قبل أقل من ثلاثة أعوام ، افتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسجد الكبير بالعاصمة الروسية موسكو بعد إعادة بناء المسجد في نفس موقع المسجد القديم.
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية ، اجتذب المسجد أعدادا كبيرة من المشجعين والزائرين الذين توافدوا على موسكو لمتابعة فعاليات بطولة كأس العالم 2018 بروسيا.
ورغم ما تضمه العاصمة الروسية من آثار ومعالم عديدة تعود إلى عصور مختلفة ، يكتسي المسجد بأهمية خاصة وطابع فريد تجعله من أهم المعالم في موسكو.
وأعيد بناء المسجد وافتتاحه قبل ثلاثة أعوام فحسب لكن تاريخ هذا المسجد يمتد لأكثر من قرن من الزمان.
كذلك ، يقف هذا المسجد شاهدا على اهتمام الدولة الروسية بتوفير المناخ المناسب لدور العبادة بمختلف الانتماءات.
وليس أدل على هذا من كون هذا المسجد هو أكبر المساجد في أوروبا ، كما تتحمل الدولة الروسية نفقات المسجد فيما تكون التبرعات من بعض رجال الأعمال والمقتدرين لإقامة مائدة الرحمن في شهر رمضان الكريم إضافة للتصدق على بعض الفقراء ومساعدتهم خاصة في الأعياد.
وربما لا يشهد المسجد إقبالا شديدا خلال الصلوات الخمس يوميا لكن الإقبال يتزايد بشكل هائل خلال صلاة الجمعة إضافة لصلاة عيدي الفطر والأضحى.
كما يشهد المسجد خاصية ربما تميزه عن بقية المساجد الموجودة في أوروبا وربما في العالم كله حيث تقدم فيه خطبة الجمعة بثلاث لغات أولها العربية حيث يتلو خلالها الخطيب آيات من القرآن وكذلك الأحاديث النبوية ويستفتح الخطبة ويختتمها فيما تكون اللغة الثانية هي التتارية نظرا لكون معظم المصلين أو مرتادي المسجد من المسلمين التتار. أما اللغة الثالثة فهي الروسية.
ويتمتع المسجد بطراز معماري رائع حيث توجد مئذنتان طويلتان وبينهما القبة الذهبية الكبيرة بخلاف عدة قباب أصغر حجما ولها لون فيروزي يخطف الأبصار.
وفيما لا يجتذب الاستاد الأولمبي المتاخم للمسجد أي إقبال حاليا بسبب غلقه ، تشهد أيام الجمعة ازدحاما شديدا في المنطقة المحيطة بالمسجد حيث يتوافد إليه العديد من المصلين من جميع أنحاء العاصمة باعتباره المسجد الأكبر ليس في موسكو فقط وإنما في أوروبا بأكملها.
ويتسع المسجد حاليا بطوابقه المتعددة (خمسة طوابق بخلاف الطابق الأرضي) لعشرة آلاف من المصلين ولكن هذا العديد يتزايد إلى نحو مئة ألف مصل خلال صلاة عيدي الفطر والأضحى حيث يحتشد المصلون في الشوارع المحيطة بالمسجد والاستاد في مشهد مهيب.
وبني هذا المسجد للمرة الأولى عام 1902 واكتملت أعمال تشييده في 1904 . وكان لمجموعة من التجار التتار الدور الأبرز في تشييده حيث عمدوا إلى شراء الأرض في مطلع القرن العشرين وبدأوا في البناء الذي استغرق عامين فقط.
وبعدها بأكثر من عام ، وبالتحديد في 2011 ، تم هدم المسجد بدعوى أنه على وشك الانهيار.
وأعيد البناء بعدها حيث اكتمل في 2015 ليفتتحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورؤساء ومسؤولي بلدان أخرى مثل رئيسي قيرغيزستان وكازاخستان.
ولا يقتصر المسجد على ساحة الصلاة في الطوابق المختلفة وإنما يشمل أكثر من نشاط يأتي في مقدمتها حلقات تحفيظ القرآن في المسجد والتي تشهد إقبالا يوميا من الجنسين.
كما يضم المسجد بأحد طوابقه متحفا إسلاميا تعرض فيه لوحات ونسخ تاريخية من القرآن الكريم بخط اليد وقطعة من كسوة الكعبة ومجسم للمسجد إضافة لإحدى صحف القرآن المكتوبة بالفضة وتعود لعدة قرون مضت.
كما يتولى المسجد مهاما أخرى من بينها قيام إمام المسجد بعقد قران الشباب والفتيات الراغبين في الزواج على الشريعة الإسلامية.
كما يشهد المسجد أكثر من متجر لخدمة المصلين ؛ أحدها يضم بعض الكتب الإسلامية بأكثر من لغة خاصة الروسية وآخر للهدايا التذكارية ذات العلاقة بالطابع أو الطراز الإسلامي والتي أبهرت زائري ومشجعي المونديال الروسي ، وثالث يقدم الأطعمة "الحلال" لمرتادي المسجد.
كما يحرص إمام المسجد والعاملون به على الالتقاء بالزائرين الراغبين في الرد على استفساراتهم المتعلقة بشؤون الدين.