لم يتضح قط ما حدث في معسكر منتخب جمهورية ألمانيا الاتحادية في مالينتي عقب الخسارة المذلة صفر / 1 أمام اشقائهم في الشرق، لكن المؤكد أن القائد فرانز بيكنباور عزل منذ تلك اللحظة المدير الفني هيلموت شون من قيادة الفريق.
وقال بيكنباور عقب الهزيمة أمام جمهورية ألمانيا الديمقراطية "لعبنا حتى ذلك الوقت بطريقة هجومية تماما لأن منافسينا كانوا ضعفاء والجميع كان يريد منا الهجوم" قبل أن يحذر "اعتبارا من الآن سيتغير هذا الأمر، لأن جميع المباريات ستكون صعبة".
بعد أسبوعين من ذلك، كان "القيصر" يرفع كأس العالم في ميونيخ، داخل الملعب الذي كان دوما منزله، عقب الفوز 2 / 1 على هولندا.
وتمتع بيكنباور قائد بايرن ميونيخ بالسلطة لتغيير أسلوب لعب المنتخب لأنه ببساطة كان القائد الأهم في تاريخ ألمانيا.
المثير للسخرية أن مبتدع طريقة الظهير الحر المهاجم ، الذي ضغط للعب هذا الدور أمام رفض شون في البداية عام 1971 ، كان هو من دعا في ذلك الحين إلى التزام الحذر.
فبعد الهزيمة الشهيرة، غير شون -أو بيكنباور- التشكيل للمرحلة التالية وكان النجاح فوريا. فالألمان تأهلوا إلى المباراة النهائية أمام هولندا بقيادة يوهان كرويف، بالفوز على يوغوسلافيا 2 / صفر وعلى السويد 4 / 2 وعلى بولندا 1 / صفر بشق الأنفس على أرض أغرقتها الأمطار.
وكان لدى الهولنديين الفريق الأفضل في البطولة وقدموا عروضا رائعة باتباعهم مبدأ "الكرة الشاملة". وتقدم يوهان نيسكينز للمنتخب الهولندي الملقب بإسم "الطاحونة البرتقالية" في الدقيقة الأولى، بفضل ضربة الجزاء الشهيرة التي احتسبت قبل حتى أن يتمكن الألمان من لمس الكرة.
ومع ذلك، تمكن بول برايتنر من معادلة النتيجة، وسجل جيرارد مولر قبل الاستراحة مباشرة الهدف الذي قلب النتيجة ومنح اللقب العالمي للألمان.
وجاء النجاح في أفضل مرحلة من مشوار بيكنباور بعد أشهر قليلة من تحقيق لقب في بطولة الدوري مع بايرن ميونخ والأول بين ثلاثة ألقاب متتالية للنادي البافاري في أوروبا بين عامي 1974 و1976 .
وكتب الصحفي الشهير كير رادنيدج ذات مرة في مجلة "وورلد سوكر" قائلا "إنه (بيكنباور) كان من يتحكم في عرائس الماريونيت، يبقى في الخلف ويحرك الخيوط التي كانت تجعل ألمانيا الغربية وبايرن ميونيخ يحققان كبرى الألقاب".
وكان المنتخب الألماني في عام 1974 ، الذي كان يلعب فيه خمسة من زملاء بيكنباور في بايرن ميونخ، أكثر إقناعا من نظيره الذي كان يلعب قبلها بعامين وحقق لقب كأس الأمم الأوروبية بصورة غير منتظرة، بعد أن فاز في المباراة النهائية على إنجلترا 3 / 1 في لندن، في أول مرة يتمكن فيها الألمان من إلحاق الهزيمة بمخترعي الكرة في عقر دارهم.
واعترف بيكنباور بأن البطولة أمام جماهيرهم كانت شديدة الصعوبة. وأكد "المرء دائما ما يكون تحت ضغط في كأس العالم، لكن القلق يتضاعف إذا ما كانت البطولة على أرضنا والجميع ينتظر من صاحب الأرض حصد اللقب".
وأضاف "كما أنه ليس أمرا رائعا لعب كأس العالم على أرضك، لأنك تكون دائما مركز الاهتمام. لا يمكنك الذهاب إلى مكان دون أن يتبعك أحدهم".
وأكد اللقب الألماني الثاني، بعد عام 1954 ، مكانة بيكنباور كأحد أفضل لاعبي الكرة على مر التاريخ. ومع ذلك، فإن القيصر تحول إلى أسطورة حية في بلاده عندما تمكن أيضا من الفوز ببطولة كأس العالم كمدير فني عام 1990 في إيطاليا.
كما كان بيكنباور قبل 12 عاما هو رئيس اللجنة المنظمة لثاني بطولة لكأس العالم تقام في ألمانيا وذلك في 2006 .
وفي 1974 ، عندما كان في التاسعة والعشرين من عمره ، كان قد مر على بيكنباور بالفعل تسعة أعوام في المنتخب شارك خلالها في بطولتين لكأس العالم عامي 1966 في إنجلترا و1970 في المكسيك عندما حل المنتخب الألماني ثالثا.
ورغم أنه واصل اللعب حتى عام 1984 ، كانت آخر مشاركة له في كأس العالم في البطولة التي استضافتها بلاده.