استضافت بنجاح باهر كأس الأمم الأوروبية 1996، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2012، كما كان هناك ملفاً مشتركاً بين هولندا وبلجيكا وهما أول دولتين نجحتا وبملف مشترك من استضافة بطولة كبرى وكان ذلك في بطولة أمم أوروبا 2000، حيث تلقتا الإشادة الكبيرة بنجاح تلك البطولة، بالإضافة لوجود ملف آخر مشترك بين غسبانيا والبرتغال، فالأولى تملك خبرة كبيرة في استضافة البطولات الكبرى، وسبق لها استضافة كأس العالم عام 1982 والأولمبياد عام 1992، وغيرها من البطولات الكبرى للفئات السنية، كما تملك إسبانيا ملاعب حديثة العهد مثل ملعب أتلتيكو بلباو وأسبانيول وأتلتيكو مدريد وغيرها من الملاعب، أما الدولة الثانية وهي البرتغال فسبق لها وأن استضافت اليورو عام 2004، وتملك ما يقارب 8 ملاعب على أعلى المستويات، واعتبرت تلك البطولة التي استضافتها البرتغال واحدة من أفضل البطولات على مر التاريخ جماهيرية وتنظيمية وفنية.
كما أن هناك عوامل تبرهن على عدم أحقية اختيار روسيا لاستضافة المونديال على حساب تلك الدول ومن الممكن أن نستخلصها في أربعة أمور رئيسة أهمها:
- عندما فازت روسيا بحق تنظيم المونديال عام 2010، لم تكن تمتلك أياً من الملاعب الـ12 التي طالبت بها الفيفا، بالإضافة إلى أن متوسط حضور الجماهير في الدوري الروسي لا يتجاوز 10 آلاف متفرج، بينما أقل حضور في مباريات كأس العالم يتخطَ حاجز الــ50 ألفاً وهذا يسبب مشكلة كبيرة لروسيا.
- تاريخ المنتخب الروسي لا يشفع له باستضافة المونديال، فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينات من القرن الماضي، تأهلت روسيا ثلاث مرات فقط لكأس العالم وفي جميع المشاركات خرجت من الدور الأول، أما في اليورو فقد تأهلت لها خمس مرات وخرجت من الدور الأول أيضاً فيهم جميعاً إلا مرة واحدة في 2008، عندما بلغت الدور نصف النهائي، بالإضافة إلى توديعها كأس القارات 2017 على أرضها ومن الدور الأول، أي أن روسيا ليست قوة كبرى كروياً.
- شهدت بطولة كأس القارات التي أقيمت في روسيا 2017 حضوراً جماهيرياً دون المستوى، بسبب خروج الروس من الدور الأول، وفي المونديال القادم لا يعتقد الكثير من المتابعين والمحللين والإعلاميين تأهل روسيا للأدوار المتقدمة، وهذا يسبب عاملاً سلبياً لعزوف الجماهير المحلية عن باقي المباريات في كأس العالم.
- الجميع يعلم مدى تعصب وعنصرية وعنف بعض الجماهير الروسية، وآخرها ما حدث في كأس أمم أوروبا 2016، والصدامات الوحشية التي حدثت بين الجماهير الروسية والإنجليزية، حيث خرج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتقرير مفصل، يتهم الروس بتلك الأحداث، كما أن هناك احتمالية كبيرة لحدوث أعمال الشغب بسبب سوء علاقة روسيا مع أغلب الدول، فضلاً عن أن روسيا دولة غير آمنة لاستضافة حدث كبير، وبلا شك، كل تلك العوامل المذكورة سلفاً تؤكد عدم استحقاق روسيا باستضافة البطولة الأهم في العالم.