في صباح يومٍ عادي، كان الشاعر مأمون الشناوي يستعد للخروج من منزله بعد أن ارتدى جاكت بدلته. وبينما يضع يده في جيب الجاكت، شعر بورقة. استخرجها وبدأ يقرأ ما فيها، فوجد كلمات أغنية عذبة تمس القلب، وكان مطلعها:"عَالحلوة والمُرة... مش كنا متعاهدين؟".

قرأ" مأمون" الكلمات وتأثر بها، إلا أن شيئاً ما بدا له غريبًا؛ ففكر قليلاً قائلاً في نفسه: هذا ليس أسلوبي الشعري. وظل على حالة من الاستغراب، يحاول عصف ذهنه ربما يكون قد كتبها في وقتٍ سابق، لكنه تأكد أنها ليست من تأليفه.

نادى على الخادمة بفضول وسألها عن الورقة. ترددت وارتبكت، لكن بعد إلحاحه اعترفت، فأخبرته أن هناك علاقة عاطفية بريئة تربطها بسيد المكوجي، وأنه اعتاد إرسال رسائل لها مخبأة في جيوب الملابس التي يأتي لكويها، وقد كان في خصام معه هذه الأيام، فلم تلاحظ هذه الرسالة التي حملت كلمات أغنية مصالحة منه.

شعر مأمون الشناوي بأن ما في الورقة يستحق أن يرى النور. طلب من الخادمة أن تذهب وتحضر سيد المكوجي على الفور. ولما جاء سيد، جلس معه مأمون وطلب منه تأكيد ملكيته للكلمات، فأجابه سيد بابتسامة خجولة أن هذه بالفعل كلماته، وأن لديه غيرها الكثير.

أُعجب مأمون بروح الشاعر الكامنة في سيد المكوجي، فقرر أن يمنحه الفرصة، وعلى الفور اتصل بالملحن محمود الشريف وأطلعه على الكلمات، فأحبها الشريف وقرر تلحينها. اجتمع الثلاثة في بيت مأمون، وتم الاتفاق على أن تكون الأغنية من تأليف سيد وأن يظهر اسمه عليها.

بعد تلحين الأغنية كان لمؤمون رأي في اختيار المغني، فسارع بالاتصال بالمطرب عبد الغني السيد، وأسمعه كلمات الأغنية، فأُعجب بها ووافق على غنائها.

قام محمود الشريف بتلحين الأغنية، وسُجلت في الإذاعة المصرية، وأصبحت الأغنية ضربة ناجحة، وواحدة من أشهر أغاني عبد الغني السيد، التي تناقلتها الأجيال ولا زالت تذاع حتى اليوم.

وبفضل تلك الكلمات، انفتح باب جديد أمام سيد مرسي "المكوجي"، الذي أصبح لاحقًا من أبرز شعراء الأغنية المصرية، وتغنّى له كبار الفنانين، مثل شادية وليلى مراد وفايزة أحمد. وحققت له أغنية "ليالينا" مع وردة شهرة واسعة، ليصبح اسمه مرموقًا في عالم الأغنية المصرية.

وهكذا، خطّت الكلمات التي كتبت للمصالحة بين عاشقين، طريقًا نحو المجد لصاحبها، لتصبح "على الحلوة والمرة" أغنية لا تُنسى في الذاكرة الفنية المصرية.