أحمد عطا

منذ أن كسر جاريث بيل حاجز الـ100 مليون يورو كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم في عام 2013، بيع 9 لاعبين بسعر 100 مليون يورو أو أكثر.

النجم الويلزي قدم مواسم أولى ممتازة رفقة كارلو أنشيلوتي وخلال فترة زيدان الأولى قبل التراجع في المواسم الأخيرة لكثرة الإصابات وغياب الدافع والحب الجولف الطاغي عليه حتى إنه صرح بأن كرة القدم مجرد وظيفة بالنسبة له بينما هو يعشق لعب الغولف مع أصدقائه.

بداية تحول رقم الـ100 مليون إلى رقم عادي ومكرر كانت مع بول بوجبا الذي دفع فيه مانشستر يونايتد 105 مليون يورو عام 2016 ليستعيده بعدما رحل إلى يوفنتوس مجاناً بحثاً عن فرصة للتألق حدثت بشدة في جيل يوفنتيني سيطر على الكرة الإيطالية وكاد يفوز بدوري الأبطال عام 2015.

لكن بوجبا لم يقدم ربع ما قدمه مع يوفنتوس، والحديث هنا بعد 4 سنوات كاملة من انضمامه لمانشستر يونايتد في صفقة باركها جوزيه مورينيو لكنه دخل بعد ذلك في سلسلة من الخلافات مع النجم الفرنسي الذي اتهمه المدرب البرتغالي ضمنياً أحياناً وصراحة أحياناً بالتقصير والتخاذل، ولم يختلف الحال كثيراً منذ وصول أولي جونار سولسكاير رغم دخول عامل آخر وهو الإصابات لتصير وضعية بوجبا مبهمة حالياً .. لا أحد يتوقع تعويضه لما فاته في اليونايتد لكن في نفس الوقت لا يوجد نادٍ لديه استعداد لدفع مبلغ ضخم لضمه خاصة مع راتبه الكبير في ظل أزمة كورونا التي ضربت الجميع.

عام 2017 جاء ومعه الجنون على مستوى الصفقات باهظة الثمن .. باريس سان جيرمان يخطف نيمار من برشلونة مقابل مبلغ لا يصدق بلغ 222 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي لفسخ عقد اللاعب أتبعه بصفقة جديدة من موناكو ضم فيها كيليان مبابي بـ180 مليون يورو "145 كانتقال نهائي في 2018 +35 كمقابل إعارة في 2017" وهي الخطوة التي جعلت الكثير من الشكوك تحوم حول فاعلية قانون اللعب المالي النظيف مع نادي العاصمة الفرنسية لينفجر سوق الأسعار بقوة ويضطر معها برشلونة في نفس الصيف لمحاولة تعويض رحيل نيمار ليضم عثمان ديمبلي من بروسيا دورتموند مقابل 105 ملايين يورو +45 مليوناً كمتغيرات.

تلك الصفقات سارت بشكل مختلف عن بعضها البعض .. نجح نيمار مع باريس في الدوري الفرنسي وقدم الإضافة لكنه دائماً ما كان يصاب قبل المراحل المهمة من دوري الأبطال أو أثناءها ليضيع الهدف الحقيقي للصفقة حتى الآن وهو التتويج بدوري الأبطال على اعتبار أن الفوز بالليج آ مضمون بنيمار أو بدونه قبل أن يفكر النجم البرازيلي في الرحيل منذ الصيف الماضي ولم يعيقه عن الأمر سوى رغبة باريس في الاحتفاظ به وكذلك عدم وجود مشترٍ جاد قادر على دفع المبلغ المطلوب ليصير شرخ عميق بين نيمار وجماهير النادي الباريسي.

أما مبابي فقد حقق نجاحاً واضحاً مع باريس واستمر في التطور بقوة ليصير أهم لاعب صاعد في العالم وربما اللاعب الأكثر قيمة على مستوى كرة القدم في الوقت الحالي رغم أنه مايزال يبحث عن النجاح القاري مع ناديه.

برشلونة أتبع صفقة ديمبلي بصفقة ضم فيليبي كوتينيو بعد عدة أشهر وتحديداً في مطلع عام 2018 أثناء السوق الشتوية مقابل 120 مليون يورو +40 مليون متغيرات لكن الصفقتين لم يحققا أي نجاح تقريباً. ديمبلي صار مدمناً للإصابات واقترب مجموع فترات غيابه من حاجز العام الكامل كما أنه أثناء فترات لعبه ورغم موهبته الواضحة إلا أنه كان أوضح أنه لا يركز داخل الملعب أو خارجه باسترخاء وتراخي كبير ليقتنع الجميع حتى الآن أن مشكلة ديمبلي الحقيقية في عقليته قبل كل شيء.

أما كوتينيو فلم يطل بقاؤه في برشلونة لأكثر من موسم ونص فقد فيهما كل ذرة ثقة يمكن أن يتمتع بها لاعب وذلك بعدما فشل في التأقلم والتكيف مع أسلوب لعب برشلونة لتصير استمراريته مستحيلة لتتم إعارته إلى بايرن ميونخ تحسن فيه أداءه قليلاً لكنه لم يرق للمستوى المطلوب الذي يجعل بايرن ميونخ يدفع 100 مليون يورو لشرائه ليعود إلى البرسا بمستقبل غامض سواء بالاستمرارية أم لا.

وإذا كان كوتينيو قد انتقل في شتاء 2018 فإن كريستيانو رونالدو عاد بعد 9 سنوات من انتقاله إلى ريال مدريد ليصبح من جديد أهم صفقة انتقال في هذا العام وذلك بعدما وقع ليوفنتوس مقابل 100 مليون يورو دفعتها إدارة يوفنتوس سعيدة وراضية إلى فلورنتينو بيريز الذي رفض طلبات رونالدو بخصوص راتبه، والحقيقة أن صفقة يوفنتوس لم تكن فقط فنية بل كانت لأغراض مادية وتسويقية مهمة إلا أن ذلك لم يمنع رونالدو من البروز رفقة السيدة العجوز فكان هدافها في كالتشو 2018/2019 ونفس الأمر في الموسم الحالي بينما كانت أبرز لحظاته في دوري الأبطال هي الهاتريك الانتقامي ضد أتلتيكو مدريد قبل الوداع أمام أياكس.

جاء عام 2019 ليشهد صفقتين جديدتين من عينة الـ100 مليون وهما صفقتي ضم برشلونة لأنتوان جرييزمان بـ120 مليون يورو مقابل الشرط الجزائي لفسخ تعاقده مع أتلتيكو مدريد الذي عوض رحيل النجم الفرنسي بانتداب نجم بنفيكا اليافع جواو فيلكس مقابل 126 مليون يورو.

الحقيقة أن موسم الاثنين الأول لم يكن في المستوى مقارنة بما كانا يقدمانه من قبل، وإن كان عذر جواو فيلكس واضح لصغر سنه إلا أن جرييزمان "29 سنة" أضاع الموسم الأول المتبقي له في مسيرته مع برشلونة مشتتاً بالأفكار المذبذبة لإدارات وأجهزة برشلونة الفنية ليلعب جناحاً أيسر تارة ورأس حربة متقدم مرة وفي كل تلك المراكز ابتعد عن سر تألقه الأول مع أتلتيكو مدريد باللعب كمهاجم ثانٍ أو على الأقل بالميل إلى اليمين لطبيعة لعبه بقدمه اليسرى وهي الطلبات مستحيلة التحقيق في ظل وجود ليونيل ميسي.

في 2019 أيضاً عاد صانع الأرقام الملايينة ريال مدريد إلى الواجهة من جديد بضم إدين هازارد من تشيلسي مقابل 100 مليون يورو +40 مليون متغيرات وهي الصفقة التي يراها كثيرون تأخرت 5 سنوات على الأقل أو لنقل 6 لأن هازارد في موسمه الأول لم يقدم الشيء الكبير بعدما عانى وسط ظلمات الإصابات وكذلك عدم قدرته على التكيف مع أجواء الليجا وكان من حسن حظه أنه مع إصابته الكبيرة الثانية ضربت كورونا العالم ليمتلك الوقت الكافي للتعافي منها ليبدأ مباراته الأولى بعد العودة أمام إيبار لم يقدم فيها الشيء الكبير قياساً إلى شوط أول ممتاز لريال مدريد.

إذًا حتى الآن لا يبدو أن الصفقات الضخمة هي ما تربح الرهان في السوق الأوروبية .. لاعبون يتعرضون لضغوط كبيرة تحت وطأة المبالغ التي دُفعت فيهم والتي سلطت الأضواء عليهم بشكل لا يسمح لهم بالتكيف في هدوء، بينما كيليان مبابي هو الصفقة الوحيدة التي يمكن الجزم على نجاحها 100% من ضمن كل تلك الصفقات التي شهدناها .. صفقة رونالدو ناجحة جداً في حدود ما خطط له من قبل يوفنتوس بينما نجحت صفقة جاريث في البداية ثم انهارت في النهاية، والبقية تتحسس طريقها ما بين النجاح المحدود والإغراق في "العادية" والفشل الذريع.