عاشت رياضة الإمارات لحظات مجيدة عبر التاريخ، وحققت الكثير من الإنجازات منذ تأسيس دولة الاتحاد في عام 1971، بفضل دعم ورعاية قيادتها الرشيدة، وجهود الرياضيين المخلصين والمبدعين في مختلف الألعاب الرياضة، وتعد الإمارات واحدة من أسرع دول العالم في التأهل لمونديال كرة القدم، إن لم تكن أسرعها على الإطلاق، حيث لم يمض على تأسيسها أكثر من 18 عاما لتضمن التأهل إلى كأس العالم عام 1989، وتشارك فيه في إيطاليا عام 1990، كواحدة من دولتين فقط مثلتا القارة الآسيوية في هذا الحدث العالمي الكبير.
ولأن المشاركة في مونديال كأس العالم في إيطاليا كانت لحظة تاريخية في تاريخ الرياضة الإماراتية، فمن الضروري أن نستدعيها ونحن نحتفل بعام الخمسين، وفي هذا التقرير نسلط الضوء عليها وعلى تاريخ كرة القدم في الإمارات، وأقدم أنديتها، ونتحدث مع عبدالرحمن محمد قائد منتخب الإمارات في مونديال 1990، نقلب معه صفحات مضيئة في نشأة وتطور كرة القدم الإماراتية خاصة أنه ينتمي إلى عميد أندية الإمارات نادي النصر، الذي كان له الريادة في دخول كرة القدم إلى الدولة، وكانت وما زالت له بصمات مهمة في مسيرة الإنجازات الكروية للدولة.
وقال عبد الرحمن محمد قائد منتخب الإمارات الوطني في مونديال 1990 إن الرياضة وكرة القدم في القلب منها، تعد من عناصر القوة الناعمة للدولة، والرياضة تمتلك القدرة على مد جسور التعاون والصداقة بين الدول والشعوب، وهذا المفهوم كان العنوان الرئيسي لرياضة الإمارات منذ نشأتها مع دولة الاتحاد، وحتى الآن، ووفرت القيادة الرشيدة كل الدعم لأبنائها من مدربين وملاعب ومعسكرات ومنشآت ومرافق لاستيعاب وتطوير مواهبهم، مما ساهم في تحقيق الكثير من الإنجازات خلال وقت وجيز، وأصبحت الإمارات واحدة من أفضل دول العالم من حيث المرافق والمنشآت خلال الخمسين عاما الماضية، ونجحت في استضافة الكثير من الأحداث العالمية والقارية التي أبهرت فيها الجميع بجودة المنشآت ودقة التنظيم.
وعن أبرز إنجاز حققته كرة القدم الإماراتية في الخمسين عاما الماضية .. أكد : " بلا أدنى شك هو التأهل لمونديال إيطاليا في عام 1990، لأنه أسعد قيادة وشعب الإمارات بأسره، خاصة أنه تحقق في ظروف صعبة حيث كانت آسيا لها مقعدين فقط في التأهل للمونديال بتلك المرحلة بخلاف ما هو قائم الآن بحصول آسيا على /4.5/ مقاعد للتأهل، وفي عام 1990 نالت الإمارات أحد هذين المقعدين عن جدارة واستحقاق، وبالنسبة لي أقول بأن أمل كل لاعب في العالم وطموحه الأكبر هو أن يمثل بلاده في كأس العالم لكرة القدم، والإمارات سبقت دولا كثيرة أقدم وأكبر في عدد السكان في الوصول إلى هذه المكانة، والتمثيل في المونديال، ولا يمكن أن ننسى دعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه" لنا، ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة الذي كان رئيسا لاتحاد الكرة في تلك الفترة، مما ساهم في بناء فريق قوي، ظهرت إرهاصات قوته في تصفيات مونديال 1986 التي كنا قريبين جدا حينها من التأهل لمونديال المكسيك، لولا هدف استقبلناه من العراق في الدقائق الأخيرة في مباراة فزنا فيها 2 / 1 ، وكان مطلوبا أن نكسبها بفارق هدفين ".
وعن مشاعره وهو يقود منتخب بلاده في أكبر حدث كروي عالمي .. قال عبد الرحمن : " لحظات لا تنسى، خصوصا عند عزف النشيد الوطني في أول مباراة ، لأنني في تلك اللحظات شعرت أن كل أحلامي تحققت، فقد كان حلمي الأول أن ألعب للفريق الأول بنادي النصر، وقد حدث، ثم تمنيت أن أفوز معه بالبطولات، وقد تحقق ذلك، وتمنيت أن أكون أحد عناصر المنتخب الوطني المؤثرين، وقد تحقق لي ذلك، ثم وصلت أحلامي إلى ذروتها بأن أشارك في كأس العالم قائدا لمنتخب بلادي، وتلك هي اللحظة التي اعتبرها أكثر لحظات حياتي مجدا مع الرياضة".
وتابع : " الرياضة الإماراتية حققت الكثير في الخمسين عاما الماضية، سواء في حصد الألقاب والميداليات في كل المحافل، أو في تنظيم البطولات عالمية المستوى، أو في إقامة المنشآت المتميزة من ملاعب وصالات وساحات وميادين بمواصفات عالمية شهد لها الجميع، أو في تعزيز الشراكات والعلاقات الدولية مع الكثير من دول العالم، أو في تعظيم القوة الناعمة للإمارات باعتبارها موطنا للإبداع والتميز في استضافة الأحداث الكبرى، بالإضافة إلى احتلال الكثير من الكوادر الإماراتية لمراكز مرموقة على المستويات الدولية والقارية، وبالتالي كانت هناك الكثير من التضحيات للاعبينا ومسؤولينا في الخمسين عاما الماضية، وتملك الإمارات للكثير لتحقق إنجازات أكبر وأهم في الخمسين عاما المقبلة، خصوصا في ظل تعاظم دورها حاليا، وتنامي الاهتمام بها من قبل القيادة الرشيدة، وسعي الدولة لاستقطاب التجارب الناجحة وتطبيقها في الكثير من الرياضات، ومن تجربة نشأة وتطور دولتنا نستطيع أن نؤكد بأنه لا يوجد مستحيل".
وعن نادي النصر كرائد لأندية الدولة وعميدها .. قال إن ما حققه النادي من إنجازات في الخمسين عاما الماضية يعود إلى المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم "طيب الله ثراه" رئيس النادي السابق لمدة تزيد عن 60 عاما ، الذي وفر له كل الدعم ليكون قلعة إفراز المواهب في كل الرياضات، وأن يبني له سمعه طيبة ومكانة مرموقة على مستوى المنطقة والعالم، حيث كان النادي من أوائل أندية الدولة التي استضافت أندية عالمية في مقدمتها سانتوس البرازيلي بصحبة اسطورته بيليه عام 1973، وأندية ليفربول، وأرسنال، وتوتنهام، وساوثهامبتون، وأستون فيلا الإنجليزية، و رد ستار اليوغسلافي، ورينجرز الاسكتلندي، واينتراخت فرانكفورت الألماني، وكان للشيخ مانع بن خليفة دورا كبيرا في دعم مسيرة نادي النصر وفي استقطاب عدد من تلك الأندية العالمية، وكان النادي من أول أندية الدولة في تأسيس مركز طبي بمواصفات عالمية لعلاج الرياضيين، حيث كان يستقبل كل اللاعبين من مختلف إمارات الدولة، ونحن على ثقة بأن الشيخ راشد بن حمدان بن راشد آل مكتوم رئيس النادي الجديد خير خلف لخير سلف لاستكمال مسيرة النجاح والتميز في الخمسين عاما المقبلة.
من ناحيته أكد على الشيخ الطيب أحد أقدم المؤرخين لكرة القدم الإماراتية أن نادي النصر كان أول ناد يمارس كرة القدم الإماراتية، حيث بدأ مسيرته في عام 1945، في منطقة الغبيبة بدبي، وأبرز نجوم مرحلة التأسيس الرسمية لنادي النصر هم المر بن حريز وعتيق بن أحمد المري، ومحمد سعيد الملا، وثاني بن عيسى، وماجد خلفان بن ثنية، وعبدالوهاب كلداري، ووجود نادي النصر كان حافزا لتواجد أندية أخرى في بر ديرة والشارقة وأبوظبي والعين وعجمان ورأس الخيمة، وبعد ظهور عدة أندية في دبي خلال مرحلة الخمسينات والستينات أقيمت الكثير من المباريات والمنافسات على كؤوس وبعضها كان دوريا وديا.
وأضاف كان نادي النصر صاحب النصيب الأكبر في عدد مرات الفوز خلال تلك المرحلة بفضل جيل مميز من أبرز لاعبيه سعيد سيف، وإسماعيل جيرمن، وسعيد بو جسيم، وإبراهيم جمعه، ويوسف حبيب وعتيق ثاني والشيخ مروان بن مكتوم، والشيخ أحمد بن مكتوم، والشيخ مانع بن خليفة، ومجيد خنجي وعادل سعيد، وانضم لهم في أواخر الستينات سالم بو شنين قادما من الهلال البحري الذي انضم للنصر، وتوالت مسيرة إنجازات الفريق في فترة الستينات والسبعينات حيث احتفظ بلقب دوري دبي طوال الفترة من 1964 إلى 1972، وفاز بكأس البلدية وكأس الشيخ مكتوم، وكأس حكومة دبي، وكأس اتحاد الكرة بدبي.
وقال الطيب بعد تأسيس الدولة في عام 1971 واصل النصر إنجازاته وحقق لقب الدوري موسمين متتاليين 1978، و1979، وتأهل لنهائي كأس رئيس الدولة مرتين عامي 1975 و1980، وتواصلت مسيرة نجومه جيلا بعد جيل معززة بالإنجازات حيث حقق النادي رقما قياسيا من الألقاب في أقصر مدة زمنية بحصوله على كأس رئيس الدولة مرتين وبطولة الدوري وبطولة كأس الاتحاد خلال 4 أشهر فقط من أكتوبر 1985 حتى فبراير 1986. وفي عقد التسعينات حقق الفريق كأس السوبر عام 1990، وكأس الاتحاد 1993، ولقب الدوري 1996، وكأس الاتحاد 1999، و2001، وفي الألفية الجديدة حقق النصر لقب أندية الخليج عام 2014، وكأس رئيس الدولة وكأس الخليج العربي عام 2015.