أحمد عطا

حظى شيفيلد يونايتد الذي يملكه السعودي الأمير عبدالله بن مساعد آل سعود بموسم مميز في البريميرليغ حتى الآن ..، مكنه من التفوق على فرق كبيرة كتوتنهام وآرسنال ومتأخراً بفارق نقطتين فقط عن مانشستر يونايتد وخمس نقاط فقط عن تشيلسي صاحب آخر مركز مؤهل لدوري أبطال أوروبا .. كل هذا بالطبع رهين باستكمال الدوري الإنجليزي الممتاز من عدمه.

لكن فريق "البليدز" أو "الشفرات" تمكن بالفعل من جذب انتباه كثيرين إذ كان للتو صاعداً من الدرجة الثانية بعد فترة طويلة بعيداً عن الدوري الممتاز لكنه وصل إلى احتلال المركز السابع قبل التوقف بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، كل هذا والفريق بحسب موقع ترانسفير ماركت هو الفريق الأقل قيمة في البريميرليج على مستوى سعر اللاعبين مجتمعين.

تحت قيادة المدرب كريس وايلدر، تمكن شيفيلد من غزو الملاعب الإنجليزية بطريقة 3-5-2 التي يندر اللعب بها في إنجلترا لكن وايلدر اعتمدها ليخرج أفضل ما في لاعبيه الذين برز عدد منهم ولم تعد أسماء لاعبين كلندسترام وموسيه وفليك وأوكونيل بالغريبة على المتابعين.

لكن تجربة شيفيلد حتى الآن شبيهة بتجارب سابقة شاهدناها في البريميرليغ حيث يسطع نجم أحد الأندية في احدى المواسم قبل أن يأفل من جديد ويصبح مجرد سحابة صيف عابرة، فما السبيل ليمنع النادي الإنجليزي العريق مثل هذا الأمر ويستمر في كونه واحد من الأندية القادرة على احتلال مراكز متقدمة ومناطحة الكبار في مبارياته معهم ونسيان معارك البقاء المستمرة وغير مأمونة العواقب؟

بالنظر لتجارب مشابهة يمكن تقسيم تجارب الأندية بشكل عام إلى قسمين .. الأولى فرق حافظت على شكل أدائها مع عدم البحث عمن يمكنه أن يطور من هذا الأسلوب بل فقط كانت تبحث عن لاعبين مناسبين لنفس الأسلوب وفي مثال على ذلك أندية كبيرنلي وبورنموث، وهما الناديان المختلفان في الشكل لكن كليهما لم يبحث عن تغيير طريقة عمله في الميركاتو بل استمر في البحث عن أسماء مغمورة قادرة على تقديم الإضافة للفريق.

أما القسم الآخر فقد يتمثل في فريقين كإيفرتون وبورتسموث .. إيفرتون رغم عراقته إلا أنه كفريق في العصر الحديث لا يعد من الفرق التي يمكنها المنافسة على شيء رغم فترة الفريق المميزة مع مدرب كديفيد مويس، أما بورتسموث فمر بفترة مميزة شبيهة بما مر بها شيفيلد يونايتد.

كلا الفريقين حاول في بعض فتراته الارتقاء بمستواه .. بورتسموث قرر ألا يركن لفكرة ضم اللاعبين الكلاسيكيين من ذوي الطبيعة البريطانية العتيقة وبدأ في التحول لضم عديد اللاعبين من ذوي المهارات العالية خاصة من أفريقيا، أما إيفرتون فصرف الكثير من الأموال في آخر صيفين بحثاً عن عودته لمصاف الكبار وتواجده في بوتقة المنافسين على مراكز دوري الأبطال.

لا يمكن وصف أي تجربة من كل التجارب الأربعة بالناجحة أو على الأقل لا يمكن اعتبار أن تحركات هذه الأندية في السوق قد رفعت من مستوى تلك الفرق بل إنها في بعض الأحيان كانت سبباً مباشراً في انهيار النادي كما كان الحال مثلاً مع بورتسموث الذي تكتلت الديون عليه شيئاً فشيئاً لينهار في النهاية.

لذلك لابد لشيفيلد يونايتد أولاً أن يحدد ماذا يريد .. هل يريد الاستمرار في أسلوب لعبه البريطاني الكلاسيكي الذي يعتمد فكرة kick and run أو "اركل الكرة واركض" كأسلوب أساسي ومستمر؟ الواقع يقول أن هذا هو أقرب اختيار لشيفيلد، فأولاً هو الأسلوب الذي جلب للفريق فرصة الارتقاء في مراكز البريميرليغ بسرعة، وثانياً لأن تغييره سيتطلب تغيير عدد كبير من اللاعبين في تشكيلته.

لكن على المدى البعيد، فإن شيفيلد سيكون عليه البحث عمن يمكنه أن يمنح الفريق التنوع المنشود خاصة وأنه سيكون مقبلاً على خوض غمار المنافسات الأوروبية، وامتلاك لاعبين قادرين على التعامل مع أساليب اللعب المتنوعة هو أمر ضروري وحتمي للتطور إن أراد أن يصبح ضلعاً أساسياً في البريميرليغ وإلا فإنه قد يبقى يعاني من مواسم الصدفة التي قد تعيده إلى الدرجة الثانية من جديد.

المؤكد أن شيفيلد لن يفكر كثيراً في المدى البعيد .. المحافظة على تشكيلته قدر الإمكان مع تدعيمها ببعض اللاعبين لسد الثغرات سيمكن الفريق من الابتعاد عن صراع البقاء لأكثر من موسم ومن ثم البدء في خلع العباءة عن طريق إنعاش الخزائن لضم من هو قادر على أن يبقيه بعيداً عن النصف الثاني من الجدول، لكن المؤكد أن إدارة النادي تعمل بشكل عظيم وتطوره مستمر، فمن يصدق أن هذا الفريق هو نفسه الذي كان قبل 3 سنوات فقط يرزح في غياهب الدرجة الثانية الإنجليزية!