يوسف ألبي

تعتبر أغلب دول شرق أوروبا فقيرة ومتراجعة في بعض المجالات مقارنة مع باقي الدول في القارة العجوز، ولكن في المقابل هذه الدول أمتعتنا في الجانب الرياضي وبالتحديد في عالم المستديرة، فقد أنجبت لنا مجموعة من اللاعبين البعض منهم ذوو جودة عالية وآخرون يستحقون أن نطلق عليهم لقب «أسطورة»، فما حققوه وصنعوه في عالم كرة القدم ليس بالأمر السهل إطلاقاً.

فبداية سيكون حديثنا عن الاتحاد السوفياتي الدولة العظيمة التي تفككت مطلع التسعينات وأصبحت فيما بعد عدة دول والوريثة الحالية لها هي روسيا، ففي المونديال كان أبرز إنجاز لها المركز الرابع في نسخة 1966، كما حققت الأولمبياد مرتين عامي 1956 و 1988 ويورو 1960، ولا شك أن أبرز اللاعبين السوفييت ليف ياشين الحارس الوحيد الذي فاز بالكرة الذهبية وغيرها من الجوائز الفردية، ومن بعده اوليغ بلوخين وإيغور بيلانوف وكلاهما أيضاً حقق الكرة الذهبية، وفيكتور بوندلنيك صاحب هدف الفوز بكأس الأمم الأوروبية وفالنتين إيفانوف هداف مونديال 1962 مناصفة مع عدة لاعبين، وغيرهم من لاعبي الزمن الذهبي للكرة السوفييتية.

والجميع يعلم بالمنتخب المجري الذي مر بحقبات تاريخية وحفر اسمه بأحرف من ذهب في السجلات الكروية، حيث نال الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولومبية ثلاث مرات أعوام 1952 و1964 و1968 وحصل على المركز الثاني في بطولتي كأس العالم 1938، و1954، ويعد أفضل إنجاز لها في اليورو الحصول على المركز الرابع نسخة 1972، وتعتبر فترة الخمسينات والستينات هي الفترة الأكثر كمالاً للكرة المجرية التي أرعبت الخصوم أنذاك حيث لقب منتخبها بأسياد العالم، ومن أفضل لاعبيها الأسطورة بوشكاش وهيديكوتي وكوشتيش وفلوريان ألبرت الذي حقق لقب الكرة الذهبية في الستينات من القرن الماضي وغيرهم من اللاعبين المجريين.

بعد أنقسام تشيكوسلوفاكيا أصبحت التشيك الوريثة الشرعية لها، فقبل الانقسام احتلت تشيكوسلوفاكيا المركز الثاني في كأس العالم مرتين عامي 1934 و1962، حيث خسرت النهائي أمام القوتين الكبيرتين إيطاليا والبرازيل، ولكن على الطرف الأخر تمكنت من الظفر ببطولتين كأس أمم أوروبا و دورة الألعاب الأولومبية عامي 1976 و 1980، وبعد الانقسام نالت التشيك وصافة يورو 1996 بعد خسارتها أمام ألمانيا بالهدف الذهبي ونصف نهائي البطولة ذاتها عام 2004 كما تأهلت لكأس العالم 2006 للمرة الأولى بعد الانقسام، وأنجبت لنا هذه الدولة قبل وبعد الانقسام مجموعة من اللاعبين وعلى رأسهم جوسيف ماسوبست الذي نال الكرة الذهبية عام 1962 وأنتونين بانيكا وإيفو فيكتور، مروراً بنيدفيد الحاصل على الكرة الذهبية في 2003 وبوبورسكي وباتريك بيرغر و باروش والعملاق كولر والحارس بيتر تشيك وهم أفضل من مثلوا التشيك في المحافل الدولية.

لا خلاف أن كرواتيا من أصعب المنتخبات في البطولات الرسمية، حيث دائماً ماتكون صعبة المراس بل وتفوقت على كبرى المنتخبات مثل ألمانيا وإيطاليا والأرجنتين وإنجلترا وإسبانيا وهولندا وغيرها من المنتخبات، فقد حققت برونزية وفضية مونديالي 1998 و2018، فضلاً لتأهلها عدة مرات للأدوار الإقصائية في اليورو، كما أن كرواتيا ولادة للمواهب والنجوم، ففي فترة التسعينات هناك الكبير سوكر و بوبان وروبرت بروسينيتشكي، وبعدهم أوليتش ومودريتش و راكيتيتش وماندزوكيتش و بيريسيتش، وغيرهم من اللاعبين اللذين صنعوا أمجاد الكرة الكرواتية.

وهناك بلغاريا ورومانيا اللذان تألقا بشكل ملفت للأنظار في فترة التسعينات حتى مطلع الألفية، فمع الأول ظهر الأسطورة خريستو ستويتشكوف الذي قاد منتخب بلاده لتحقيق المركز الرابع في مونديال أمريكا 1994 في مفاجأة مدوية أنذاك، حيث حققت بلغاريا انتصارات تاريخية على ألمانيا (حاملة اللقب) والأرجنتين والمكسيك، وحصد ستويتشكوف على لقب هداف البطولة ذاتها مناصفة مع الروسي سالينكو، ناهيك حصوله في نفس العالم على الكرة الذهبية، ومع الثاني لايمكن نسيان جورجي هاجي ومافعله مع الرومان، حيث قاد اللاعب الملقب بــ»مارادونا البلقان» منتخب بلاده للمشاركة في خمس بطولات كبرى، منها ثلاثة في كأس العالم أعوام 1990 و1994 و1998، ومرتين في أمم أوروبا 1996 و2000 وتأهل للأدوار الإقصائية في أربعة منها، ويعود الفضل الأكبر في ذلك لجورجي هاجي.

ومع اليونان المنتخب «المغمور» الذي حقق إحدى أكبر المفاجآت في التاريخ، عندما فاز بلقب اليورو عام 2004 للمرة الأولى في تاريخه بقيادة المدرب الألماني المخضرم ريهاغل، حيث شاهدنا بروز أكثر من نجم أغريقي لا يمكن نسيانهم مثل خريستياس صاحب هدف التتويج في مرمى البرتغال و ترايانوس وسيتاريديس وزاجوراكيس و كاراغونيس، وكان أغلب هؤلاء ضمن تشكيلة اللاعبين الأفضل في البطولة.

كما رأينا مجموعة من اللاعبين مع منتخبات متفرقة، فمع بولندا هناك زبيني بونييك و ليفاندوفسكي اللاعب الحالي لبايرن ميونيخ الألماني، ومع أوكرانيا المهاجم الشهير شيفشينكو الفائز بجائزة الكرة الذهبية موسم 2004، ومع صربيا دراغان ستويكوفتش ومياتوفيتش وستانكوفيتش و ميلوسيفيتش وألكسندر كولاروف وماتيتش، ومع سلوفاكيا هامسيك الهداف التاريخي لنابولي الإيطالي ومع البوسنة والهرسك دجيكو و بيانيتش وغيرهم من لاعبي شرق أوروبا السابقين والحاليين، الذين صنعوا التاريخ لأنديتهم ومنتخباتهم.