يترقب جمهور الساحرة المستديرة بطولة كأس أمم إفريقيا، التي تنطلق في التاسع من يناير وحتى السادس من فبراير المقبلين، على الأراضي الكاميرونية، بعد الكثير من الجدل والتهديدات بتأجيلها.
"البروتوكول الطبي" للبطولة، وتعارضها مع "مونديال الأندية"، بالإضافة إلى ضغط الأندية الأوروبية، والصعوبات التي واجهت الكاميرون لاستضافة المسابقة الإفريقية، كل هذه الأسباب كانت تؤشر لتأجيلها، إلا أن هناك سبب آخر قوي لم يتداول إعلاميا، وهو "الحرب الأهلية" بالبلد الإفريقي.
الوضع المقلق
ارتفعت درجة القلق لمنظمي البطولة قبل أسابيع، عندما أرسل انفصاليو الأنغلوفون في الكاميرون، تهديدا شديد اللهجة، لمنظمي البطولة، وهددوا "بتخريب المباريات"، وتعريض المنتخبات المشاركة في مدن تقع تحت سيطرتهم للخطر الحقيقي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، هددت حركات انفصالية في الكاميرون بشن هجمات ضد ليمبي وبويا، وهما مدينتان ستستضيفان مباريات كأس أمم إفريقيا.
كما وجهت الحركة تهديدا مباشرا للمنتخبات التي تخوض مبارياتها في مناطق غرب الكاميرون المتحدثة بالإنجليزية، ومن بينها تونس وموريتانيا، لأن الحركة تعتبر نجاح البطولة نجاحا للحكومة الكاميرونية التي تحاربهم في السنوات الماضية.
وقالت منظمة سياسية معارضة للحركة الأنغلوفونية: " نطالب من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لمنع إقامة البطولة. نحن نواجه حكومة غير مسؤولة تريد الاستفادة من "برستيج" إقامة البطولة الدولية لرفع شعبيتها لدى المواطنين".
كل هذه العوامل تضع البطولة في خطر حقيقي، قد يهدد إقامتها، أو يفشل تجربة استضافتها.
بداية النزاع
كيف بدأت الحرب الأهلية بالكاميرون؟ وما جذور هذا الصراع؟ وإلى أين وصلت؟ هذا ما يحاول موقع "سكاي نيوز عربية" الإجابة عليه، خلال السطور التالية.
قبل التعمق في التفاصيل، يجدر الإشارة إلى أن الحرب الأهلية بالكاميرون تسببت في وفاة قرابة 4000 آلاف شخص خلال خمس سنوات.
واضطر حوالي 60 ألف شخص للفرار إلى نيجيريا، بالإضافة إلى 850 ألف طفل لا يستطيعوا الذهاب لمدارسهم، وذلك وفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".. نحن ببساطة نتحدث عن دولة تنهش الفوضى جدرانها بلا توقف، وسط خسائر كارثية لا تُعد ولا تُحصى.
جذور الصراع
بالعودة بالزمن إلى الوراء، تحديدا العام 1884، تعرضت الكاميرون للاستعمار الألماني، والذي استمر حتى 1916، وبعد هزيمة الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى؛ سلمت "عصبة الأمم" جزءا من الكاميرون إلى فرنسا، والآخر لبريطانيا.
حصلت المنطقة الكاميرونية التي تديرها فرنسا على استقلالها في 1960. وبعد ذلك بعام، أُجرى استفتاء في الكاميرون الخاضعة للحكم البريطاني حول الانضمام إلى الكاميرون المستقلة حديثا أو نيجيريا. لم يكن خيار الاستقلال مطروحا على الطاولة آنذاك.
اختار النصف الشمالي للإقليم الانضمام إلى نيجيريا، في حين اختار الجنوب الاندماج مع الكاميرون. منذ ذلك الحين، تم تقسيم الكاميرون إلى جزئين: جزء شرقي يتحدث الفرنسية، وآخر غربي يتحدث الإنجليزية.
كان وجود فريقين يمهد لنشأة العنصرية تجاه أحدهما، إذ أصبح سكان المناطق الناطقة الإنجليزية يشعرون بالتعرض للاضطهاد، حتى جاءت لحظة الانفجار وبدأت الحرب.
بداية الحرب
في أكتوبر 2016، شن سكان المناطق الناطقة بالإنجليزية إضرابات جامحة للمطالبة بالمساواة، وأشار المتظاهرون إلى أن المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية في الكاميرون أقل تطورا بكثير من نظيرتها الناطقة بالفرنسية.
الكاميرونيون الناطقون بالإنجليزية كانوا يطالبون بوضوح بأن يخلعون ثوب "مواطني الدرجة الثانية"، وتجاهلت الحكومة المركزية الكاميرونية أصوات المعارضة.
وفي بداية العام الدراسي بـ 2016، بدأت الحكومة الكاميرونية في تنفيذ مشروعها الخاص باستبدال النظام القانوني والتعليمي على الطريقة البريطانية في المنطقة بالنموذج الفرنسي، وهذا ما اعتبره ناطقو الإنجليزية تبديد لثقافة اللغة في المنطقة؛ كان الصراع يتأجج أكثر وأكثر، خاصة مع تعرض حركة المقاومة الكاميرونية للقمع باستمرار من قبل الدولة.
في نوفمبر 2016، دعا الكاميرونيون الناطقون باللغة الإنجليزية إلى إعادة إنشاء "النظام الفيدرالي"، أو الانفصال عن الكاميرون الناطقة بالفرنسية، وإنشاء بلد مستقل يحمل اسم "أمبازونيا".
وظهرت عديد من المجموعات الانفصالية المختلفة الناطقة بالإنجليزية، والتي يبلغ مجموع أفرادها حوالي 4000 عضوا، وأكثرها نفوذا هي قوات الدفاع في أمبازونيا، ومجلس الدفاع عن النفس في أمبازونيا، والحركة الشعبية لتحرير إفريقيا وجناحها المسلح، وقوات دفاع جنوب الكاميرون.
وفي ديسمبر من نفس العام، تعرض عدد من الأشخاص للقتل برصاص قوات الأمن في مدينة باميندا الواقعة شمال غرب الكاميرون بالمنطقة الناطقة بالإنجليزية، وأصيب العشرات في الاشتباكات، وفشل الجيش في السيطرة على الوضع.
شرارة الفوضى
في العام 2017، أطلقت الحكومة المركزية في الكاميرون حملة منسقة لإضعاف الجماعات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية، وقُطع "الإنترنت" عن هذه المناطق خلال الفترة من من يناير إلى أبريل 2017.
وتم اعتقال أقارب الناشطين الناطقين بالإنجليزية، وقامت قوات الأمن بالكاميرون بقمع الاحتجاجات المتجددة التي نظمها مدرسون ومحامون يتحدثون الإنجليزية.
وبعد ذلك، دعت المجموعات الانفصالية في الكاميرون جميع المتحدثين باللغة الإنجليزية إلى المشاركة في الإضرابات العامة كل يوم اثنين.
ومثل الأول من أكتوبر 2017 فصلا جديدا في هذا الصراع، إذ أعلن الزعيم الانفصالي سيسيكو جوليوس أيوك تاب جمهورية أمبازونيا دولة مستقلة، واعتبر هذا اليوم عيد وطني يحتفل به رسميا باعتباره يوم التوحيد. واستمرت سيطرة الانفصاليين على عدد من المناطق الكاميرونية، بينما كان الرئيس الكاميروني، بول بيا، يقاتل من أجل التقليل من أهمية الصراع، والانعزال في عالمه الوردي كأن لم يحدث أي شيء.
وتحركت الأحداث بنفس الوتيرة وازدادت سرعتها تدريجيا، وباتت المنظمات الدولية مضطرة للتدخل، بعد الخسائر الكارثية التي تعرضت لها الكاميرون على إثر هذا الصراع.. صراع الغضب والدم.
في أكتوبر 2018، أعيد انتخاب الرئيس بيا، الذي يشغل منصبه منذ عام 1982، بنسبة 71.28 بالمئة من الأصوات، وبدأت قوى المعارضة بالإشارة إلى أن فوز بيا بمقعد الرئاسي يشوبه التزوير الفاضح، وتصاعدت التوترات السياسية والعرقية بين "أنصار بيا" والمعارضة.
البحث عن الحل
في سبتمبر 2019، أعلن الرئيس الكاميروني، بول بيا، عبر وسائل الإعلام، أنه يسعى لوجود حوار وطني حاسم ينهي الصراع الذي أهلك البلاد، وهو ما لاقى ترحيبا كبيرا من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
"دعوة بيا" قوبلت بالرفض من الجماعات الانفصالية؛ بسبب وجود القادة الانفصاليون الرئيسيون في السجن، كما اعتبروا أن الرئيس الكاميروني يسعى لتهدئة الأجواء فقط دون الوصول إلى حلول حقيقية لهذه الأزمة.
في ديسمبر من نفس العام، صادق بيا على العديد من القوانين المصممة لتعزيز ثنائية اللغة واللامركزية في الكاميرون. غير أن شخصيات المعارضة شجبت هذه الخطوة باعتبارها محاولة سخيفة لإبقاء بيا في السلطة.
في مارس 2020، ازدادت الأمور سوءا بالكاميرون، بعد تكثيف الهجمات التي تشنها جماعة بوكو حرام الإرهابية على شمال شرق الكاميرون.
وبالتزامن مع الموجة الأولى من جائحة كورونا، أعلنت بعض الجماعات الانفصالية وقف إطلاق النار، استجابة لنداء "الأمم المتحدة"، لكن الجماعة الانفصالية الأكبر والأخطر "قوات الدفاع الأمابازونية" رفضت التوقف واستمرت الهجمات.
آخر الأحداث
العام 2021 كان شاهدا على هجمات أكثر شراسة للجماعات الانفصالية على المواقع العسكرية والمركبات التابعة للجيش الكاميروني.
في يناير من العام الجاري، وقع انفجار في محيط ملعب "ليمبي"، أحد الملاعب المستضيفة لأمم إفريقيا، ورغم أن الحادث لم يسفر عن أي قتلى، لكن بعض السيارات تعرضت للتدمير، وسط مخاوف مستمرة بشأن سلامة المنطقة بسبب التوترات الانفصالية.
يمثل سكان المناطق الناطقة الإنجليزية قرابة 20 بالمئة من مواطني الكاميرون، ويشير أحد التقارير الصادرة عن "هيومن رايتس ووتش" إلى أن أطراف النزاع ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان مثل: الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة والقتل الجماعي.
حتى كتابة هذه السطور، تقام "أمم إفريقيا" في موعدها، وسط أمنيات ألا يتم الزج بالبطولة الإفريقية في الحرب الأهلية بالكاميرون، وأن تكون مناسبة كروية تكفي لتوحيد الصفوف مؤقتا أمام الشاشات وداخل ملاعب "الكان".
"البروتوكول الطبي" للبطولة، وتعارضها مع "مونديال الأندية"، بالإضافة إلى ضغط الأندية الأوروبية، والصعوبات التي واجهت الكاميرون لاستضافة المسابقة الإفريقية، كل هذه الأسباب كانت تؤشر لتأجيلها، إلا أن هناك سبب آخر قوي لم يتداول إعلاميا، وهو "الحرب الأهلية" بالبلد الإفريقي.
الوضع المقلق
ارتفعت درجة القلق لمنظمي البطولة قبل أسابيع، عندما أرسل انفصاليو الأنغلوفون في الكاميرون، تهديدا شديد اللهجة، لمنظمي البطولة، وهددوا "بتخريب المباريات"، وتعريض المنتخبات المشاركة في مدن تقع تحت سيطرتهم للخطر الحقيقي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، هددت حركات انفصالية في الكاميرون بشن هجمات ضد ليمبي وبويا، وهما مدينتان ستستضيفان مباريات كأس أمم إفريقيا.
كما وجهت الحركة تهديدا مباشرا للمنتخبات التي تخوض مبارياتها في مناطق غرب الكاميرون المتحدثة بالإنجليزية، ومن بينها تونس وموريتانيا، لأن الحركة تعتبر نجاح البطولة نجاحا للحكومة الكاميرونية التي تحاربهم في السنوات الماضية.
وقالت منظمة سياسية معارضة للحركة الأنغلوفونية: " نطالب من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لمنع إقامة البطولة. نحن نواجه حكومة غير مسؤولة تريد الاستفادة من "برستيج" إقامة البطولة الدولية لرفع شعبيتها لدى المواطنين".
كل هذه العوامل تضع البطولة في خطر حقيقي، قد يهدد إقامتها، أو يفشل تجربة استضافتها.
بداية النزاع
كيف بدأت الحرب الأهلية بالكاميرون؟ وما جذور هذا الصراع؟ وإلى أين وصلت؟ هذا ما يحاول موقع "سكاي نيوز عربية" الإجابة عليه، خلال السطور التالية.
قبل التعمق في التفاصيل، يجدر الإشارة إلى أن الحرب الأهلية بالكاميرون تسببت في وفاة قرابة 4000 آلاف شخص خلال خمس سنوات.
واضطر حوالي 60 ألف شخص للفرار إلى نيجيريا، بالإضافة إلى 850 ألف طفل لا يستطيعوا الذهاب لمدارسهم، وذلك وفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".. نحن ببساطة نتحدث عن دولة تنهش الفوضى جدرانها بلا توقف، وسط خسائر كارثية لا تُعد ولا تُحصى.
جذور الصراع
بالعودة بالزمن إلى الوراء، تحديدا العام 1884، تعرضت الكاميرون للاستعمار الألماني، والذي استمر حتى 1916، وبعد هزيمة الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى؛ سلمت "عصبة الأمم" جزءا من الكاميرون إلى فرنسا، والآخر لبريطانيا.
حصلت المنطقة الكاميرونية التي تديرها فرنسا على استقلالها في 1960. وبعد ذلك بعام، أُجرى استفتاء في الكاميرون الخاضعة للحكم البريطاني حول الانضمام إلى الكاميرون المستقلة حديثا أو نيجيريا. لم يكن خيار الاستقلال مطروحا على الطاولة آنذاك.
اختار النصف الشمالي للإقليم الانضمام إلى نيجيريا، في حين اختار الجنوب الاندماج مع الكاميرون. منذ ذلك الحين، تم تقسيم الكاميرون إلى جزئين: جزء شرقي يتحدث الفرنسية، وآخر غربي يتحدث الإنجليزية.
كان وجود فريقين يمهد لنشأة العنصرية تجاه أحدهما، إذ أصبح سكان المناطق الناطقة الإنجليزية يشعرون بالتعرض للاضطهاد، حتى جاءت لحظة الانفجار وبدأت الحرب.
بداية الحرب
في أكتوبر 2016، شن سكان المناطق الناطقة بالإنجليزية إضرابات جامحة للمطالبة بالمساواة، وأشار المتظاهرون إلى أن المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية في الكاميرون أقل تطورا بكثير من نظيرتها الناطقة بالفرنسية.
الكاميرونيون الناطقون بالإنجليزية كانوا يطالبون بوضوح بأن يخلعون ثوب "مواطني الدرجة الثانية"، وتجاهلت الحكومة المركزية الكاميرونية أصوات المعارضة.
وفي بداية العام الدراسي بـ 2016، بدأت الحكومة الكاميرونية في تنفيذ مشروعها الخاص باستبدال النظام القانوني والتعليمي على الطريقة البريطانية في المنطقة بالنموذج الفرنسي، وهذا ما اعتبره ناطقو الإنجليزية تبديد لثقافة اللغة في المنطقة؛ كان الصراع يتأجج أكثر وأكثر، خاصة مع تعرض حركة المقاومة الكاميرونية للقمع باستمرار من قبل الدولة.
في نوفمبر 2016، دعا الكاميرونيون الناطقون باللغة الإنجليزية إلى إعادة إنشاء "النظام الفيدرالي"، أو الانفصال عن الكاميرون الناطقة بالفرنسية، وإنشاء بلد مستقل يحمل اسم "أمبازونيا".
وظهرت عديد من المجموعات الانفصالية المختلفة الناطقة بالإنجليزية، والتي يبلغ مجموع أفرادها حوالي 4000 عضوا، وأكثرها نفوذا هي قوات الدفاع في أمبازونيا، ومجلس الدفاع عن النفس في أمبازونيا، والحركة الشعبية لتحرير إفريقيا وجناحها المسلح، وقوات دفاع جنوب الكاميرون.
وفي ديسمبر من نفس العام، تعرض عدد من الأشخاص للقتل برصاص قوات الأمن في مدينة باميندا الواقعة شمال غرب الكاميرون بالمنطقة الناطقة بالإنجليزية، وأصيب العشرات في الاشتباكات، وفشل الجيش في السيطرة على الوضع.
شرارة الفوضى
في العام 2017، أطلقت الحكومة المركزية في الكاميرون حملة منسقة لإضعاف الجماعات الانفصالية الناطقة بالإنجليزية، وقُطع "الإنترنت" عن هذه المناطق خلال الفترة من من يناير إلى أبريل 2017.
وتم اعتقال أقارب الناشطين الناطقين بالإنجليزية، وقامت قوات الأمن بالكاميرون بقمع الاحتجاجات المتجددة التي نظمها مدرسون ومحامون يتحدثون الإنجليزية.
وبعد ذلك، دعت المجموعات الانفصالية في الكاميرون جميع المتحدثين باللغة الإنجليزية إلى المشاركة في الإضرابات العامة كل يوم اثنين.
ومثل الأول من أكتوبر 2017 فصلا جديدا في هذا الصراع، إذ أعلن الزعيم الانفصالي سيسيكو جوليوس أيوك تاب جمهورية أمبازونيا دولة مستقلة، واعتبر هذا اليوم عيد وطني يحتفل به رسميا باعتباره يوم التوحيد. واستمرت سيطرة الانفصاليين على عدد من المناطق الكاميرونية، بينما كان الرئيس الكاميروني، بول بيا، يقاتل من أجل التقليل من أهمية الصراع، والانعزال في عالمه الوردي كأن لم يحدث أي شيء.
وتحركت الأحداث بنفس الوتيرة وازدادت سرعتها تدريجيا، وباتت المنظمات الدولية مضطرة للتدخل، بعد الخسائر الكارثية التي تعرضت لها الكاميرون على إثر هذا الصراع.. صراع الغضب والدم.
في أكتوبر 2018، أعيد انتخاب الرئيس بيا، الذي يشغل منصبه منذ عام 1982، بنسبة 71.28 بالمئة من الأصوات، وبدأت قوى المعارضة بالإشارة إلى أن فوز بيا بمقعد الرئاسي يشوبه التزوير الفاضح، وتصاعدت التوترات السياسية والعرقية بين "أنصار بيا" والمعارضة.
البحث عن الحل
في سبتمبر 2019، أعلن الرئيس الكاميروني، بول بيا، عبر وسائل الإعلام، أنه يسعى لوجود حوار وطني حاسم ينهي الصراع الذي أهلك البلاد، وهو ما لاقى ترحيبا كبيرا من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
"دعوة بيا" قوبلت بالرفض من الجماعات الانفصالية؛ بسبب وجود القادة الانفصاليون الرئيسيون في السجن، كما اعتبروا أن الرئيس الكاميروني يسعى لتهدئة الأجواء فقط دون الوصول إلى حلول حقيقية لهذه الأزمة.
في ديسمبر من نفس العام، صادق بيا على العديد من القوانين المصممة لتعزيز ثنائية اللغة واللامركزية في الكاميرون. غير أن شخصيات المعارضة شجبت هذه الخطوة باعتبارها محاولة سخيفة لإبقاء بيا في السلطة.
في مارس 2020، ازدادت الأمور سوءا بالكاميرون، بعد تكثيف الهجمات التي تشنها جماعة بوكو حرام الإرهابية على شمال شرق الكاميرون.
وبالتزامن مع الموجة الأولى من جائحة كورونا، أعلنت بعض الجماعات الانفصالية وقف إطلاق النار، استجابة لنداء "الأمم المتحدة"، لكن الجماعة الانفصالية الأكبر والأخطر "قوات الدفاع الأمابازونية" رفضت التوقف واستمرت الهجمات.
آخر الأحداث
العام 2021 كان شاهدا على هجمات أكثر شراسة للجماعات الانفصالية على المواقع العسكرية والمركبات التابعة للجيش الكاميروني.
في يناير من العام الجاري، وقع انفجار في محيط ملعب "ليمبي"، أحد الملاعب المستضيفة لأمم إفريقيا، ورغم أن الحادث لم يسفر عن أي قتلى، لكن بعض السيارات تعرضت للتدمير، وسط مخاوف مستمرة بشأن سلامة المنطقة بسبب التوترات الانفصالية.
يمثل سكان المناطق الناطقة الإنجليزية قرابة 20 بالمئة من مواطني الكاميرون، ويشير أحد التقارير الصادرة عن "هيومن رايتس ووتش" إلى أن أطراف النزاع ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان مثل: الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة والقتل الجماعي.
حتى كتابة هذه السطور، تقام "أمم إفريقيا" في موعدها، وسط أمنيات ألا يتم الزج بالبطولة الإفريقية في الحرب الأهلية بالكاميرون، وأن تكون مناسبة كروية تكفي لتوحيد الصفوف مؤقتا أمام الشاشات وداخل ملاعب "الكان".