(د.ب.أ)

100متر فقط تفصل بين مسجد كازان ، أحد أكبر المساجد في القارة الأوروبية ، وكاتدرائية "البشارة" التي تعتبر المعبد الأرثوذكسي الكبير في هذه المدينة الروسية العريقة.

هذه ليست مصادفة ولكنها رمز إلى التقارب بين المسلمين والمسيحيين والمتأصل في هوية كازان.

وتتميز كازان بأنها مدينة قديمة عريقة ومدينة شابة في آن واحد. هي بمثابة مفترق الطرق وكذلك المكان الذي يجمع العديد من القصص سويا. يبلغ تعداد المدينة 2ر1 مليون نسمة فقط لكنها موطن لأشخاص ينتمون إلى أكثر من 100 جنسية وإلى ما يقرب من 180 ألف طالب.

وتتميز المدينة بأجواء متنوعة ومفتوحة إضافة لتاريخ وتراث رياضي راسخ توج باستضافة المدينة بعض مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم والمقررة في روسيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وقالت المرشدة السياحية رازيدا ، إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، أمام المسجد في كرملين كازان (مجموعة مباني ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو) ، : "أعتقد أن تعايشنا السلمي يستند إلى التاريخ. ظل الروس والتتار هنا منذ قرون ، وعملت الحكومات جاهدة من أجل هذا التعايش السلمي".

وتطورت كازان ، عاصمة جمهورية تتارستان المتمتعة بالحكم الذاتي ، بين الشرق والغرب.

وتأسست المدينة في عام 1005 على ضفاف نهر فولجا الذي يبعد نحو 800 كيلومترا شرق موسكو.وكانت كازان إحدى المحطات على طريق "الحرير" ، هذا الطريق القديم الذي لا يقتصر على تبادل البضائع ولكن أيضا تداول وتبادل العادات والثقافات.

ويدين نحو 51 بالمئة منسكان المدينة بالديانة الإسلامية فيما ينتمي معظم النسبة الباقية من السكان إلى المذهب الأورثوذكسي الروسي في الديانة المسيحية.وفي ظل هذا التوازن ، ليس من الصعب أن تجد مجموعات من الأصدقاء أو حتى الأزواج تمتزج فيها الديانتان.

ويظهر هذا المجتمع المختلط في كل زاوية بمدينة كازان التي تعتبر "العاصمة الثالثة" لروسيا بعد موسكو وسان بطرسبرج. وتوجد علامات بعدة لغات ، ومطاعم تقدم أطعمة من ثقافات متنوعة كما توجد ساعة المدينة الشهيرة ، المزينة بالخط العربي ، في نهاية شارع باومان ، منطقة المشاة الرئيسية في كازان.

كما افتتح مسجد كول شريف في 2005 بسعة تبلغ ستة آلاف مصل وذلك في موقع المسجد الأصلي الذي دمره إيفان الرهيب في القرن السادس عشر. ويتنافس هذا المسجد مع باقي مساجد المدينة بما في ذلك مسجد "ماردجاني" أقدم مساجد المدينة حيث تأسس في 1767 علما بأن مسجد ماردجاني هو الوحيد الذي ظل مفتوحا في الحقبة السوفيتية.

وبالنسبة للمسيحيين الأرثوذكس ، فإن رمز المدينة الرئيسي هو "سيدتنا في كازان" ، أيقونة مريم العذراء التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. يتدفقون لرؤية نسخة من القرن السابع عشر في كاتدرائية الصليب المقدس ، حيث تم العثور على الأصل المفقود الآن.

كما يوجد مبنى كبير ثالث يبرز هوية كازان وهو مبنى جامعتها القوية التي تأسست عام 1804 ، واستقبلت هذه الجامعة أشخاص بارزين مثل ليو تولستوي وفلاديمير لينين كما حولت المدينة إلى حيويتها الذاتية الحالية. وهناك طلاب في كل مكان بالمدينة ، سواء كانوا يجلسون على ضفاف النهر أو يتجولون في شوارع التسوق والمتاجر.

وافتتح استاد كازان الجديد (كازان آرينا) في 2013 ، وهو معقل نادي "روبن كازان" الروسي. ومن المقرر أن يستضيف هذا الاستاد ست من مباريات كأس العالم 2018 بروسيا.

ولا ينبغي أن يفاجأ أحد برؤية الزعيم المسلم في المدينة يجلس بجوار الزعيم الأرثوذكسي الروسي في المدينة. وقالت رازيدا : "كلاهما يحب كرة القدم".