أحمد عطا

لم يحصد أحد أكثر من 11 نقطة في أول 5 جولات من الليغا والتي تنطلق جولتها السادسة اليوم بثلاثة لقاءات أهمها برشلونة وفياريال.

حامل اللقب برشلونة تعرض لهزيمة جديدة أمام غرناطة بعد هزيمته الأولى في افتتاح المسابقة أمام أتلتيك بلباو ليستمر الفريق عاجزاً عن تحقيق الفوز خارج الديار مكتفيًا بنقطة واحدة من أصل 3 مباريات.

مع سوق انتقالات مقبول كان ينتظر أن تكون انطلاقة برشلونة أفضل من تلك الانطلاقة التي تعد الأسوأ للفريق منذ أكثر من عقد، لكن مع غياب ميسي منقذ فالفيردي في الكثير من المواعيد الموسمين الماضيين والتخبطات الكثيرة في التشكيل وفي مستوى بعض اللاعبين كان البلاوجرانا يرى نفسه غير قادر على ملاحقة غرناطة الصاعد حديثًا لدوري الأضواء.

حتى في دوري الأبطال كان برشلونة يعاني الأسبوع الماضي في نصف ساعة أخيرة جحيمية عليه داخل ملعب سيجنال إدونا بارك أمام بروسيا دورتموند ولم ينقذه سوى تدخلات عظيمة لمارك أندريه تير شتيجن.

مشكلة برشلونة تبدأ من المكان الذي تبدأ فيه عظمته التي صنعها في العقدين الماضيين.. من خط المنتصف.. كيف هذا وقد بات كثيرون راضين عن ثلاثية دي يونج وأرتور وبوسكيتس؟ في الواقع هم يستحقوا الرضا إلى حدٍ ما لكن هناك مشكلة كبيرة تخص هذا الثلاثي ألا وهو سوء الارتداد.

برشلونة لم يكن أبداً فريقاً يشتهر بقوة دفاعه حتى في عصور أخرى امتلك فيها مدافعين أفضل.. البرسا كان يستمد أرقامه الدفاعية المميزة أحيانًا من خلال تطبيق تكتيك إيقاف الهجمة قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة وهو التطبيق الذي اشتهر به برسا جوارديولا.. هذه أشياء من الخيال العلمي في الوقت الحالي لكن للأمانة لم يكن فالفيردي أول من تخلى عنه بل تراجعت كفاءته مع مرور السنوات حتى صار نادر الحدوث.

يتبقى لديك إيقاف الهجمة المرتدة من خلال سرعة الارتداد وهو المشكلة الكبيرة لوسط برشلونة في رأيي.. بوسكيتس لم يعد ذاك اللاعب القادر على حرث الملعب حرثًا بينما دي يونج مايزال في هذا الصدد يلعب بعقلية أياكس وهو البحث عن إيقاف الكرة قبل صعودها للأمام مما يجعله في وضعية لا تسمع له بالعودة للخلف بسرعة رغم سرعته عمومًا.. هذا ليس عيبًا في حد ذاته لكن طالما تحاول تطبيقه دون أن يساعدك الآخرين (لأنهم ليسوا جاهزين لذلك أو لا ينوي مدربهم اللعب بهذا الشكل) فأنت لا تفعل شيئًا سوى أنك تجعل فريقك يخسر لاعبًا في الهجمة المرتدة.

وحتى تنتهي تلك المعركة الخفية بين أسلوب دي يونج وأسلوب فالفيردي يبدو وأن هذا الفتى بالمصري "مش هيجيبها البر" بعد أن قام بالإعجاب بمنشور على انستغرام ينتقد طريقة التعامل مع المباراة قبل أن يحذف هذا الإعجاب، لكن حتى تنتهي تلك المعركة سيبقى الضغط وحدك انتحاراً لا لزوم له وعليه تجنبه.

أما أرتور فرغم جودته في التمرير والتحكم في النسق إلا أنه يفتقد للسرعة، وحتى يخترع العلم طريقة لتحويل جذري في سرعة معشر الإنسان فإن البرازيلي سيبقى بطيئًا إلى حدٍ ما في مسألة الارتداد بسرعة للخلف.

بالطبع تفاقمت المشاكل في لقاء غرناطة بعد أن اشترك سيرجي روبيرتو المستمر في تلقي وصف "لاعب صاعد" رغم اقترابه من عامه الـ28، بينما كان إيفان راكيتيتش قليل الحيلة دفاعاً وهجوماً تاركين فرينكي دي يونج وحيداً يحاول صنع شيء من لا شيء.

ورغم تحسن المستوى مع اشتراك ميسي وأنسو فاتي إلا أنه ظهر واضحاً وأن برشلونة لا يحتاج فقط لاختيار من يلعب في الخطوط الأمامية بل لضبط عقلية اللاعبين بما يتناسب مع بعضهم البعض ومع أسلوب اللعب.

وللبدء بتحسين مستوى الفريق هجومياً خارج الديار فإنه يجب الانتباه لكم هي مرعبة المساحات بين لاعبي برشلونة أثناء عملية بناء الهجمة. رغم أن البعض قد يصنف فالفيردي كمدرب دفاعي إلا أن الأظهرة تصعد بسرعة أكبر من الكرة وفجأة تجد وأن ثلاثي الوسط يغطون مساحات كبيرة جداً للربط بين مفاصل الفريق.. خليط ما بين الشفقة والإعجاب بالقدرات التمريرية الرائعة لدي يونج وبوسكيتس وأرتور كان يكتنفني خلال لقاء دورتموند كلما أرى أحدهما يخاطر بتمريرة تتخطى لاعباً أو اثنين أملًا في وصولها لزميله البعيد الباحث عن مساحة ما لبدء الغزوة للنصف الآخر من الملعب.

في مدريد كان ريال مدريد أخيراً أفضل حالاً بعدما نجح في انتزاع فوز طال انتظاره في ملعب رامون سانشيز بيثخوان والذي بات عقدة حقيقية للريال في السنوات الأخيرة.

قبلها في باريس ظهر الريال بلا حيلة، حتى عندما خفف باريس من حدة ضغطه في الشوط الثاني لم يتمكن الميرينجي من فرض سيطرته على اللقاء بل فقط باتت المباراة متوازنة.

باريس قدم مباراة هجومية مثالية وكان من السهل أن يرفع النتيجة لولا بعض التراخي، فقد استباح أصحاب الأرض وسط الريال بشكل واضح وعجز كاسيميرو وكروس وخاميس عن إيقاف الاندفاع البدني والفني الكبير لإدريسا جي وفيراتّي واللذين كانا دائمًا يتمتعان بمساندة دي ماريا وسارابيا في العمق تاركين كاربخال ومندي دون لاعب حقيقي لمراقبته، وعندما كان ظهيراً الريال يستعدان لمراقبة بيرنات ومونييه كانا يفاجئان فوراً بعودة دي ماريا وسارابيا إلى الأطراف وخلق جبهة قوية خاصة على الجانب الأيسر وسط غياب كبير لمساندة بيل وهازارد دفاعيًا.

ومع وقوف كورتوا ضيف شرف أمام تسديدتي دي ماريا كان الأمور تذهب بوضوح لصالح باريس سان جيرمان كما هو متوقع من قبل المباراة.

ريال مدريد اعتاد أن تكون بدايته بطيئة في الموسم في السنوات الأخيرة لكن في المعتاد كان يخوض مباراة أولى سهلة في دوري الأبطال لكن حتى لقاء إشبيلية لم يكن الريال قد قدم سوى 3 أشواط جيدة منذ بداية الموسم.. شوطان أمام بلد الوليد وشوط أمام ليفانتي والباقي مرماه معرض فيهم للخطورة على مرماه.

لكن الفريق انتفض في إشبيلية وقدم أداء غير متوقع أبداً بعد أن كان يعد دائماً الطرف الأضعف في زياراته لرامون سانشيز بيثخوان حتى عندما يكون في قوته، لكن كان الأحد الماضي شاهداً على مباراة ممتازة للريال خاصة في الشوط الثاني شبه المثالي والذي لم يتح فيه لإشبيلية حتى شبه فرصة.

أغلب أخطاء مباراة باريس سان جيرمان تم تفاديها وأهمها المسافات الشاسعة بين الخطوط.. ريال مدريد كان قادراً على أن يضيق تلك المسافات بشكل واضح وإلى أقصى درجة ممكنة فصارت تمريرات بانيجا الأنيقة غير ذات جدوى كبيرة بعدما حوصر فرانكو فاسكيز ليصبح المنفذ الوحيد هو خيسوس نافاس لكن الريال من جديد كان قادرًا على إيقافه بالطريقة الكلاسيكية بزيادة عدد اللاعبين دائماً في هذا المكان أكثر من لاعبي إشبيلية لمقاومة مهارات الأندلسي العالية.

وعلى كلٍّ فإن العرضيات (سواء من كرات ثابتة أو متحركة) التي ظفر بها إشبيلية أطاح بها لوك دي يونج الذي استطاع الظفر بأكثر من واحدة لكن دائمًا ما كانت رأسه غير دقيقة على مرمى كورتوا.

كلا الفريقين اتبع في الشوط الأول أسلوباً مشابهاً.. تقديم الدفاع بشدة مع ضعف نسبي في الضغط على الخط الأول للفريق، لذلك شعرنا (أو شعرت على الأقل) أن أي تمريرة ذكية تُلعب للأمام مع لاعب مندفع من الخلف قادرة على إرساله إلى المرمى والمثال سهل للتوضيح مع كرة كارباخال الذي كان تطبيقاً مثالياً للأمر رغم اختلاف الحالة نوعًا ما لأنها أتت من قطع للكرة من كارباخال نفسه.

ليلة سانشيز بيثخوان كذلك كانت مفاجأة سعيدة أن نشاهد كل هذا الانضباط والجودة الدفاعية من توني كروس وخاميس رودريجيز اللذين كانا في منتهى السوء دفاعياً في المباريات السابقة بينما لايزال هازارد يتحسن طريقه مع الفريق رغم التحسن النسبي اليوم إلا أنه حتى الآن بعيد عن مستواه الذي أتى به الريال خصيصاً لأجله.

الخلاصة.. زيدان نجح بشدة في مباراة الأمس التي أعتقد أنها الأفضل للميرينغي هذا الموسم حتى الآن.. أداء ونتيجة يجعلان الفريق يتناسى ما حدث في ليلة باريس والنظر للأمام فيما هو قادم والبداية من لقاء الغد أمام أوساسونا، فهل يعود الريال إلى ما كان عليه؟ أم تصبح مباراة إشبيلية مفترق طرق جديد؟