فيما تأتي النتائج في مقدمة أولويات معظم المدربين في عالم كرة القدم ، فإنها ليست كل شيء بالنسبة للمدرب الكبير أوسكار تاباريز المدير الفني لمنتخب أوروجواي ، أكبر المدربين سنا في بطولة كأس العالم 2018 المقامة حاليا بروسيا.
ويأمل تاباريز في قيادة فريقه إلى المربع الذهبي في المونديال الخالي من خلال التغلب على المنتخب الفرنسي في دور الثمانية للبطولة يوم الجمعة المقبل.
ويشتهر تاباريز بلقب "المايسترو" أو "المعلم" ، كما تتركز تعليماته دائما حول الإخلاص والانضباط والتواضع.
ويدين منتخب أوروجواي بالفضل الكبير في تأهله لدور الثمانية بالمونديال الحالي إلى تاباريز /71 عاما/ الذي تعود تسميته بالمايسترو أو "المعلم" لعمله السابق كمعلم مدرسي خلال مسيرته كلاعب إضافة لكونه رجل حكيم ومحنك في تدريب كرة القدم.
ومع حديثه ببطء وأيضا حركته البطيئة حاليا متكئا على عصا بسبب بعض المشاكل في الأعصاب وحديثه عن كرة القدم وغيرها ، يبدو تاباريز مثل الفيلسوف خورخي لويس بورجيس أكثر منه مدربا لكرة القدم".
إنه يحلل مجريات المونديال الروسي بلغة تبدو وكأنها من مكان وزمان آخر ، وتتخطى كرة القدم ، وكأس العالم ، ومجرد النتائج.
وبعد فوز فريقه على المنتخب المصري 1 / صفر في أولى مبارياته بالبطولة الحالية ، قال تاباريز : "كما يحدث دائما في تاريخ كرة القدم ، إحصائية أخرى تسقط" في إشارة إلى أنها المرة الأولى منذ 1970 التي يستهل فيها منتخب أوروجواي مسيرته في إحدى بطولات كأس العالم بالفوز".
وعلق تاباريز على الهدف الذي سجله خوسيه ماريا خيمينز بضربة رأس في نهاية المباراة ليحسم به النقاط الثلاث لصالح الفريق ، وقال : "الطرق إلى المرمى لا حصر لها".
وفيما يتعامل اللاعبون مع الضغط والقلق في الأداء وقت الحاجة ، يظل تاباريز هادئا.
وعندما أخفق مهاجمه لويس سواريز في هز الشباك أكثر من مرة في مباراة الفريق أمام المنتخب المصري ، أشار تاباريز إلى بعض اللاعبين العظماء الآخرين مثل ليونيل ميسي وبيليه ودييجو مارادونا الذين عانوا من أيام شهدت بعض الفشل رغم أمجادهم المعروفة.
وأوضح تاباريز : "كرة القدم ، بالإضافة لأشياء أخرى عديدة ، هي مسألة بين البشر".
وبعد التغلب على المنتخب البرتغالي في الدور الثاني (دور الستة عشر) بالمونديال الحالي ، تحدث تاباريز عن كرة القدم في أوروجواي وبعض القيم مثل الإخلاص والانضباط وأيضا التواضع.
وقال تاباريز : "يجب أن نتوخى الحذر إذا اعتبرنا أنفسنا فريدين في أي طريقة خاصة".
ويعتقد تاباريز أن الانضباط ينبع من الداخل. ووصف تاباريز حديث دييجو جودين قائد الفريق إلى اللاعبين قبل المباراة أمام البرتغال ، وقال : "قال جودين : نلعب من أجل الأب والأم والشقيق والصديق والجار. ولهذا ، من فضلكم يا رفاق ، ابذلوا قصارى جهدكم. ولهذا ، كان الأداء هكذا على أرض الملعب".
وأضاف : "يجب ألا تنظر إلى الأشياء فقط من عدسة النتائج والمباريات التي تنتهي بالفوز... هناك أيضا مسألة الإخلاص والولاء والتي تمثل قيمة في حد ذاتها لأنها أساس الرياضة".
وتنبع هذه العبارات من الخبرة الهائلة التي يتمتع بها تاباريز والتي صنعت مكانته الكبيرة حاليا لاسيما وأنه الشخص الذي ساهم في التحول الكبير بمنتخب أوروجواي منذ تولى تدريب الفريق في 2006 .
ويحظى تاباريز بمسيرة طويلة وحافلة بدأها كلاعب في 1967 حيث تنقل بين أندية عديدة في أوروجواي والمكسيك حتى بدأ عمله كمدرب في 1980 .
وخلال ولايته الأولى مع منتخب أوروجواي ، والتي بدأت في 1988 ، تأهل الفريق بيقادته إلى كأس العالم 1990 بإيطاليا لتكون أول المشاركات الأربعة لتاباريز مع منتخب أوروجواي في بطولات كأس العالم.
وبعد انتهاء مشاركته مع الفريق في المونديال الإيطالي ، تولى تاباريز تدريب بوكا جونيورز الأرجنتيني وقاده في 1992 للقب الدوري الأرجنتيني لأول مرة منذ 1981 .
ومع عودته لتدريب منتخب أوروجواي (السماوي) ، أشرف تاباريز على عملية إصلاح شاملة ، مع التزام بتعزيز فرق الشباب في استراتيجية طويلة المدى سرعان ما أثمرت النجاح.
وفي مونديال 2010 بجنوب أفريقيا ، وصل الفريق بقيادته إلى المربع الذهبي كما فاز في العام التالي بلقب كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) .
وبدأ منتخب أوروجواي مونديال 2014 في البرازيل بقوة ولكن الفريق ودع البطولة من دور الستة عشر وسط حالة ارتباك بسبب إيقاف لويس سواريز نتيجة عضه جورجيو كيليني مدافع المنتخب الإيطالي خلال مباريات الفريقين في الدور الأول للبطولة.
والآن ، يحتاج منتخب أوروجواي إلى أن يعود لإرثه كفريق كان يمثل قوة هائلة حتى الخمسينيات من القرن الماضي. وقال تاباريز إن هذا الأمر هو ما افتقدته أجيال متعاقبة.
ويمثل المنتخب الفرنسي والمواجهة معه يوم الجمعة المقبل العقبة الجديدة في طريق منتخب أوروجواي لاستعادة أمجاده.
ولكن ، وكما قال تاباريز قبل مواجهة المنتخب البرتغالي ، لا أحد يعلم سير المباراة".
ومثل العديد من الفلاسفة ، يشعر تاباريز بمزيد من الارتياح مع الشكوك.