إيمان عبدالعزيز

تختلف زيارة المريض في المستشفى عن سائر الزيارات الاجتماعية والتجمعات الودية المتعارف عليها، باعتبارها واجباً إنسانياً تنتمي إلى إحدى الفضائل التي حثنا إليها الهدي النبوي الشريف، لما لها من عوائد أخلاقية رفيعة ونبل سامية تفعل روح التكافل الاجتماعي التي تمد جسور التواصل والألفة بين الأفراد، وتقوية الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، وتخفيف الآلام والأوجاع عن المريض برفع معنوياته، عبر الاهتمام والسؤال عنه ومواساته بطلب الدعاء له.

ولكن من المؤسف حقاً، أن ما نراه في وقتنا الحالي بعض العادات والسلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض مع المريض أثناء زيارته دون الشعور بما يعاني من مرضه وأنه مفقود العافية، يئن بين آلام المرض وآلام وخزات الإبر العلاجية، طريح الفراش في المستشفى مبتعداً عن بيته وأسرته، رغم كل ذلك لم يكن الشغل الشاغل للزائر سوى التقاط صورة «سيلفي» مع المريض من دون الالتفات إلى الحرج النفسي والاجتماعي الذي يتحسس منه المريض عند إرسال الصورة ونشرها بين «القروبات»، وهو على هذه الشاكلة، ما يضعضع حالته النفسية والعضوية.

وسلوكيات أخرى لها آثار سلبية مماثلة على صحة المريض، حين يقوم البعض بزيارته ويثقلون عليه بالكلام، ما يطيل وقت الزيارة، خاصة ممن هو في غرفة العناية المركزة، قد يكون في حالة يصعب عليه الحديث مع زواره، وما لو كانت الغرفة تعج برائحة العطور والورد والمأكولات، لتصبح ديوانية تصدح فيها قهقهات الزوار بضحكاتهم العالية وأحاديثهم المتعاقبة بين الغيبة والمواقف اليومية ونزاعاتها وغيرها، حول سرير المريض البائس من دون مراعاته ولا من حوله من المرضى الآخرين لو كانت الغرفة في الجناح «الجمعي».

نرى اليوم انقلاب الموازين لدى البعض وليس الكل، زيارة المريض في المستشفى أصبحت رحلة ميدانية مقصدها الأنس والتسلية بتحويل غرفته إلى ديوانية ضيافة تضم الحاضرين وسط ضوضاء الأحاديث والأكل والضحك وغيرها.

نحن مع زيارة المريض كما أمر ديننا الإسلامي الحنيف، ولكن أن تكون الزيارة مفعمة بالإيجابية التي تبث في نفسه الأمل بالشفاء وعودة العافية بالدعاء له، من دون أن نثقل عليه الزيارة، مع الالتزام بالأدب والهدوء حتى تبقى زيارة المريض عادة حميدة ننقلها إلى الأجيال القادمة.ونسأل الله جل في علاه أن يمنّ على جميع المرضى بالصحة والعافية.