حققت مملكة البحرين نجاحاً باهراً في بطولة العالم لألعاب القوى السابعة عشرة للرجال والسيدات التي اختتمت مؤخراً بالدوحة، عبر الحصول على 3 ميداليات ملونة من بينها ذهبية تاريخية في سباق 400 متر سيدات أحرزتها العداءة سلوى عيد ناصر، وفضية بطعم الذهب حصدتها العداءة روز شيليمو في ماراثون السيدات، وبرونزية تاريخية لن تمحى من الذاكرة، حققها فريق التتابع المختلط 4x400 المكون من سلوى عيد ناصر وأمينات جمال وعباس أبوبكر وموسى عيسى.

وأنهت البحرين مشاركتها في بطولة العالم بتحقيق المركز الثاني عشر في الترتيب العام من بين 209 دول مشاركة لترسخ أقدامها في المركز الـ12 عالمياً أسوة بالنسخة الماضية بلندن 2017 ولكن هذه المرة بثلاث ميداليات ملونة وبأرقام جديدة ونتائج مبهرة، كما أن البحرين حافظت على موقعها في المرتبة الأولى عربياً بلا منازع ليثبت أبطال وبطلات ألعاب القوى بأنهم "أسياد العرب".

وحازت البحرين على النصيب الأكبر من عدد الميداليات "3 ميداليات" ، فيما نالت قطر فضية وبرونزية، وكسبت الجزائر فضية، وحصدت المغرب برونزية.

وتعد البحرين أصغر دولة عربية تتربع على عرش الوطن العربي لتثبت أن تحقيق الإنجاز لا يقاس بالمساحة الجغرافية وعدد السكان وإنما بعطاء أبنائها وإخلاصهم الذين تمرسوا في العطاء والوفاء ليرفعوا علم بلادهم عالياً خفاقاً في المحفل العالمي.

واختيرت البطلة العالمية الذهبية والتي تستحق أن نمنحها لقب "المرأة الحديدية" ثاني أفضل رياضية على مستوى السيدات في بطولة العالم الحالية من قبل الاتحاد الدولي بعد حصولها على 1281 نقطة وفقاً لعدة معايير ومقاييس فنية وإحصائيات دقيقة اتبعها الاتحاد الدولي في التصنيف على مدار الـ10 أيام من منافسات المونديال في تحديد هوية أفضل خمس رياضيين وخمس رياضيات في المحفل العالمي، وهو يعكس مدى الإمكانات العالية والقدرة الفائقة التي تتمتع بها سلوى في سباق 400 متر سيدات لتصبح بطلة العالم بلا منازع وتضيف إلى رصيدها إنجازاً جديداً.

وبعد نهاية بطولة العالم لألعاب القوى بنسختها السابعة عشرة، رفعت البحرين رصيدها إلى 13 ميدالية في تاريخ مشاركاتها في المونديال على مدار 7 نسخ من بينها 7 ميداليات ذهبية و3 ميداليات فضية و3 ميداليات برونزية.

يشار إلى أن البداية الرائعة لمنتخب ألعاب القوى كانت في بطولة هلسنكي 2005 والتي حققها فيها العداء رشيد رمزي إنجاز تاريخي لمملكة البحرين بفوزه بالميدالية الذهبية لسباق 1500 متر والميدالية الذهبية لسباق 800 متر.

وفي بطولة أوساكا 2007 دونت العداءة مريم جمال اسمها في لوحة شرف الأبطال وكسبت ذهبية 1500 متر للسيدات، فيما توج رشيد رمزي بفضية سباق 1500 متر.

وشهدت نسخة برلين 2009 الإنجاز التاريخي الأبرز لألعاب القوى البحرينية في بطولة العالم بتحقيق ثلاث ميداليات ملونة جاءت عن طريق العداء يوسف سعد كامل الذي حقق ذهبية 1500 متر وبرونزية 800 متر فيما حازت مريم جمال على ذهبية سباق 1500 متر.

ولم تشهد نسخة كوريا 2011 تحقيق أي نتيجة، كما لم يحرز المنتخب أي ميدالية في نسخة روسيا 2013 بسبب الإصابات التي داهمت أبرز أبطال المنتخب، قبل أن تعود ألعاب القوى إلى منصة التتويج في نسخة الصين 2015 بفوز العداءة ايونيس كيروا ببرونزية سباق الماراثون.

وفي نسخة لندن 2017 فازت روز شيليمو بذهبية سباق الماراثون للسيدات وحصدت سلوى عيد ناصر فضية سباق 400 متر للسيدات، وجاءت البحرين بالنسخة الماضية في صدارة البعثات العربية المشاركة، والثاني عشر عالمياً، وها هي ألعاب القوى البحرينية تسجل نجاحاً باهراً في نسخة الدوحة 2019 بتحقيقها ثلاث ميداليات ملونة.

ووفقاً لتاريخ مشاركات الدول العربية في بطولة العالم منذ نسخة هلسنكي 1983 يتصدر المغرب ترتيب الميداليات العربية بـ 30 ميدالية، فيما تحتل البحرين المركز الثاني بـ13 ميدالية ثم الجزائر بـ10 ميداليات.

حصاد البحرين في بطولة العالم لألعاب القوى تحقق في سباقات قوية وهامة في منافسات "أم الألعاب" وفق مقياس "الكيف" وليس "الكم"، فالميدالية الذهبية في سباق 400 متر سيدات تكتسب أهمية بالغة لأنها تحققت في السباق الذي يوصف بـ "قاتل الإنسان" أو "قاتل الرجال" لصعوبته ونظراً لما يتطلبه من سرعة قصوى واحدة يجب أن تمتاز بها العداءة والعداء طوال السباق وهو ما فعلته سلوى عيد التي أطاحت ببطلة العالم بنسخة لندن 2017 "فايلس فرانسيس" وصاحبة ذهبية أولمبياد ريو 2016 "شوناي ميلر" وحققت رقماً جديداً يعتبر ثالث أفضل زمن في تاريخ السباق "48:14 ثانية" وهو ما يعطي دلالة واضحة على قوة السباق وما تتمتع به سلوى من إمكانات هائلة لتثبت للجميع بأنها قادمة بقوة في أولمبياد طوكيو 2020.

أما الميدالية الفضية التي كسبتها روز شيليمو فإنها جاءت في أحد أهم السباقات وهو "الماراثون"، لمسافة 42 كيلومتراً وما يتطلبه من قدرة تحمل فائقة وجهد كبير ولياقة بدنية عالية في أجواء حارة ورطوبة عالية جداً تمكنت شيليمو من تجاوزها جميعاً لتعتلي منصة التتويج في أطول سباق على الطريق بمسابقات ألعاب القوى.

وأما بالنسبة لسباق التتابع المختلط 4x400 فإن فريقنا البحريني قدم فيها ملحمة بطولية رائعة بإحرازه للميدالية البرونزية في أول سباق من هذا النوع يقام في بطولة العالم، وهو سباق مثير يتطلب تركيزا عالياً في تسلم واستلام العصا على وجه الخصوص واستطاع خلاله فريقنا أن يبهر الجميع بالأداء البطولي في آخر 400 متر التي انطلق فيها عباس ابوبكر بسرعة فائقة لينتزع البرونزية بكل جدارة.

وبالنظر إلى الترتيب العام لجدول الميداليات في بطولة العالم فإن الولايات المتحدة الأمريكية واصلت هيمنتها على المركز الأول لتتربع على عرش أم الألعاب عالميا بحصولها على 29 ميدالية بينها 14 ذهبية و11 فضية و4 برونزيات وهي نتيجة منطقية لما تحظى به رياضة ألعاب القوى من اهتمام بارز في أمريكا التي نجحت في ولادة العديد من الأبطال على مدار التاريخ، لكن عدد ميداليات أمريكا تراجع عن نسخة لندن 2017 بعد حصولها آنذاك على 30 ميدالية في المجموع العام، فيما رفعت رصيدها من الذهب في هذه النسخة مقارنة بالنسخة الماضية التي كسبت خلالها 10 ذهبيات.

واحتلت كينيا المركز الثاني في الترتيب بحصولها على 11 ميدالية من بينها 5 ميداليات ذهبية وفضيتين و4 برونزيات وسط فارق كبير بينها وبين الولايات المتحدة بفارق 9 ذهبيات لتحتفظ كينيا بمركزها العالمي الذي حققته في النسخة الماضية كذلك والمفارقة العجيبة أنها كسبت نفس العدد من الميداليات في المجموع العام وفي المعدن الذهبي والفضي والبرونزي!

أما جامايكا فقد احتلت المركز الثالث في الترتيب بحصولها على 12 ميدالية من بينها 3 ذهبيات و5 فضيات و4 برونزيات لتحقق قفزة كبيرة بعدما كانت في المركز السابع عشر بالنسخة الماضية.

يذكر أن مدينة يوجين بالولايات المتحدة الأمريكية تحتضن النسخة رقم 18 من بطولة العالم لألعاب القوى في عام 2021 حيث تسلم الاتحاد الأمريكي لألعاب القوى علم البطولة لتقام في معقل أبطال العالم في أم الألعاب وهو ما سيمنحهم المزيد من الدافعية للبقاء على عرش رياضة ألعاب القوى وحصد المزيد من الإنجازات وتحطيم الأرقام القياسية.