تُعد حالات القلق المزمن من أبرز العوامل النفسية التي تؤثر سلبًا على صحة الإنسان الجسدية والعصبية، إذ لا يقتصر أثر القلق على الشعور بالتوتر، بل يمتد ليؤثر على وظائف الجهاز العصبي ويُحدث اضطرابات قد تظهر في شكل أعراض جسدية واضحة.
في السطور التالية، نسلط الضوء على العلاقة بين القلق وصحة الجهاز العصبي، ونستعرض أبرز الأعراض الجسدية المرتبطة به وكيفية التعامل معها بفعالية.
أعراض القلق العصبي
حين يصاب الجهاز العصبي بالإرهاق بسبب القلق، تظهر عليه مجموعة من الأعراض، منها التوتر العضلي المستمر والذي غالبًا ما يشعر فيه المصاب بانقباض في الرقبة أو الظهر دون سبب عضوي، ويعد الخدر أو الوخز في الأطراف والذي يختلط أحيانًا بأعراض نقص الفيتامينات أو المشكلات العصبية العضوية عرضًا قويًا بجانب الدوخة وفقدان التوازن الناتج عن اختلال مركز التوازن في الدماغ.
كما تأتي اضطرابات النوم وصعوبة الدخول فيه أو الاستيقاظ المفاجئ ليلًا في المقام الأول بعد تسارع نبضات القلب وتعرف الجيد كرد فعل تلقائي من الجهاز العصبي اللاإرادي، بالإضافة إلى تشتت الذهن دائمًا بسبب القلق وحدوث مشاكل في الذاكرة والتركيز، كذلك الحساسية المفرطة تجاه الأضاءة أو الأصوات وهذا نتيجة استنفار الجهاز العصبي.
كيف يؤثر القلق على الجهاز العصبي؟
ويؤثر القلق على الجهاز العصبي من خلال إفراز زائد لهرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، وهذا يجعل الجسم في حالة استعداد دائمًا للغضب، وأيضًا يحدث القلق خللًا في النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين فينتج عنه تقلبات مزاجية حادة وشعور مستمر بعدم الراحة ولا الاستقرار النفسي.
ويمكن أن يؤثر القلق أيضًا على الجهاز العصبي من خلال زيادة الالتهابات في نهايات الأعصاب الدقيقة فتلتهب هي الأخرى، وتضاعف من فرط نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي وهو المسؤول عن ردود الفعل الفسيولوجية في حالات الخطر، مما يؤدي لتسارع دائم في الاستجابات الجسدية حتى دون مسبب خارجي.
الحلول والتعامل مع القلق
يعتبر الوعي بالحالة من أبرز الحلول، بهدف معرفة أن ما يحدث أساسه نفسي لا عضوي وبالتالي محاولة السيطرة على النفس، والخطوة الثانية تتمثل في جلسات العلاج المعرفي السلوكي والتي تبرز فعاليتها في تفكيك نمط التفكير القلِق وتعليم أدوات جديدة للاسترخاء للمساهمة في تقليل نشاط الجهاز العصبي، ومن هذه التقنيات اليوغا وتمارين التنفس والتأمل وممارسة اليقظة وملاحظة الأفكار وتسمية المشاعر وغيرها.
ويساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على إفراز هرمونات السعادة وتخفيف التوتر العصبي، كذلك تنظيم أوقات النوم وإتباع حمية غذائية صحية لتثبيت مستويات الطاقة اليومية في الجسم وتقوية الجهاز العصبي، ويمكن اللجوء إلى العلاج الدوائي في بعض الحالات تحت إشراف طبي، حتى تساعد في تهدئة الأعصاب لفترة مؤقتة.
وفي النهاية؛ فإن القلق المزمن ليس مجرد شعور نفسي، بل عبء يومي على الجهاز العصبي، ويجب التعامل معه بوعي ورعاية حقيقية للنفس لأن هذا هو طريق التعافي وعودة التوازن الداخلي.