شهدت السنوات الأربع الأخيرة تراجعا كبيرا في خطى المنتخب الإسباني الأول لكرة القدم وأصبح حاله في الوقت الراهن يذكر أنصاره بما كان عليه هذا الفريق في الماضي قبل العامين الأخيرين من العقد الأول للألفية الجديدة عندما كان مزيجا من التخبط والأنانية وإنكار الواقع.
وحققت إسبانيا إنجازا كبيرا بعد فوزها في الفترة ما بين عامي 2008 و2012 بلقبين في بطولة كأس أمم أوروبا ولقب أخر في المونديال، وهو ما لم يحققه أي منتخب حتى الآن.
وليس هذا وحسب، بل كان يتميز المنتخب الإسباني في تلك الحقبة بأسلوب لعب ساحر يشارك فيه جميع لاعبي الفريق وذلك بفضل اللاعبين الموهوبين بين صفوفه مثل تشافي هيرنانديز وايكر كاسياس وكارليس بويول ودافيد بيا وتشابي ألونسو وأندريس انيستا.
ولكن بعد ستة أعوام من ذلك الإنجاز لم يبق شيئا، فقد عاد المنتخب الإسباني إلى الماضي عندما كان يخفق في الوصول إلى ما هو أبعد من دور الثمانية في البطولات الدولية، وحتى هذا لم يعد قادرا على تحقيقه بعد أن خرج أمس من دور الستة عشر للمونديال وسبقه خروجه من نفس الدور لبطولة أوروبا قبل عامين وتوديعه لمونديال البرازيل 2014 من الدور الأول.
وتراجع المنتخب الإسباني على عدة أصعدة، وكان معسكره خلال المونديال في مدينة كراسنودار الروسية خير دليل على ذلك.
فقد عاد المنتخب الإسباني إلى ذلك الفريق المليء بالشكوك وصاحب العلاقة المعقدة مع الصحافة والمنشغل بتبادل إلقاء اللوم والمفتقد للتنظيم الجيد من قبل اتحاده الكروي.
وحتى العام 2008 عندما فاز بكأس أمم أوروبا تحت قيادة المدرب الوطني لويس أراجونيس، كان المنتخب الإسباني يشتهر باسم "فريق الأعذار"، فقد كان يبرر سقوطه المتتالي بظلم الحكام أو أكاذيب الصحافة أو بعدم تمتع بعض اللاعبين بعقلية التطلع للفوز أو لسوء الحظ، ولذلك لم يكن ينتهي به المطاف في تلك الآونة إلى التواجد بين الكبار في أوروبا والعالم.
ويذكر خروج منتخب "الماتادور" من المونديال الحالي بخروجه من مونديال ألمانيا 2006 من دور الستة عشر على يد فرنسا، ليقرر أراجونيس آنذاك، وعلى عكس كل ما يقتضيه المنطق، الاستمرار مع الفريق لإنقاذه.
وبعد ذلك جاءت سنوات الاتحاد والاستقرار، حيث بهذا السبيل وحده تتحقق النجاحات، وبالفعل انتفضت إسبانيا وباتت منتخبا كبيرا تخلى عن اللجوء للأعذار، واستمر على هذا النهج حتى مع خليفة أراجونيس، فيسينتي دل بوسكي.
ولكنه اصطدم بكارثة مونديال البرازيل ثم بإخفاقه في بطولة أوروبا بفرنسا، لتبدأ بعدها مرحلة تتسم بالشك والتخبط، أشيع خلالها أقاويل عن لاعبين يرفضون اللعب مع الفريق وشهدت انتشار شائعات ضد المدير الفني وقرارات من الأخير عصية على الفهم وهكذا استمر الحال حتى اليوم.
ويعتبر كل ما سبق مثال صارخ على العودة للنسخة القديمة من المنتخب الإسباني، هذا بالإضافة إلى أخطاء أخرى يقع فيها المسؤولون عن الكرة الإسبانية، والتي تعتبر بمثابة إطلاق النار على أصابع القدم، كما حدث مؤخرا عندما قام هؤلاء أمام العالم أجمع بتفسير قرار إقالة مدرب المنتخب قبل يومين من انطلاق المونديال بعد أن قاد الفريق طوال عامين بلا خسارة واحدة.
ودفع هذا التراجع الكبير البعض إلى النظر بعين الشك والريبة إلى أسلوب لعب الفريق، فقد أصبح أسلوب "التيكي تاكا" الشهير يعرف داخل قطاع من الصحافة الإسباني باسم "جيلي تاكا" وذلك بسبب النزعة غير المبررة لتنفيذ عدد هائل من التمريرات بلا طائل.
وهكذا، شهدت روسيا عودة منتخب إسبانيا في قالبه القديم وكانت مباراة روسيا دليلا أخر على هذا الأمر، فلم تشهد تصريحات اللاعبين أي نوع من انتقاد الذات بعد سقوط الفريق أمام المصنف 70 عالميا، وهو ما يعد صورة لإنكار الواقع كما كان الحال في الماضي.
وقال سيرخيو راموس قائد المنتخب الإسباني: "كقائد أشعر بالفخر بهذا الفريق، لأننا قدمنا كل شيء".