أحمد عطا
يختلف بيب جوارديولا وجوزيه مورينيو في الكثير من الأشياء إلا أنه من المؤكد أن أحد الأشياء التي يتشابهان فيها هي دوري الأبطال .. كلاهما كانت انطلاقته مبهرة فيهما، وكلاهما توقف عن الفوز بها منذ عقد.
كيف يمكن لمدربين بهذه القيمة أن يفوزا بنسختين من دوري الأبطال في مقتبل مسيرتهما التدريبية ثم يتوقفا فجأة عن الفوز بها؟ سؤال سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.
قبل الإجابة على السؤال لابد من التوقف عند كلمة فجأة لأنها في الواقع لا تتناسب مع الأمر، بل إنه في الأعوام التي تلت آخر فوز لكلا المدربين بالبطولة، كانا قريبين جداً من الفوز بها وبالتالي كان هناك تمهيداً لفترة الجفاف التي يعاني منها المدربان حالياً.
مورينيو توقف عن الفوز بدوري الأبطال منذ عام 2010 عندما حصد الثلاثية مع الإنتر. في الأعوام الثلاثة التالية وصل مع ريال مدريد إلى نصف نهائي البطولة لكنه توقف في المرات الثلاثة أمام برشلونة وبايرن ميونخ وبروسيا دورتموند. في 2011 لم يكن الفريق جاهزاً بما فيه الكفاية لمقارعة أقوى نسخة برشلونية على الإطلاق بينما حالت ركلات الترجيح دون مروره للنهائي الذي يجيده وسقط مورينيو على ركبتيه وهو يشاهد أفضل نسخة دربها لريال مدريد تغادر الأبطال بينما كانت صاعقة الرباعية من دورتموند كفيلة مع الكثير من المشاكل في البطولات المحلية بالرحيل عن ريال مدريد.
في العام التالي لم يخالف مورينيو قاعدة الوصول لنصف النهائي ثم الخروج لكن هذه مع المرة مع تشيلسي بعد أن تعادل أمام أتلتيكو مدريد في إسبانيا سلبًا قبل أن يخسر بثلاثية في ستامفورد بريدج وهي الهزيمة التي كانت الأولى من نوعها لمورينيو وتشيلسي في لندن.
لكن تلك الهزيمة بالذات فتحت المجال لنقاش ربما لم يكن ناضجًا بما فيه الكفاية وقتها لكنها كانت الشرارة على الأقل، وهي أن مورينيو لم يعد يمتلك القدرة على مواكبة ما يحدث في بطولات أوروبا، إذ لم يعد كافياً وصالحاً سياسة اللعب على التعادل دون أهداف خارج الأرض ثم الاعتماد على أن الأرض ستلعب في صالحك دائماً، وهو الدرس الذي لم يستوعبه مورينيو مثلًا في مناسبة جديدة عندما سقط أمام إشبيلية في أولدترافورد بنفس الشكل رفقة مانشستر يونايتد في موسم 2017/2018.
أثناء تلك الحقبة لم يمتلك مورينيو الكثير من الفرص للاقتراب من دوري الأبطال، بل ودعه في دور الـ16 لأكثر من مرة واكتفى بالمنافسة "أحياناً" على البطولات المحلية وفيما بينهما كان مشغولًا باختلافات عميقة مع إدارات الأندية التي دربها جعلت كثيرون يرون أن مورينيو قد فقد كل ما كان يتمتع به من الأصل وأنه لم يعد من مدربي الصفوة لنتائجه الفقيرة وأدائه الأفقر مع الفرق التي يدربها.
بصورة مشابهة لكن عكسية تمامًا كان بيب جوارديولا غير قادر على استيعاب حقيقة ما عليه دوري الأبطال والذي -على عكس الدوريات المحلية- فإن خطأ كبير واحد قد يكلفك توديع البطولة.
جوارديولا بدأ مسيرته بأفضل شكل ممكن .. في الموسم الأول حصد اللقب مع برشلونة في موسم السداسية التاريخي قبل أن يتوقف أمام الإنتر في 2010 في محطة نصف النهائي ثم يعود ويفوز باللقب في 2011 لكن فريقاً دفاعياً آخر في 2012 تمكن من أن يسلبه حلم المحافظة على البطولة بعدما أنجز تشيلسي مهمة الانتقام مما حدث في 2009.
التشابه بين مورينيو وجوارديولا يكمن كذلك في أن الأخير عاندته المباريات في نفس الدور الذي كان يخرج منه جوزيه مورينيو وهو نصف النهائي، بعد أن ودع بيب البطولة 3 مرات متتالية من نفس الدور رفقة بايرن ميونخ على يد ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد.
مع انتقال جوارديولا لمانشستر سيتي كان واضحًا أن بيب بحاجة لفرصة لتأهيل السيتي للمنافسة على دوري الأبطال لكن يمكن القول أنه احتاج وقتًا أكثر من اللازم بعد أن قضى المواسم السابقة يحقق نتائج ممتازة محلياً لكنه لم يطور كثيراً من مسيرة السيتي في أوروبا بل ودع البطولة من أدوار مبكرة نسبياً وأحياناً على يد فرق أقل منه صيتاً وشهرة.
لكن أين التشابه الحقيقي بين مورينيو وجوارديولا والذي قصدناه؟ الحقيقة أن جوارديولا هو الآخر لم يغير من طريقة تعامله مع دوري الأبطال، فقد استمر مصرًا على أن الهجوم فقط هو ما سيمنحه اللقب عملاً بأنه سبق وأن منحه اللقب مع برشلونة.
والحقيقة أن برشلونة كان شيئاً مثالياً في كل شيء ليتم القياس عليه، لكن دوري الأبطال في مبارياته الإقصائية يرتبط أحيانًا بوقوعك في خطأ واحد.
مهمة المدرب هو أن يقلل قدر الإمكان من المرات التي تكون فيها معرضاً فيها لهذا الخطأ، لكن الحقيقة أن جوارديولا في كثير من الأوقات لم يكن يضع في حساباته هذا الأمر، ففي كثير من المباريات كان يلعب بانتحارية غير مبررة والحديث هنا ليس عن مباراة ريال مدريد الشهيرة فقط، بل لو تذكرنا على سبيل مباراة العودة لبايرن ميونخ أمام يوفنتوس وكيف تلقى البايرن أهدافاً من هجمات مرتدة لنقص عدد اللاعبين في دفاع البايرن رغم أن الأخير لم يكن في وضعية يائسة إلى درجة الدفع بكل هذا العدد في الهجوم من الدقائق الأولى.
كما أن جوارديولا افتقر لنقطة تطوير الفرق التي يدربها على مستوى الكرات الثابتة، فكم من كرة ثابتة تسببت في خروجه من دوري الأبطال وحدث ذلك أمام توتنهام في الموسم الماضي وأمام موناكو قبل 3 مواسم وكذلك يمكن اعتبار هدف سيرخيو راموس الثاني أمام البايرن في مباراة الرباعية الشهيرة سببًا رئيسيًا في قتل المباراة تمامًا وإنهاء أي فرصة للعودة في المباراة للنادي البافاري.
وبعد كل هذا النقاش لابد من التأكيد على أنه لا يمكن التقليل من كلا المدربين في المطلق بسبب عدم فوزهما بالبطولة في الأعوام الأخيرة، فالواقع يشير إلى أنه لا أحد من المدربين فاز بتلك البطولة لأكثر من 3 مرات وأغلب من يتم تقديرهم للفوز بها كان لمرتين فقط وبالتالي لا يمكن نعت جوارديولا ومورينيو بالفشل لتوقف العداد عن العد وأن النجاح المحلي -خاصة لجوارديولا- قد يكون كافياً لاحتفاظه بقدر وافر من الاحترام واعتباره واحد من أفضل مدربي العالم في "عقد الجفاف".
{{ article.visit_count }}
يختلف بيب جوارديولا وجوزيه مورينيو في الكثير من الأشياء إلا أنه من المؤكد أن أحد الأشياء التي يتشابهان فيها هي دوري الأبطال .. كلاهما كانت انطلاقته مبهرة فيهما، وكلاهما توقف عن الفوز بها منذ عقد.
كيف يمكن لمدربين بهذه القيمة أن يفوزا بنسختين من دوري الأبطال في مقتبل مسيرتهما التدريبية ثم يتوقفا فجأة عن الفوز بها؟ سؤال سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.
قبل الإجابة على السؤال لابد من التوقف عند كلمة فجأة لأنها في الواقع لا تتناسب مع الأمر، بل إنه في الأعوام التي تلت آخر فوز لكلا المدربين بالبطولة، كانا قريبين جداً من الفوز بها وبالتالي كان هناك تمهيداً لفترة الجفاف التي يعاني منها المدربان حالياً.
مورينيو توقف عن الفوز بدوري الأبطال منذ عام 2010 عندما حصد الثلاثية مع الإنتر. في الأعوام الثلاثة التالية وصل مع ريال مدريد إلى نصف نهائي البطولة لكنه توقف في المرات الثلاثة أمام برشلونة وبايرن ميونخ وبروسيا دورتموند. في 2011 لم يكن الفريق جاهزاً بما فيه الكفاية لمقارعة أقوى نسخة برشلونية على الإطلاق بينما حالت ركلات الترجيح دون مروره للنهائي الذي يجيده وسقط مورينيو على ركبتيه وهو يشاهد أفضل نسخة دربها لريال مدريد تغادر الأبطال بينما كانت صاعقة الرباعية من دورتموند كفيلة مع الكثير من المشاكل في البطولات المحلية بالرحيل عن ريال مدريد.
في العام التالي لم يخالف مورينيو قاعدة الوصول لنصف النهائي ثم الخروج لكن هذه مع المرة مع تشيلسي بعد أن تعادل أمام أتلتيكو مدريد في إسبانيا سلبًا قبل أن يخسر بثلاثية في ستامفورد بريدج وهي الهزيمة التي كانت الأولى من نوعها لمورينيو وتشيلسي في لندن.
لكن تلك الهزيمة بالذات فتحت المجال لنقاش ربما لم يكن ناضجًا بما فيه الكفاية وقتها لكنها كانت الشرارة على الأقل، وهي أن مورينيو لم يعد يمتلك القدرة على مواكبة ما يحدث في بطولات أوروبا، إذ لم يعد كافياً وصالحاً سياسة اللعب على التعادل دون أهداف خارج الأرض ثم الاعتماد على أن الأرض ستلعب في صالحك دائماً، وهو الدرس الذي لم يستوعبه مورينيو مثلًا في مناسبة جديدة عندما سقط أمام إشبيلية في أولدترافورد بنفس الشكل رفقة مانشستر يونايتد في موسم 2017/2018.
أثناء تلك الحقبة لم يمتلك مورينيو الكثير من الفرص للاقتراب من دوري الأبطال، بل ودعه في دور الـ16 لأكثر من مرة واكتفى بالمنافسة "أحياناً" على البطولات المحلية وفيما بينهما كان مشغولًا باختلافات عميقة مع إدارات الأندية التي دربها جعلت كثيرون يرون أن مورينيو قد فقد كل ما كان يتمتع به من الأصل وأنه لم يعد من مدربي الصفوة لنتائجه الفقيرة وأدائه الأفقر مع الفرق التي يدربها.
بصورة مشابهة لكن عكسية تمامًا كان بيب جوارديولا غير قادر على استيعاب حقيقة ما عليه دوري الأبطال والذي -على عكس الدوريات المحلية- فإن خطأ كبير واحد قد يكلفك توديع البطولة.
جوارديولا بدأ مسيرته بأفضل شكل ممكن .. في الموسم الأول حصد اللقب مع برشلونة في موسم السداسية التاريخي قبل أن يتوقف أمام الإنتر في 2010 في محطة نصف النهائي ثم يعود ويفوز باللقب في 2011 لكن فريقاً دفاعياً آخر في 2012 تمكن من أن يسلبه حلم المحافظة على البطولة بعدما أنجز تشيلسي مهمة الانتقام مما حدث في 2009.
التشابه بين مورينيو وجوارديولا يكمن كذلك في أن الأخير عاندته المباريات في نفس الدور الذي كان يخرج منه جوزيه مورينيو وهو نصف النهائي، بعد أن ودع بيب البطولة 3 مرات متتالية من نفس الدور رفقة بايرن ميونخ على يد ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد.
مع انتقال جوارديولا لمانشستر سيتي كان واضحًا أن بيب بحاجة لفرصة لتأهيل السيتي للمنافسة على دوري الأبطال لكن يمكن القول أنه احتاج وقتًا أكثر من اللازم بعد أن قضى المواسم السابقة يحقق نتائج ممتازة محلياً لكنه لم يطور كثيراً من مسيرة السيتي في أوروبا بل ودع البطولة من أدوار مبكرة نسبياً وأحياناً على يد فرق أقل منه صيتاً وشهرة.
لكن أين التشابه الحقيقي بين مورينيو وجوارديولا والذي قصدناه؟ الحقيقة أن جوارديولا هو الآخر لم يغير من طريقة تعامله مع دوري الأبطال، فقد استمر مصرًا على أن الهجوم فقط هو ما سيمنحه اللقب عملاً بأنه سبق وأن منحه اللقب مع برشلونة.
والحقيقة أن برشلونة كان شيئاً مثالياً في كل شيء ليتم القياس عليه، لكن دوري الأبطال في مبارياته الإقصائية يرتبط أحيانًا بوقوعك في خطأ واحد.
مهمة المدرب هو أن يقلل قدر الإمكان من المرات التي تكون فيها معرضاً فيها لهذا الخطأ، لكن الحقيقة أن جوارديولا في كثير من الأوقات لم يكن يضع في حساباته هذا الأمر، ففي كثير من المباريات كان يلعب بانتحارية غير مبررة والحديث هنا ليس عن مباراة ريال مدريد الشهيرة فقط، بل لو تذكرنا على سبيل مباراة العودة لبايرن ميونخ أمام يوفنتوس وكيف تلقى البايرن أهدافاً من هجمات مرتدة لنقص عدد اللاعبين في دفاع البايرن رغم أن الأخير لم يكن في وضعية يائسة إلى درجة الدفع بكل هذا العدد في الهجوم من الدقائق الأولى.
كما أن جوارديولا افتقر لنقطة تطوير الفرق التي يدربها على مستوى الكرات الثابتة، فكم من كرة ثابتة تسببت في خروجه من دوري الأبطال وحدث ذلك أمام توتنهام في الموسم الماضي وأمام موناكو قبل 3 مواسم وكذلك يمكن اعتبار هدف سيرخيو راموس الثاني أمام البايرن في مباراة الرباعية الشهيرة سببًا رئيسيًا في قتل المباراة تمامًا وإنهاء أي فرصة للعودة في المباراة للنادي البافاري.
وبعد كل هذا النقاش لابد من التأكيد على أنه لا يمكن التقليل من كلا المدربين في المطلق بسبب عدم فوزهما بالبطولة في الأعوام الأخيرة، فالواقع يشير إلى أنه لا أحد من المدربين فاز بتلك البطولة لأكثر من 3 مرات وأغلب من يتم تقديرهم للفوز بها كان لمرتين فقط وبالتالي لا يمكن نعت جوارديولا ومورينيو بالفشل لتوقف العداد عن العد وأن النجاح المحلي -خاصة لجوارديولا- قد يكون كافياً لاحتفاظه بقدر وافر من الاحترام واعتباره واحد من أفضل مدربي العالم في "عقد الجفاف".