أحمد التميمي

دائماً ما تكون القصص الكروية "الملحمية" حاضرة بالأذهان ، عن أولئك الذين يبدؤون من الصفر حتى يصلون للقمة. قبل سنوات تعاطف الجميع مع ليستر سيتي الإنجليزي في مغامرته التي أنهاها بالظفر بالدوري الإنجليزي، وظلت وسائل الإعلام تتحدث لأسابيع عن هذا الإنجاز و أبطاله وعلى رأسهم المدرب كلاوديو رانييري الذي كان ذلك الدوري هو أفضل تتويج له. الآن لدينا قصة مشابهة إلى حد ما في الدوري الإيطالي، تتكرر مع أتالانتا بقيادة مدربه جيان غاسبريني، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الإقالة في بداية تدريبه للفريق، حين فشل في تحقيق الفوز في أول ثلاثة مباريات له في الدوري بأربع هزائم و تعادل وحيد، ليعلن بعدها غاسبريني بدء الثورة على واقع الفريق، ويعتمد على لاعبين شباب بأعمار أقل من 23 عاماً، ليهزم نابولي بهدفين نظيفين، وتتوالى بعدها الانتصارات و يستر الفريق بالإبهار، ولم يتصور أحد في يوم من الأيام أن هذا الفريق سيتأهل لدوري أبطال أوروبا، فضلاً عن الوصول لدور الستة عشر فيه!

في هذا الموسم يستمر العمل المبهر الذي يقوم به غاسبريني مع الفريق، فهو يحتل الآن المركز الخامس بثمانية و ثلاثين نقطة، وبفارق نقطة واحدة عن روما صاحب المركز الرابع، حقق خلال الواحد وعشرين جولة التي خاضها نتائج لم يتصورها العقل البشري، فاز على الميلان بخماسية، وخماسية مثلها على بارما، وسباعية في مرمى تورينو وسباعية أخرى في مرمى أودينيزي.

الرسم التكتيكي للفريق ومرونته هو أحد أهم الركائز التي جعلت الفريق يصل إلى هذا الحد، فالتشكيل المعتاد هو 3/4/2/1 ويتغير في أحيان أخرى إلى 3/4/1/2، يعتمد الفريق على بناء الهجمات من الخلف، حيث يتقدم الظهيرين وينتشر لاعبو الوسط إلى الأطراف، مما يعطي قلب الدفاع عدة خيارات للتمرير، إما للأطراف أو ناحية لاعبي الارتكاز لاختراق الفرق الأخرى من العمق. لكن تلك القصص الملحمية لا تبنى بالتكتيك وحده، فمن أساسياتها الإيمان بالفريق وزرع الروح القتالية فيه، وهذا ما نجح فيه غاسبريني.