أحمد عطا

لو سألت 10 مشجعين من برشلونة عن الشيء الذي يريدون تغييره في النادي فستجيبك الأغلبية منهم أنه يحلم بتغيير إدارة النادي.

ولاتزال إدارة النادي الكتلوني -الذي ربح الثنائية المحلية وبات قريباً جداً من الفوز بالليغا دون هزيمة في إنجاز تاريخي- لا تحظى برضا أغلبية الأنصار الكتلان والأسباب واضحة.

إذ يبدو وأن جوسيب بارتوميو ورجاله في وادٍ والأجهزة الفنية لبرشلونة في وادٍ آخر.. الكثير من التعاقدات قامت بها الإدارة دون الرجوع للأجهزة الفنية -وهو أمر ألمح إليه من قبل المدير الفني السابق لبرشلونة لويس إنريكي- ما يخلق مشاكل للفريق في كيفية انسجام هذه التعاقدات مع التشكيلة والاستراتيجية والتكتيك المتبع من قبل الجهاز الفني.

وليس أدل على ذلك المعاناة الواضحة التي يعيشها عثمان ديمبيلي وفيليبي كوتينيو مع تكتيكات إرنستو فالفيردي الحالية وإتباعه لطريقة 4/4/2 التي لا يظهر وأنها قادرة على إخراج الأفضل منهم.

لكن هذا ليس بموضوعنا الأساسي قدر ما هو حديث عن التساؤلات الدائرة حالياً عما إذا كان النادي قد فشل في الاستفادة من لاماسيا لتقديم جيل جديد قادر على حمل المشعل بعد رحيل تشافي هيرنانديز ومؤخراً رحيل أندريس إنيستا الذي لعب الكلاسيكو الأخير له هذا الأسبوع.

فمنذ سيرجي روبيرتو -الذي تجاوز السادسة والعشرين ولايزال البعض يعتبره لاعباً صاعداً- لم تقدم لاماسيا أي لاعب آخر قادر على دخول التشكيل الأساسي للنادي الكتلوني وتعويض جواهر الجيل الذهبي التي تتساقط الواحدة تلو الأخرى ومرشحة للمزيد من التساقط بحكم العمر، كما أن الصدمة التي يحاول المشجع الكتلوني نسيانها حتى الآن، أن التساقط سيزداد حدة بسبب تقارب السن بين ليونيل ميسي وسيرجيو بوسكيتس وجيرارد بيكيه وغيرهم، ما ينذر باختفاء جماعي وليس تدريجياً بعكس ما حدث مع تشافي الذي انتظر إنيستا لعدة سنوات قبل أن يلحق به.

والحقيقة أنه من منظور شخصي لي فقد داومت على الإيمان بأن لاماسيا قدمت ما هو أكثر مما هو مطلوب من قبل، فهي حالات معدودة جداً أن تجد مدرسة الناشئين في النادي قادرة على إخراج هذا الكم من المواهب العالمية في توقيت واحد ربما باستثناء مدرسة بايرن ميونيخ التي تتمتع باستمرارية تفوق أي مدرسة أخرى، لكن الحقيقة أن لاماسيا لم تكن تقدم هذا العدد قبل هذا الجيل الذهبي واقتصر الموضوع على عدة لاعبين من طراز عالمي وهو أمر لا يمكنه مع انتقاد الأكاديمية لأنه ببساطة هذا هو الواقع.. لا أحد تاريخياً قادر على تقديم حفنة من الموهوبين المذهلين كل عدة سنوات وباستمرارية مضمونة.

إلى هنا وربما يتم تفادي الاتهام الفج لإدارة بارتوميو على التقصير في هذا الصدد -رغم إهمالهم لبعض مشاريع المواهب لكنه في حدود المعدل المقبول- إلا أن المشكلة الحقيقية هي أنه عندما لجأت تلك الإدارة للحل المنطقي وهو البحث في السوق عن بدائل لعناصر الجيل الذهبي المستمرين بحكم العمر في طريقهم نحو خريف المسيرة، لم تسلك تلك الإدارة طريقاً منطقياً.

فالتخبط يبدو واضحاً في هذا الملف، والسبب هو أن هناك حيرة واضحة فيما إذا كان على الفريق القيام بتعاقدات تنسجم مع أسلوب الفريق، أم أن عليه إجراء تعاقدات تغير هي من أسلوب الفريق وتعود إلى أرض الواقع الذي يقول إنه من شبه المستحيل الاستمرار بطريقة الفريق دون عناصر قادرة على تقديمه بنفس الجودة كما كان الحال مع تشافي وإنيستا وبوسكيتس وغيرهم ويا لها من معادلة صعبة!

لذلك شاهدنا تعاقداً مثل التعاقد مع باولينيو.. لا أحد كان قادراً على تفسير هذا التعاقد سوى بمصالح شخصية لبارتوميو مع بعض شركائه وظهر جلياً أن الأخير ليس مناسباً للفريق إلى حدٍ كبير رغم محاولة المشجعين إقناع أنفسهم -مع انطلاقته التهديفية الجيدة- أنها صفقة جيدة رغم عدم اقتناعهم في البداية.

والسبب واضح كما أسلفنا.. الفريق بات يقوم بتعاقدات لا تناسب أسلوب الفريق وحتى إن كانت النية تغيير أسلوب النادي فإن المقاومة واضحة لهذا الأمر ورغبة باقي اللاعبين وكثير من المشجعين في الاستمرار بأسلوبهم يبدو جلياً وهو أمر مشروع لكنه لن يساعد على عملية نجاح مثل هذه التعاقدات.

كما أن التعاقد مع لاعبين ككوتينيو وديمبلي ثم محاولة تبديل أسلوبهم لما لا يشبه أسلوب لعب البرسا بشكل عام هو أمر مثير للاستغراب، فلا كوتينيو قادر على اللعب في طريقة 4/4/2 ولا هو قادر على القيام بمجهودات دفاعية باتت واضحة في هذه النسخة من برسا فالفيردي.

الخلاصة.. حالة التخبط واضحة في إدارة النادي الكتلوني، وصحيح أنهم اتخذوا قرارهم بأن لاماسيا حتى إشعار آخر لا تصلح للاعتماد عليها، فإن دخولهم للسوق لم يحمل استراتيجية واضحة لكيفية تعويض أفول نجم جواهرهم.