إرم نيوز

"معجزة التاريخ التي لا بديل لها".

هكذا وصفها المؤرخ الفرنسي الشهير "بول فين" وصفا دقيقا لا يحمل أي مبالغة، لم لا وهي واحدة من أشهر المدن الأثرية في العالم.

تضرب عميقا في الطبقات البعيدة للزمن حيث يرسم العصر الحجري ملامحها الأولى، وترجع سيرتها الموثقة إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، حين خضعت لسيطرة الكنعانيين والآراميين.

نظرة واحدة إلى أعمدتها ومسارحها ومعابدها ومدافنها الملكية تؤكد أنها سليلة مجد الرومان وموطن العظمة التي تطل عليها الصحراء والبوادي في سوريا.

ازدهرت حضارة في القرون الأولى بعد الميلاد حيث تحولت إلى مركز تجاري عالمي يصل الإمبراطورية الرومانية في الغرب ببلاد فارس والهند والصين في الشرق عبر "طريق الحرير" التي كانت أبرز محطاته.

ارتبط اسمها بالملكة زنوبيا التي أسست انطلاقا من أرضها مملكة عظيمة تضم أجزاء واسعة من سوريا ولبنان ومصر، متوجة بالقلاع ذات الطُرُز المعمارية الفريدة.

أقلق نفوذ الملكة القوية المتزايد حكام روما، لا سيما بعد استيلائها على مدينة الإسكندرية، التي تعد أهم الموانئ المصرية على ساحل البحر المتوسط فجربوا معها كلّ الطرق الدبلوماسية في البداية بهدف احتوائها، وحين فشلت تلك المحاولات، لم يجدوا حلا سوى استخدام القوة ومحاصرتها عسكريا حتى وقعت الملكة الجميلة في الأسر بعد مقاومة شرسة.

وليس غريبا أن تحمل أشهر معالمها الطابع الروماني من قلاع أثرية شهيرة ومعابد، على غرار"الإله بل" و"بعلشمين" و"نبو"، فضلا عن أقواس النصر والحمامات ومجالس الشيوخ و الأسواق العامة.

ظهر اسم تدمر في المخطوطات البابلية القديمة في شرق سوريا والذي يعني "بلد المقاومين" باللغة العمورية، أما في اللغة الآرامية فكانت تُنطق "تدمرتا" بمعنى" البلد الذي لا يُقهر" أو" المعجزة"، بحسب الرواية التاريخية الأشهر.

عُرفت في العصر الروماني باسم "بالميرا" أو"مدينة النخيل"، في إشارة لكثرة النخيل المحيط بها، أما الإمبراطور "هادريان"، فأطلق عليها لقب "المدينة الحرة".

يكتسب اللقب الأخير دلالة خاصة حيث توالى عليها الغزاة وآخرهم تنظيم "داعش" الذي استباح كنوزها الأثرية وسفك دماء الأبرياء على جدران الأعمدة والمعابد، لكنها بقيت ورحل القتلة واندحر المحتلون.

ورغم أنها تبتعد عن دمشق أكثر من 200 كيلومتر وتحيط بها الجبال من معظم الجهات، فإنها استحقت عن جدارة لقب "لؤلؤة الصحراء" بسبب الواحات الخضراء التي تنمو وسط رمالها الصفراء.