أ.فضيلة حمّاد

دخلت الأم مع ابنها ذي الخمسة أعوام إلى مجلسٍ عائليٍّ نسائي، وبمجرد دخولها طلبت منه أن يُسلّم على الحاضرات، لكنها لاحظت من ملامح وجهه أنه لا يريد مصافحتهن، فقال لها: «أنا لا أريد أن أُصافحهن فعددهن كبير».

إنَّ رغبة الأم في أن يصافح ابنها الحاضرات نابع من دافع إيجابي، إذ أرادت أن تُنمّي لديه احترام الآخرين،. لكن بعض الأطفال، قد يشعرون بعدم الارتياح في مثل هذه المواقف، فيلجؤون إلى إيجاد مبررات لحماية أنفسهم والامتناع عن المصافحة كما فعل الابن.

يشعر بعض الأطفال بالتردّد عندما يُطلب منهم مصافحة الحاضرين من الأهل أو الضيوف. وقد يستجيب بعضهم، بينما يرفض آخرون ذلك، وهذا الرفض لا يعني بالضرورة قلة احترام أو تقليلاً من شأن الآخرين، وإنما يعكس مشاعر داخلية تمنعهم من الإقدام على المصافحة.

قد يكون رفض الطفل لمصافحة الكبار انعكاساً لمشاعر داخلية مثل القلق، أو الخوف، أو التوتر، أو الخجل. ومن الأفضل أن يتعامل الآباء مع هذه المشاعر باحترام وتفهّم، عوضاً عن التركيز على الموقف ذاته أو الشعور بالإحراج أمام الآخرين.

كما أنه من المهم أن يتفهّم الطرف الآخر هذا الرفض، وأن يدرك أنّ امتناع الطفل عن المصافحة لا يعني قلة احترام أو انتقاصاً من قدره، بل هو تعبير عن رغبة شخصية يجب احترامها.

لذلك من الضروري أن نمنح أطفالنا مساحة كافية لاختيار الأسلوب الذي يناسبهم في التعبير عن احترامهم للآخرين، مع غرس هذا المفهوم من خلال الدعم والتشجيع لا الفرض. ويمكننا أيضاً تعليمهم طرقًا بسيطة ومهذبة لإظهار الاحترام للكبار، مثل التحية بالكلام أو الابتسامة، واستخدام عبارات لطيفة مثل: «السلام عليكم، كيف حالكم؟».

إنَّ احترام مشاعر الأطفال يُعدّ أمراً جوهرياً في تعزيز ثقتهم بإحساسهم، وتنمية وعيهم بحقوقهم، ومن ذلك حقهم في رفض أي لمسة جسدية لا يشعرون حيالها بالارتياح.