محمد الدرويش
لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تجاهل قوة ناديا غلاسكو رينجرز وسيلتيك الأسكتلنديين وأهمية مواجهتمها تاريخياً بما يعرف بمباراة الـ «أولد فيرم» وذلك نظراً للعداوة الكبيرة بين الناديين وعدم إقتصارها على جانب كرة القدم فحسب بل أنها تنبع أيضاً من دوافع دينية واجتماعية وتعصب طائفي بين الكاثوليك والبروتستانت ما يجعل المعركة الكروية من داخل الملعب تنتقل الى معركة طائفية خارجه، إذ يعتبر أي انتصار لسيتليك هو إنجاز كاثوليكي بينما فوز رينجرز وتفوقه يعطي البروتستانت علو كعبٍ على خصومهم.
بداية الخصومة والعداء
رينجرز وسيلتيك، كانا يتمتعان بعلاقة جيدة، وتقاسما الهيمنة والسيطرة على الدوري الاسكتلندي في السنوات الأولى من نشأة كرة القدم هناك، وكانت الأمور تسير بينهما على ما يرام إلى حين دخول العامل الديني على طبيعة الصراع الذي بدأ يأخذ فيما بعد منحى آخر سياسياً وطائفياً واجتماعياً، حتى أصبحت المباراة الأشد عدواةً والأكثرة سخونةً في أوروبا ومن أجل أن نفهم طبيعة المنافسة وشراستها يجب أن نغوص قليلاً في تاريخ الناديين حتى نتعرف على القصة كاملةً دون أن يشوبها أي شائب.
أبصر نادي سيلتيك النور على يد الراهب الكاثوليكي أندرو كيرينر في 6 نوفمبر 1887 وذلك من أجل أن يكون مؤسسة خيرية كاثوليكية تدعم المهاجرين الأيرلنديين وتسعى إلى إدماجهم في المجتمع، لذلك منذ ولادته لم يكن سيلتيك فخراً رياضياً فحسب بل أنه استطاع أن يكون قوى سياسية أيضاً تدعم ثورة الأيرلنديين واستقلالهم الداخلي من الحكم البريطاني وجاء اعتماد اللونين «الأخضر والأبيض» كإشارة واضحة وصريحة إلى الدعم الكامل المقدم من قبلهم إلى المنبوذيين الأيرلنديين ضد الحكومة البريطانية بشكلٍ مباشر.
على النقيض تماماً، تم تأسيس غلاسكو رينجرز دون أن يكون له أي خلفية سياسية أو طائفية من قبل شخص يعد أحد الآباء المؤسسين وهو موسى ماكنيل ولكن ابتعاد رينجرز عن الأمور السياسية والطائفية ومالها من تبعات سلبية على المجتمع الاسكتلندي لم تستمر طويلاً، إذ إنه وبعد تولي أوري بريمروز رئاسة النادي وتحديداً عام 1888 تغيرت نظرته المستقبلية كلياً كون بريمروز معروفاً بمناهضته للكاثوليك ويدعم فكرة البقاء تحت الحكم والوحدة البريطانية كما أنه كان يمثل طائفة البروتستانت وطبقة النقابيين في اسكتلندا وزاد من طبيعة العداء وشراسته إصدار قرار عام 1889 يمنع التعاقد مع أي لاعب كاثوليكي في رينجرز.
أحداث الشغب والعنف
الانقاسمات الدينية والسياسية العميقة التي تميزت بها هذه المباراة، كانت تؤدي إلى العديد من الهتافات الطائفية خلال المباريات والتي كانت سبباً رئيساً للكثير من أعمال العنف والشغب التي أودت بالعديد من الضحايا من كلا الجانبين.
أعمال الشغب بدأت تأخذ طابعاً حاداً في منافسات الفريقين في الأربعين عاماً الأخيرة حتى أن هناك إحصائيات تقول أن الدولة خصصت 2 مليون يورو من أجل ضبط كل سبع لقاءات بين الناديين خلال الموسم.
من أهم أعمال العنف وأحداث الشغب التي حصلت هي المعركة الضارية بين جماهير الفريقين عام 1980 في نهائي كأس اسكلتندا وذلك بعد إعلان نهاية المباراة بتتويج سيلتيك باللقب والتي اضطرت قوى الأمن حينها للتدخل من أجل فض الاشتباك وتم على إثرها اعتقال مئات المشجعين من كلا الفريقين.
كما أن حادثة نهائي كأس الدوري الأسكتلندي عام 2001 بين الفريقين تعد من أكثر القصص وحشيةً في عالم الساحرة المستديرة، إذ توفي أحد مشعجي رينجرز بعد طعنه من قبل مشجع سيلتيك ومات بعدها متأثراً بجراحه.
وتشير آخر التقارير والإحصائيات أن هناك ثماني حالات قتل حصلت بين جماهير الناديين خلال الفترة ما بين عامي 1996 و2003 عدا آلاف الحالات من الاعتداءات والاعتقالات التي تمت من قبل الشرطة.
يجدر بالذكر أن السلطات الاسكتلندية وضعت قانوناً يجرم الأعمال الطائفية والعنصرية في كرة القدم وذلك عام 2012 بعد أن بدأ لقاء «الأولد فيرم» يشهد تزايداً في أعمال العنف والقتل.
صراع الزعامة والتفوق على صعيد كرة القدم
التنافس السياسي والاجتماعي والطائفي لم يخف أبداً صراعة الزعامة والتفوق على صعيد كرة القدم، إذ إنه ومنذ تأسيس الدوري الاسكتلندي عام 1890 حقق الناديان مجتمعان ما مجموعه 104 ألقاب دوري و 72 كأس اسكتلندياً، وقد تفوق رينجرز على سيلتيك من ناحية الألقاب في الدوري بمجموع 54 لقباً مقابل 50 لقباً لسيلتيك رغم هبوط رينجرز عام 2012 للدرجة الثالثة وذلك بسبب إشهار إفلاسه وتراكم الديون عليه قبل تحويل ملكيته لشركة جديدة وكذلك رغم فشل رينجرز في إضافة أي لقب لسجل بطولاته منذ عام 2010 سواءً أكان على صعيد الدوري الممتاز أو الكأس.!
أما على صعيد الكأس الاسكتلندي فهناك أفضلية واضحة لسيلتيك برصيد 39 لقب مقابل 33 لرينجرز.
تاريخياً، تواجه الفريقان في 195 مباراة، تفوق سيلتيك في 82 مباراة وفاز رينجرز في 65 مباراة وحصل التعادل 48 مرة.
مازالت مواجهة سيلتيك – غلاسكو رينجرز من أهم المباريات في الدوريات البريطانية رغم تواضع أداء رينجرز بعد الهبوط والعودة وذلك نتيجة السيطرة المطلقة لسيلتيك على منافسات الدوري منذ تلك الأيام، إلا أن الخلفية السياسية والدينية والاجتماعية لهذا اللقاء تجعله مرتقباً دائماً لما تحمله المباراة من أهمية تاريخية لدى البريطانيين على وجه الخصوص.
{{ article.visit_count }}
لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تجاهل قوة ناديا غلاسكو رينجرز وسيلتيك الأسكتلنديين وأهمية مواجهتمها تاريخياً بما يعرف بمباراة الـ «أولد فيرم» وذلك نظراً للعداوة الكبيرة بين الناديين وعدم إقتصارها على جانب كرة القدم فحسب بل أنها تنبع أيضاً من دوافع دينية واجتماعية وتعصب طائفي بين الكاثوليك والبروتستانت ما يجعل المعركة الكروية من داخل الملعب تنتقل الى معركة طائفية خارجه، إذ يعتبر أي انتصار لسيتليك هو إنجاز كاثوليكي بينما فوز رينجرز وتفوقه يعطي البروتستانت علو كعبٍ على خصومهم.
بداية الخصومة والعداء
رينجرز وسيلتيك، كانا يتمتعان بعلاقة جيدة، وتقاسما الهيمنة والسيطرة على الدوري الاسكتلندي في السنوات الأولى من نشأة كرة القدم هناك، وكانت الأمور تسير بينهما على ما يرام إلى حين دخول العامل الديني على طبيعة الصراع الذي بدأ يأخذ فيما بعد منحى آخر سياسياً وطائفياً واجتماعياً، حتى أصبحت المباراة الأشد عدواةً والأكثرة سخونةً في أوروبا ومن أجل أن نفهم طبيعة المنافسة وشراستها يجب أن نغوص قليلاً في تاريخ الناديين حتى نتعرف على القصة كاملةً دون أن يشوبها أي شائب.
أبصر نادي سيلتيك النور على يد الراهب الكاثوليكي أندرو كيرينر في 6 نوفمبر 1887 وذلك من أجل أن يكون مؤسسة خيرية كاثوليكية تدعم المهاجرين الأيرلنديين وتسعى إلى إدماجهم في المجتمع، لذلك منذ ولادته لم يكن سيلتيك فخراً رياضياً فحسب بل أنه استطاع أن يكون قوى سياسية أيضاً تدعم ثورة الأيرلنديين واستقلالهم الداخلي من الحكم البريطاني وجاء اعتماد اللونين «الأخضر والأبيض» كإشارة واضحة وصريحة إلى الدعم الكامل المقدم من قبلهم إلى المنبوذيين الأيرلنديين ضد الحكومة البريطانية بشكلٍ مباشر.
على النقيض تماماً، تم تأسيس غلاسكو رينجرز دون أن يكون له أي خلفية سياسية أو طائفية من قبل شخص يعد أحد الآباء المؤسسين وهو موسى ماكنيل ولكن ابتعاد رينجرز عن الأمور السياسية والطائفية ومالها من تبعات سلبية على المجتمع الاسكتلندي لم تستمر طويلاً، إذ إنه وبعد تولي أوري بريمروز رئاسة النادي وتحديداً عام 1888 تغيرت نظرته المستقبلية كلياً كون بريمروز معروفاً بمناهضته للكاثوليك ويدعم فكرة البقاء تحت الحكم والوحدة البريطانية كما أنه كان يمثل طائفة البروتستانت وطبقة النقابيين في اسكتلندا وزاد من طبيعة العداء وشراسته إصدار قرار عام 1889 يمنع التعاقد مع أي لاعب كاثوليكي في رينجرز.
أحداث الشغب والعنف
الانقاسمات الدينية والسياسية العميقة التي تميزت بها هذه المباراة، كانت تؤدي إلى العديد من الهتافات الطائفية خلال المباريات والتي كانت سبباً رئيساً للكثير من أعمال العنف والشغب التي أودت بالعديد من الضحايا من كلا الجانبين.
أعمال الشغب بدأت تأخذ طابعاً حاداً في منافسات الفريقين في الأربعين عاماً الأخيرة حتى أن هناك إحصائيات تقول أن الدولة خصصت 2 مليون يورو من أجل ضبط كل سبع لقاءات بين الناديين خلال الموسم.
من أهم أعمال العنف وأحداث الشغب التي حصلت هي المعركة الضارية بين جماهير الفريقين عام 1980 في نهائي كأس اسكلتندا وذلك بعد إعلان نهاية المباراة بتتويج سيلتيك باللقب والتي اضطرت قوى الأمن حينها للتدخل من أجل فض الاشتباك وتم على إثرها اعتقال مئات المشجعين من كلا الفريقين.
كما أن حادثة نهائي كأس الدوري الأسكتلندي عام 2001 بين الفريقين تعد من أكثر القصص وحشيةً في عالم الساحرة المستديرة، إذ توفي أحد مشعجي رينجرز بعد طعنه من قبل مشجع سيلتيك ومات بعدها متأثراً بجراحه.
وتشير آخر التقارير والإحصائيات أن هناك ثماني حالات قتل حصلت بين جماهير الناديين خلال الفترة ما بين عامي 1996 و2003 عدا آلاف الحالات من الاعتداءات والاعتقالات التي تمت من قبل الشرطة.
يجدر بالذكر أن السلطات الاسكتلندية وضعت قانوناً يجرم الأعمال الطائفية والعنصرية في كرة القدم وذلك عام 2012 بعد أن بدأ لقاء «الأولد فيرم» يشهد تزايداً في أعمال العنف والقتل.
صراع الزعامة والتفوق على صعيد كرة القدم
التنافس السياسي والاجتماعي والطائفي لم يخف أبداً صراعة الزعامة والتفوق على صعيد كرة القدم، إذ إنه ومنذ تأسيس الدوري الاسكتلندي عام 1890 حقق الناديان مجتمعان ما مجموعه 104 ألقاب دوري و 72 كأس اسكتلندياً، وقد تفوق رينجرز على سيلتيك من ناحية الألقاب في الدوري بمجموع 54 لقباً مقابل 50 لقباً لسيلتيك رغم هبوط رينجرز عام 2012 للدرجة الثالثة وذلك بسبب إشهار إفلاسه وتراكم الديون عليه قبل تحويل ملكيته لشركة جديدة وكذلك رغم فشل رينجرز في إضافة أي لقب لسجل بطولاته منذ عام 2010 سواءً أكان على صعيد الدوري الممتاز أو الكأس.!
أما على صعيد الكأس الاسكتلندي فهناك أفضلية واضحة لسيلتيك برصيد 39 لقب مقابل 33 لرينجرز.
تاريخياً، تواجه الفريقان في 195 مباراة، تفوق سيلتيك في 82 مباراة وفاز رينجرز في 65 مباراة وحصل التعادل 48 مرة.
مازالت مواجهة سيلتيك – غلاسكو رينجرز من أهم المباريات في الدوريات البريطانية رغم تواضع أداء رينجرز بعد الهبوط والعودة وذلك نتيجة السيطرة المطلقة لسيلتيك على منافسات الدوري منذ تلك الأيام، إلا أن الخلفية السياسية والدينية والاجتماعية لهذا اللقاء تجعله مرتقباً دائماً لما تحمله المباراة من أهمية تاريخية لدى البريطانيين على وجه الخصوص.