خلال القرون الماضية، اتجهت العديد من الدول المستقلة التي تمتعت بسيادتها وباعتراف دولي للتخلي عن جيوشها، مفضلة الاكتفاء بعدد من قوات الأمن وحرس الحدود والقوات الخاصة.

ولعل آيسلاندا التي لا تمتلك جيشا دائما منذ العام 1869، كانت أول تجربة، إذ اعتمدت على عدد من الاتفاقيات الأمنية التي ربطتها بدول أخرى، وذلك على الرغم من تواجدها ضمن حلف الناتو.

وإلى جانب آيسلاندا، تخلت دول أخرى كبنما عام 1990 وكوستاريكا سنة 1949 عن جيوشها الدائمة.

فعقب حرب أهلية تسببت في مقتل بضعة آلاف، حبّذت الحكومة الكوستاريكية حينها تمرير قانون بالبرلمان وفصل بالدستور لإنهاء وجود الجيش.

الحرب الأهلية

وبعد الانتخابات الرئاسية الكوستاريكية التي جرت يوم 8 شباط/فبراير 1948، تمكن مرشح المعارضة، التابع لحزب الوحدة الوطنية، أوتيليو أولاتي بلانكو (Otilio Ulate Blanco) من الفوز على مرشح الحزب الحاكم، الحزب الوطني الجمهوري، رافاييل أنجل كالديرون (Rafael Ángel Calderón).

كما رفض مجلس النواب، الذي كانت أغلبيته من الحزب الحاكم، نتائج الانتخابات وتحدث عن وجود تزوير كبير لصالح بلانكو.

إثر ذلك، صوت مجلس النواب مطلع شهر آذار/مارس من العام نفسه على قرار لإبطال نتائج الانتخابات.

أمام هذا الوضع، أعلن رجل الأعمال الكوستاريكي جوزيه فيغيريس فيرير (José Figueres Ferrer) تمرده على الحزب الحاكم ليشكل بذلك ميليشيا مسلحة حملت السلاح في وجه الحزب الحاكم. وعلى إثر ذلك، اندلعت الحرب الأهلية الكوستاريكية التي حاول خلالها الجيش الكوستاريكي، ضعيف التسليح، والميليشيات الشيوعية إنهاء تمرد فيرير.

وخلال هذه المعارك التي استمرت لنحو 6 أسابيع، لم يجد فيرير صعوبة كبيرة في التغلب على الجيش الكوستاريكي وحلفائه وإجبار مرشح الحزب الحاكم رافاييل أنجل كالديرون على مغادرة البلاد. وبالفترة التالية، حكم جوزيه فيغيريس فيرير كوستاريكا بشكل مؤقت لمدة 18 شهرا قبل أن يعيد السلطة للرئيس الفائز بالانتخابات أوتيليو أولاتي بلانكو.

إنهاء وجود الجيش

بعدها، وأثناء فترة حكمه التي استمرت 18 شهرا، اتخذ جوزيه فيغيريس فيرير العديد من القرارات الهامة. فإضافة لانتخاب برلمان جديد وتبني دستور للبلاد، عمد فيرير مطلع كانون الأول/ديسمبر 1948 لحل الجيش الكوستاريكي وإنهاء وجوده بشكل رسمي. وخلال احتفال رسمي أقيم بالعاصمة سان جوزيه، أقدم فيرير، بشكل رمزي، على تحطيم جدار بإستخدام مطرقة للإشارة لإجهاض الجيش الكوستاريكي وإنهاء وجوده.

من جهة ثانية، تم تمرير قرار إنهاء وجود الجيش بالفصل الثاني عشر من دستور كوستاريكا. وانطلاقا من ذلك، أمر فيرير بتخصيص ميزانية الجيش السابقة لدعم الأمن والتعليم والثقافة وتحسين البنية التحتية بالبلاد.

يذكر أنه وخلال العام 1986، حددت كوستاريكا يوم 1 كانون الأول/ديسمبر من كل سنة عيدا رسميا احتفالا بإنهاء وجود الجيش.

كما حافظت كوستاريكا على عدد من قوات حفظ الأمن وحرس الحدود والفرق المسلحة الخاصة لضبط الأمن بالبلاد دون أن تمتلك جيشا رسميا دائما.