مجدي حسونة

تواصل القارة العجوز هيمنتها على كأس العالم بعد أن ذهب اللقب لأوروبا في آخر 3 نسخ من البطولة، إذ فاز المنتخب الإيطالي 2006 بالكأس حينها، ثم تبعه المنتخب الإسباني في 2010، ونجح المنتخب الألماني في التتويج بالمونديال عام 2014 على أرض السامبا البرازيلية.

وتمكنت المنتخبات الأوروبية مجدداً من إقصاء منتخبات أمريكا الجنوبية بعد خروج الأرجنتين والأوروغواي وآخرهم البرازيل، ليكون لقب كأس العالم ملكاً لأوروبا بعد صعود منتخبات فرنسا وبلجيكا وإنجلترا وكرواتيا إلى الدور نصف النهائي، لتسيطر القارة الأوروبية على لقب كأس العالم لمدة 16 عاماً كأطول فترة تسيطر فيها قارة على الكأس الذهبية.

ولتضيف لقباً جديداً إلى القارة بحصولها على 12 لقباً مقابل حصول المنتخبات اللاتينية على 9 ألقاب.

وأحرز كل من المنتخبين الألماني والإيطالي اللقب للقارة الأوروبية 4 مرات، فيما توجت منتخبات إسبانيا وفرنسا وإنجلترا بواقع لقب واحد لكل منتخب، وفي قارة أمريكا الجنوبية توج المنتخب البرازيلي باللقب 5 مرات مقابل لقبين لكل من الأوروغواي والأرجنتين.

وشهدت الحقبة اللاتينية تراجعاً كبيراً على مستوى نتائج كأس العالم منذ عام 2002، إذ لم يتواجد طرف لاتيني إلا مرة واحدة فقط في نهائي البطولة عام 2014 عندما لعبت الأرجنتين ضد ألمانيا وخسرت المباراة بهدف نظيف، وأمام هذا التراجع اللاتيني والصعود الأوروبي لا بد أن تكون هناك أسباب للتراجع وأسباب للنجاح، ومنها أول هذه الأسباب أن أوروبا كانت تمتلك العقل وأمريكا الجنوبية تمتلك المهارة.

والآن أوروبا تمتلك كلا العنصرين وأيضاً التطوير والاستثمار باللاعبين في سن صغيرة وإكسابهم الخبرات وتطوير مهاراتهم.

أما القارة اللاتينية لم تتطور ولم تغير من شكلها، فقط اعتمدت على مهارات لاعبيها وهي الآن بحاجة إلى الكثير لتصل إلى العقلية الأوروبية، ولكن حدث وتراجعت الكرة الأوروبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة ولكن سرعان ما تداركت الموقف وتغيرت الأرقام لصالحها، ففي مونديال 2010 صعدت 3 منتخبات أوروبية إلى الدور ربع النهائي، وفي مونديال 2014 ارتفع العدد إلى 4 منتخبات، والآن في مونديال روسيا صعدت 6 منتخبات.

ومن ضمن الأسباب، أن القارة الأوروبية جمعت بين المهارات اللاتينية وأمزجتها مع القوة الجسمانية الأوروبية ودمجتها مع اللعب الجماعي وعدم اعتمادها على النجم الأوحد والانضباط المعهودة عليه أوروبا والتكتيك، وكذلك قوة الدوريات الأوروبية والمدارس الأوروبية المختلفة، كذلك الاهتمام الأوروبي بالفئات السنية، أما أمريكا الجنوبية فمازالت تلعب بلعبها القديم بالاعتماد على النجم الأوحد في كل منتخب.

بالإضافة إلى أن النضج التكتيكي والالتزام الخططي في المباراة هو عنصر هام جداً والمهارة لم تعد هي العامل المرجح الوحيد، والكرة الحديثة أصبحت صناعة تحتاج لمقومات بدنية وفنية وتكنولوجية وتسويقية، وهذا يفسر لنا التراجع الكبير في نتائج فرق أمريكا اللاتينية مع وجود بعض الطفرات كنسخة البرازيل 2002 التي جمعت بين المهارة والالتزام التكتيكي، ومن بعدها انتقلت الهيمنة المطلقة لأوروبا حتى وقتنا هذا.