رغم توجيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التهنئة لمنتخب بلاده على الجهد الذي بذله خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم، المقامة حاليا بروسيا، إلا أنه كان هناك مزيجا من خيبة الأمل والفخر بين اللاعبين والجهاز الفني للفريق.
وساد الصمت الرهيب أرجاء ملعب (فيشت) الأولمبي بمنتجع سوتشي قبيل منتصف ليل أمس السبت، بعدما أحرز الكرواتي إيفان راكيتيتش ركلة الترجيح الأخيرة لمنتخب بلاده، ليقوده للفوز 4 / 3 بركلات الترجيح على منتخب روسيا الذي توقفت مغامرته في المونديال عند حدود دور الثمانية فقط.
وبالرغم من الخسارة، قامت الجماهير الروسية بالتصفيق للاعبيها الذين بذلوا الكثير من الجهد في المباراة التي انتهت بالتعادل 2 / 2 بعد الاحتكام للوقت الإضافي، حيث تقدم المنتخب الروسي بهدف حمل توقيع دينيس تشيريشيف، الذي أطلق قذيفة مدوية بعيدة المدى سكنت الشباك الكرواتية، قبل أن يتعادل منتخب كرواتيا عن طريق أندري كراماريتش.
وبعدما احتكم المنتخبان للوقت الإضافي، بادر دوماجوف فيدا بالتسجيل لكرواتيا، لكن ماريو فيرنانديز أدرك التعادل لروسيا في اللحظات الأخيرة ليلجأ الفريقان لركلات الترجيح التي ابتسمت في النهاية لكرواتيا.
وكان ستانيسلاف تشيرتشوف مدرب المنتخب الروسي يأمل في تحقيق المزيد بالبطولة، وهو ما كشف عنه أثناء حديثه مع بوتين.
وقال تشيرتشوف "اتصل بي الرئيس الروسي عقب المباراة بوقت قصير وهنأنا على المستوى الرائع الذي ظهرنا به، لكنني أخبرته بأننا نشعر بخيبة الأمل، ورد علي قائلا إنه ينبغي أن نبقى أعيننا مفتوحة وأن نتخذ الخطوات التالية".
وحققت روسيا إنجازا كبيرا بالفعل ببلوغها دور الثمانية في البطولة، حيث دخل فريق المدرب تشيرتشوف المسابقة وهو يحتل أسوأ ترتيب بين المنتخبات المشاركة في المونديال وفقا للتصنيف العالمي الشهري الذي أصدره الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قبل البطولة بوقت وجيز.
وأخفق المنتخب الروسي، الذي كان يحتل المركز الـ70 عالميا في تصنيف فيفا قبل البطولة، في تحقيق أي انتصار خلال مبارياته الودية السبع الأخيرة، لكنه نجح في إيجاد إيقاعه، عقب فوزه الكبير 5 / صفر على منتخب السعودية في المباراة الافتتاحية، قبل أن يتغلب 3 / 1 على نظيره المصري في الجولة الثانية بمرحلة المجموعات.
ورغم تعرض الفريق لكبوة مفاجئة بخسارته صفر / 3 أمام منتخب أوروجواي في ختام مبارياته بالمجموعة الأولى، لكنه سرعان ما استعاد اتزانه بعدما أطاح بالمنتخب الإسباني، بطل العالم عام 2010، عقب فوزه عليه بركلات الترجيح بدور الستة عشر، لكنه مسيرته المذهلة في البطولة توقفت أمام المنتخب الكرواتي.
كشف تشيرتشوف أنه لم يكن يساوره أي قلق من نبرة التشاؤم التي سيطرت على الجماهير الروسية قبل انطلاق كأس العالم، والتي كان يشعر بها الرئيس بوتين أيضا.
وقال المدرب الروسي "إذا كانوا يثقون بنا أم لا، فإننا نثق في أنفسنا. قلنا إننا لا نستطيع إلا إثبات قيمتنا".
أبدى تشيرتشوف أمله في أن تكون البطولة ساهمت في تحسين الأوضاع داخل الفريق، الذي يستعد للمشاركة في بطولة دوري الأمم، حيث يلاقي منتخب تركيا، وكذلك المنتخب السويدي، الذي خرج هو الآخر من دور الثمانية في المونديال.
وتابع مدرب منتخب روسيا قائلا "إن البلاد بأكملها وقعت في حبنا. نأمل أن نكون غيرنا الأوضاع للأفضل".
ويبقى أن نرى ذلك من خلال تواجد العديد من المشجعين في العاصمة موسكو في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، وكانت الحشود متناثرة حول جنبات ملعب (فيشت) وعلى امتداد كورنيش شاطيء البحر بعد مرور ساعتين على صافرة النهاية.
ورغم ذلك، أشار تشيرتشوف إلى أن ديميتري ميدفيديف رئيس الوزراء الروسي قام بزيارة اللاعبين في غرفة خلع الملابس عقب اللقاء، كما وجه زلاتكو داليتش مدرب كرواتيا الكثير من الكلمات الطيبة لهم.
وصرح داليتش "أود أن أهنيء تشيرتشوف. المنتخب الروسي يتمتع بأسلوب خاص، سجلوا هدفا رائعا في المباراة، وركضوا أكثر من أي وقت مضى في النسخة الحالية للبطولة اليوم. إنه فريق جيد للغاية ونجح في التواجد مع الثمانية الكبار".
ولم تكن طريقة لعب المنتخب الروسي، التي تعتمد على سلاح الهجمات المرتدة من خلال اللاعب السريع دينيس تشيريشيف والمهاجم أرتيم دزيوبا، تتسم بالجمال دائما، خاصة في مباراة الفريق أمام إسبانيا، التي شهدت لجوء أصحاب الأرض إلى الدفاع لأكثر من 90 دقيقة.
ورغم أن الفريق أظهر بعضا من النزعة الهجومية أمام كرواتيا، لكن تشيرتشوف اعترف بأن الحظ أدار ظهره للمنتخب الروسي في اللقاء، لينهي مشواره في البطولة في وقت أسرع مما كان يفكر فيه ويخطط له.
وأوضح مدرب روسيا "النتيجة ليست سيئة، لكننا نشعر بأننا مثل المجندين الذين تم تسريحهم مبكرا. كان من الأفضل أن نبقى هناك حتى 15 تموز/يوليو الحالي (موعد المباراة النهائية)".
ولم يرد تشيرتشوف على سؤال حول مستقبله مع المنتخب الروسي، لكنه قال إن فريقه ساعد في تحقيق النجاح الشامل لكأس العالم.
وأكد تشيرتشوف "تم تنظيم هذا المونديال بأفضل طريقة ممكنة، كنا مستضيفين جيدين للغاية من الناحية الكروية والتنظيمية".