رؤية وتحليل - أحمد عطا
انتهت مباريات شهر أغسطس في الدوريات الكبرى، وهي المباريات التي شهدت شكلاً جديداً لبعض الفرق سواء مع نفس المدربين الذين قادوهم في المواسم الماضية أو بمدربين جدد وربما لاعبين جدد كذلك.
في هذا الموضوع نناقش لمحات تكتيكية متفرقة رصدناها من ملاعب الكرة الأوروبية هذا الشهر.
***
كانتي ومركز جديد
وصل ماوريتسيو سارّي إلى سدة الحكم في تشيلسي ولم يستطع اقتناص أي لاعب من نابولي إلا ولده المفضّل جورجينيو وذلك لسابق اتفاق بين إدارة الناديين يقضي بعدم انتداب أي لاعب آخر وهو كان شرط نابولي للتخلي عن سارّي لصالح قلعة البلوز اللندنية.
جورجينيو جلب معه مفهوم الريجستا الإيطالي والذي كان أبرز لاعبيه أندريا بيرلو حيث يكون آخر لاعبي الوسط الدفاعي هو لاعب مبدع قادر على رؤية الملعب وكشفه وإرسال الكرات القطرية في مناطق مؤثرة من الملعب.
ربما يكون هذا هو السبب الذي جعل ساري يخترع مركزاً جديداً لنجولو كانتي أو ربما لملاحظته قدرة الدولي الفرنسي العظيمة على الانطلاق والارتداد على حدٍ سواء.
لذلك شاهدنا كانتي يلعب كلاعب وسط أيمن في طريقة 4/3/3 ولا يكتفي بالتمرير في منتصف الملعب ومساعدة جورجينيو في مهام توزيع اللعب بل أصبحنا نشاهد كانتي يحمل لواء القادمين من الخلف ويتلقى التمريرات الساقطة خلف الدفاعات وكأنه مهاجم خطير!
ساري كان يعلم كذلك أن مثل هذه الأشياء لن تؤثر على كانتي دفاعيا بل سيرتد بسرعة لمساندة جورجينيو وكأنه ماكينة لا تهدأ.
كل هذا يأتي ضمن تحولات كثيرة يقوم بها ماوريتسيو سارّي مع تشيلسي في رحلته لتحويل أسلوب لعب هذا الفريق بشكل جذري بعد فترة مختلفة كليا رفقة جوزيه مورينيو وأنتونيو كونتي.
***
سيميوني يتغير؟
حسناً، إذا كان ما يفعله ساري يتوقع أن يكون مستمرا طيلة الموسم مع كانتي، فإن ما فعله سيميوني في أغسطس ليس مؤكدا استمراره ألا وهو فكرة الجناح الوهمي.
سيميوني استقدم توماس ليمار هذا الصيف ليتمكن أخيراً من جلب جناح قادر على كل شيء. فمع كامل الاحترام لموسم أدريان كوريا ولعطاءات يانيك كاراسكو قبل مغادرته، إلا أن ثمة شيئاً ما كان ينقص الاثنين دائماً، فكوريا لا يمتلك شخصية اللاعب الكبير الذي يستطيع إبقاء الكرة بين أقدامه كثيراً بينما كاراسكو لا يستطيع الدفاع تقريباً ويا لها من جريمة في فريق مثل أتلتيكو مدريد.
ولأن ليمار يستطيع عمل هذين الشيئين السابق ذكرهما بالإضافة إلى مزايا الجناح الكلاسيكي كان بالضرورة سيلعب أساسياً في الأتليتي، لكن سيميوني كان يدخر المزيد.
إذ شاهدنا ليمار -ومعه كوريا أحياناً- يقومان باللعب في مركز يجوز إطلاق مصطلح الجناح الوهمي عليه، حيث يبدأ اللاعب الهجمة على الخط لكنه لا يلتزم أبداً به حتى عندما لا تصله الكرة بل يحول الطريقة من 4/4/2 صريحة إلى ما يشبه 4/2/2/2 ليتحول الأتليتي إلى فريق يمتلك صانعي ألعاب متقدمين في عمق الملعب خاصة على جبهة ليمار الذي يصبح لاعب وسط أكثر منه جناح.
هذه أشياء لم نكن نشاهدها مع سيميوني الذي كان يلزم أجنحته بالخط إلى حدٍ خانق كبير ربما لضمان عودة الجناح بسرعة إلى مركزه دفاعياً وكذلك لأنه لم يكن يبالغ في خروج الظهير إلى الهجوم دون اكتمال عملية المحاصرة.
لكننا بتنا نشاهد أظهرة الأتليتي أكثر حرية! وبتنا نشاهد الأتليتي يكرر المحاصرة للمنافسين بشكل أكبر، وهذا الأمر لم يحدث أمام فرق عادية بل إن اثنتين من المباريات الرسمية الثلاثة التي خاضها الأتليتي هذا الموسم حتى الآن كانتا أمام ريال مدريد وفالنسيا!
عملية المحاصرة تزامنت مع تحركات ليمار أو كوريا أو كلاهما أحياناً لنرى شكلاً جديداً لأتليتي سيميوني.
***
ميلان ولعبة مكررة ذكية
رغم سقوطه في سان باولو بسيناريو مزعج لعشاقه عقب التقدم بهدفين نظيفين، إلا أن ميلان لم يكن كارثيا في هذه المباراة، بل شاهدنا الفريق متحسناً جداً في عملية بناء اللعب وامتلاك الكرة وعدم التأثر بضغط فريق شرس جداً في عملية الضغط كنابولي.
لكن ما لفت النظر هذه المرة هو تكرار إحدى اللعبات لأكثر من مرة في المباراة حتى إن تلك اللعبة نتج عنها تسجيل هدفي فريق جينّارو جاتوسو وضاعت ثالثة أخرى.
الفكرة تتمحور حول تركيز اللعب في جانب ثم إرسال الكرة قطرية دقيقة إلى جناح الفريق الذي يهيئ الكرة للقادم من الخلف على الجانب الأيمن داخل منطقة الجزاء.
في الحالة الأولى كان القادم هو بونافنتورا الذي أرسل الكرة قذيفة في مرمى أوسبينا الذي فشل أمام القادم الآخر كالابريا في لقطة الهدف الثاني بعدما اختار ظهير ميلان التسديد الأرضي هذه المرة.
جاتوسو اعتمد في تلك العملية المكررة على أن جناحي نابولي لا يدافعان بقوة خاصة إنسينيي، وبينما وسط الفريق منشغل باللعب في الجانب الآخر من الملعب، يمكن المراهنة على تغيير اللعب بسرعة لا يسمح بتفادي الأمر من جانب لاعبي نابولي خاصة أن مدرب ميلان كان يدرك أن هامشيك في مركزه الجديد في نابولي لن يكون بمقدوره اللحاق بذاك النسق السريع للكرة.
- ترى ماذا يحمل لنا سبتمبر من لقطات تكتيكية ذكية من المدربين؟
{{ article.visit_count }}
انتهت مباريات شهر أغسطس في الدوريات الكبرى، وهي المباريات التي شهدت شكلاً جديداً لبعض الفرق سواء مع نفس المدربين الذين قادوهم في المواسم الماضية أو بمدربين جدد وربما لاعبين جدد كذلك.
في هذا الموضوع نناقش لمحات تكتيكية متفرقة رصدناها من ملاعب الكرة الأوروبية هذا الشهر.
***
كانتي ومركز جديد
وصل ماوريتسيو سارّي إلى سدة الحكم في تشيلسي ولم يستطع اقتناص أي لاعب من نابولي إلا ولده المفضّل جورجينيو وذلك لسابق اتفاق بين إدارة الناديين يقضي بعدم انتداب أي لاعب آخر وهو كان شرط نابولي للتخلي عن سارّي لصالح قلعة البلوز اللندنية.
جورجينيو جلب معه مفهوم الريجستا الإيطالي والذي كان أبرز لاعبيه أندريا بيرلو حيث يكون آخر لاعبي الوسط الدفاعي هو لاعب مبدع قادر على رؤية الملعب وكشفه وإرسال الكرات القطرية في مناطق مؤثرة من الملعب.
ربما يكون هذا هو السبب الذي جعل ساري يخترع مركزاً جديداً لنجولو كانتي أو ربما لملاحظته قدرة الدولي الفرنسي العظيمة على الانطلاق والارتداد على حدٍ سواء.
لذلك شاهدنا كانتي يلعب كلاعب وسط أيمن في طريقة 4/3/3 ولا يكتفي بالتمرير في منتصف الملعب ومساعدة جورجينيو في مهام توزيع اللعب بل أصبحنا نشاهد كانتي يحمل لواء القادمين من الخلف ويتلقى التمريرات الساقطة خلف الدفاعات وكأنه مهاجم خطير!
ساري كان يعلم كذلك أن مثل هذه الأشياء لن تؤثر على كانتي دفاعيا بل سيرتد بسرعة لمساندة جورجينيو وكأنه ماكينة لا تهدأ.
كل هذا يأتي ضمن تحولات كثيرة يقوم بها ماوريتسيو سارّي مع تشيلسي في رحلته لتحويل أسلوب لعب هذا الفريق بشكل جذري بعد فترة مختلفة كليا رفقة جوزيه مورينيو وأنتونيو كونتي.
***
سيميوني يتغير؟
حسناً، إذا كان ما يفعله ساري يتوقع أن يكون مستمرا طيلة الموسم مع كانتي، فإن ما فعله سيميوني في أغسطس ليس مؤكدا استمراره ألا وهو فكرة الجناح الوهمي.
سيميوني استقدم توماس ليمار هذا الصيف ليتمكن أخيراً من جلب جناح قادر على كل شيء. فمع كامل الاحترام لموسم أدريان كوريا ولعطاءات يانيك كاراسكو قبل مغادرته، إلا أن ثمة شيئاً ما كان ينقص الاثنين دائماً، فكوريا لا يمتلك شخصية اللاعب الكبير الذي يستطيع إبقاء الكرة بين أقدامه كثيراً بينما كاراسكو لا يستطيع الدفاع تقريباً ويا لها من جريمة في فريق مثل أتلتيكو مدريد.
ولأن ليمار يستطيع عمل هذين الشيئين السابق ذكرهما بالإضافة إلى مزايا الجناح الكلاسيكي كان بالضرورة سيلعب أساسياً في الأتليتي، لكن سيميوني كان يدخر المزيد.
إذ شاهدنا ليمار -ومعه كوريا أحياناً- يقومان باللعب في مركز يجوز إطلاق مصطلح الجناح الوهمي عليه، حيث يبدأ اللاعب الهجمة على الخط لكنه لا يلتزم أبداً به حتى عندما لا تصله الكرة بل يحول الطريقة من 4/4/2 صريحة إلى ما يشبه 4/2/2/2 ليتحول الأتليتي إلى فريق يمتلك صانعي ألعاب متقدمين في عمق الملعب خاصة على جبهة ليمار الذي يصبح لاعب وسط أكثر منه جناح.
هذه أشياء لم نكن نشاهدها مع سيميوني الذي كان يلزم أجنحته بالخط إلى حدٍ خانق كبير ربما لضمان عودة الجناح بسرعة إلى مركزه دفاعياً وكذلك لأنه لم يكن يبالغ في خروج الظهير إلى الهجوم دون اكتمال عملية المحاصرة.
لكننا بتنا نشاهد أظهرة الأتليتي أكثر حرية! وبتنا نشاهد الأتليتي يكرر المحاصرة للمنافسين بشكل أكبر، وهذا الأمر لم يحدث أمام فرق عادية بل إن اثنتين من المباريات الرسمية الثلاثة التي خاضها الأتليتي هذا الموسم حتى الآن كانتا أمام ريال مدريد وفالنسيا!
عملية المحاصرة تزامنت مع تحركات ليمار أو كوريا أو كلاهما أحياناً لنرى شكلاً جديداً لأتليتي سيميوني.
***
ميلان ولعبة مكررة ذكية
رغم سقوطه في سان باولو بسيناريو مزعج لعشاقه عقب التقدم بهدفين نظيفين، إلا أن ميلان لم يكن كارثيا في هذه المباراة، بل شاهدنا الفريق متحسناً جداً في عملية بناء اللعب وامتلاك الكرة وعدم التأثر بضغط فريق شرس جداً في عملية الضغط كنابولي.
لكن ما لفت النظر هذه المرة هو تكرار إحدى اللعبات لأكثر من مرة في المباراة حتى إن تلك اللعبة نتج عنها تسجيل هدفي فريق جينّارو جاتوسو وضاعت ثالثة أخرى.
الفكرة تتمحور حول تركيز اللعب في جانب ثم إرسال الكرة قطرية دقيقة إلى جناح الفريق الذي يهيئ الكرة للقادم من الخلف على الجانب الأيمن داخل منطقة الجزاء.
في الحالة الأولى كان القادم هو بونافنتورا الذي أرسل الكرة قذيفة في مرمى أوسبينا الذي فشل أمام القادم الآخر كالابريا في لقطة الهدف الثاني بعدما اختار ظهير ميلان التسديد الأرضي هذه المرة.
جاتوسو اعتمد في تلك العملية المكررة على أن جناحي نابولي لا يدافعان بقوة خاصة إنسينيي، وبينما وسط الفريق منشغل باللعب في الجانب الآخر من الملعب، يمكن المراهنة على تغيير اللعب بسرعة لا يسمح بتفادي الأمر من جانب لاعبي نابولي خاصة أن مدرب ميلان كان يدرك أن هامشيك في مركزه الجديد في نابولي لن يكون بمقدوره اللحاق بذاك النسق السريع للكرة.
- ترى ماذا يحمل لنا سبتمبر من لقطات تكتيكية ذكية من المدربين؟