محمد الدرويش

تحيط أجواء من الدراما كرة القدم العالمية خلال فترات متقطعة من الموسم الكروي، ويرجع ذلك إلى عددٍ من المباريات ينتظرها الجماهير دائماً على أحر من الجمر، ولعل أبرز هذه المباريات تأخذ طابعاً عدوانياً يستمر إلى ما لا نهاية نتيجة لعددٍ من الصراعات، فما هي أشهر هذه المباريات وما أسباب العداء فيها؟

السوبر كلاسيكو: ريفربلايت × بوكا جونيورز

يطلق على هذه المباراة اسم «السوبر كلاسيكو» حيث نشأ مصطلح وتعبير «كلاسيكو» في الأرجنتين رسمياً وتم تصديره فيما بعد للدوريات الأخرى الأوروبية كانت أم اللاتينية، وتعرف هذه المباراة بأنها من أكثر المباريات التي تحدث فيها أعمال العنف والشغب المؤدية أحياناً إلى الموت بين الجماهير لطبيعة وحدة المنافسة بين الفريقين.

ويعود أصل العداء بين الناديين إلى صراع طبقي، حيث يمثل ريفربلايت طبقة الأغنياء في الأرجنتين أما بوكا جونيورز فهو نادي الفقراء والذي تأسس على يد مجموعة من المهاجرين الإيطاليين، وبدأت المنافسة الحقيقية بينهما منذ أول مباراة رسمية في أغسطس من العام 1913 والتي انتهت بفوز الريفر على البوكا بنتيجة هدفين لهدف.

وازداد العداء تحديداً منذ عام 1968 في الحادثة الشهيرة التي حصلت بين جماهير الناديين والتي أوقعت 71 قتيلاً وأكثر من 150 جريحاً ويزعم البعض أن الكارثة قد حصلت بسبب إحراق جماهير بوكا جونيورز لأعلام فريق ريفربلايت والبعض الآخر رجح تلك المشكلة لتوجه مشجعي ريفربلايت لمدرجات جمهور بوكا جونيورز وإرهابهم، وكان المعدل الأكبر من الضحايا لفتية مراهقين لم تتجاوز أو تتخطى أعمارهم آنذاك حاجز التسعة عشر عاماً في واحدة من أفظع الأحداث المأساوية في تاريخ كرة القدم الأرجنتينة.

واعتبرت مجلة فور فور تو الشهيرة هذه المباراة بأنها الكلاسيكو الأعظم في العالم ووضعته صحيفة ديلي تلغراف كأكبر مباراة بين ناديين في التاريخ وصنفت صحيفة ديلي ميرور طرفي هذه المباراة على رأس أفضل 50 فريق في العالم متجاوزين ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين.

كلاسيكو الأرض: ريال مدريد × برشلونة

الكلاسيكو الأشهر والأكثر شعبية في العالم، ويعود أصل هذا الصراع لغايات سياسية حيث ينظر لريال مدريد على أنه ممثلاً للقومية الإسبانية فيما يعتبر برشلونة نفسه ممثلاً عن القومية الكتالونية الأمر الذي خالف الميول المركزية في العاصمة الإسبانية مدريد، وبدأت بعدها عمليات الاضطهاد ضد الكتالونيين حيث ألقى فرانسيسكو فرانكو خلال تلك الفترة القبض على رئيس البلوغرانا جوزيف صنيول عضو اليسار الجمهوري من كتالونيا وتم إعدامه دون محاكمة من قبل قوات فرانكو وتواصلت بعدها الأحكام الديكتاتورية على الكتالونيين من قبل فرانكو ومن تبعه.

إضافة إلى ذلك فقد شكلت مجموعات الشغب التي تم تأسيسها من قبل الألتراس الخاص بالناديين في ثمانينيات القرن الماضي عاملاً آخراً للعداء في ظل سلسلة من الأعمال العنيفة التي حصلت بينهما خلال تلك الفترة.

وبدأ الصراع يتجه نحو منحى رياضي بعد أن تمكن الملكي المدريدي من التوقيع مع دي ستيفانو في فترة كان برشلونة يحلم بالتعاقد معه فيها بعد قضيةٍ شائكة أحدثت شرخاً آخر في العلاقة بين الناديين.

عدا ذلك شكلت قضية انتقال الأسطورة البرتغالية لويس فيغو من النادي الكتالوني للميرينغي واحدة من أكثر قصص الميركاتو إثارة وشهرةً إذ عرف فيغو من بعدها بين جماهير البارسا بـ «الخائن» وهوجم من قبل الألتراس الكتالوني عن طريق إلقاء السكاكين وزجاجات الويسكي من المدرجات إضافة إلى رأس الخنزير حين محاولته تنفيذ إحدى الركنيات في أول كلاسيكو له بقميص ريال مدريد عام 2002 واضطر الحكم حينها لإيقاف المباراة بسبب الفوضى العارمة والغضب الشديد لجماهير النادي الكتالوني وصافرات الاستهجان التي طغت على الملعب، وكانت مدة الإيقاف تقارب الإثني عشر دقيقة.

وقد صنفت مجلة فوربس ناديي ريال مدريد وبرشلونة كأكثر الفرق الرياضية قيمة في العالم، وزاد طبيعة المنافسة والصراع بينهما الشعبية العالمية والقاعدة الجماهيرية الكبيرة لكل منهما.

كلاسيكو إنجلترا: ليفربول × مانشستر يونايتد

يرجع جذر هذا التنافس إلى طبيعة المنافسة بين أشهر مدينتين في إنجلترا لإثبات تفوق كل منهما على الأخرى، حيث تعتبر مدينة ليفربول من أفضل المدن الإنجليزية وأكثرها جمالية لإطلالتها على ميناءٍ بحري، فيما عرفت مدينة ماشستر بصناعاتها المحلية المميزة.

وفي ظل هذا الصراع ، نشأ بينهما تنافس على صعيد كرة القدم أيضاً لإثبات الأفضلية، ويتفوق الشياطين الحمر على الريدز بفارق طفيف من حيث عدد الألقاب المحلية إلا أن ليفربول يبدو الأكثر ضرباً وأشهر سمعةً على الصعيد الأوروبي كونه يتفوق على المان يونايتد من هذه الناحية ومازال الصراع بين الناديين جارياً لإثبات أحقيتهما بزعامة وسيادة بريطانيا رغم ظهور بعبع قد يطيح بهما خلال المستقبل البعيد هو قطب مدينة مانشستر الآخر نادي مانشستر سيتي .

كلاسيكو المانيا : بايرن ميونيخ × بوروسيا دورتموند

يعتبر ناديا بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند الأكثر نجاحاً على الصعيد المحلي منذ تأسيس البوندسليغا، وأصبح الصراع رسمياً بين الفريقين منذ أن تمكن دورتموند من أن يكون أول نادٍ ألماني يحقق لقب أوروبي بعد فوزه بلقب كأس أوروبا عام 1965 ثم فاز العملاق البافاري بنفس اللقب في العام التالي .

ولعل أكبر انتصارٍ لبايرن في البوندسليغا والذي جاء على حساب دورتموند بأحد عشر هدفاً لهدف والذي وضع في تاريخ أسود الفيستيفال كثاني أسوأ هزيمة لهم بالدوري الألماني هو ما يعطي النادي الأصفر رغبة دائمة بمقارعة البايرن والتفوق عليهم لإثبات إنهم قادرين على أن يكونوا الند للند بالنسبة للعملاق البافاري.

ونما التنافس أكثر وأكثر خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي بعد أن فاز دورتموند باللقب مرتين على التوالي ساحباً البساط من تحت عملاق العاصمة ميونخ موسمي 1994-1995 و1995-1996 وبعدها بموسم واحد فقط توج دورتموند بلقب دوري أبطال أوروبا على أرضية الملعب الأولمبي في ميونخ بعد التفوق على يوفنتوس بثلاثة أهداف لهدف.

وكبر العداء وعظم خلال المواسم الستة الأخيرة في ظل هيمنة شبه مطلقة لبايرين ميونيخ على منافسات الدوري المحلي ومقارعته من قبل دورتموند عدا حرمان بايرن ميونخ بروسيا دورتموند من لقب دوري أبطال أوروبا عام 2013 والذي توّج به البايرن بفوز مستحق على دورتموند بهدف قاتل من آريين روبين.