د. م. يوسف الأمين

تعتبر الرياضة المدرسية من أبرز الأنشطة التربوية التي يمارسها الطلبة داخل المؤسسات التعليمية، حيث تلعب دوراً محورياً في تنمية القدرات البدنية والعقلية للطلاب والطالبات، وتعزز مهاراتهم الحركية والذهنية، إلى جانب أثرها الإيجابي في رفع مستوى التحصيل الدراسي.وتتنوع الأنشطة الرياضية بين رياضات فردية كالسّباحة، الجمباز، وألعاب القوى، وأخرى جماعية مثل كرة القدم، كرة السلة، والكرة الطائرة، بما يتوافق مع ميول الطلبة وقدراتهم، وكذلك بحسب الإمكانيات المتاحة لدى المدارس. ومع ذلك، تظل كرة القدم اللعبة الشعبية الأقرب إلى قلوب الغالبية، نظراً لبساطة قوانينها وسهولة أدواتها.

وعلى الرغم من الفوائد المتعددة المفترضة للأنشطة الرياضية، يبرز تساؤل جوهري: هل يدرك معظم الطلبة تلك الفوائد؟ وهل يستثمرون حصة الرياضة المدرسية لتطوير مهاراتهم الحياتية؟ أم أن الكسل يغلب على النشاط في أغلب الأحيان؟ أو أن الهاتف الذكي يسد الفراغ وقت حصص الرياضة؟

في هذا السياق، ومع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد في سبتمبر القادم، بدأ الإعداد لإطلاق برنامج توعوي رياضي تجريبي في مملكة البحرين، يُعنى بالإجابة على هذه التساؤلات. يستهدف البرنامج طلاب المدارس، وسيتم التواصل مع الجهات التعليمية رسمياً فور بدء الدراسة للمساهمة في نجاحه.

يرتكز البرنامج على دمج «المهارات الحياتية» في الثقافة العامة لحصة التربية الرياضية، ضمن نشاط رياضي وذهني تفاعلي بالطرق الحديثة في التدريب ومدته ساعة واحدة فقط. وقد تم اختيار كرة القدم كنموذج رئيسي لهذا البرنامج، نظراً لقدرتها على تحفيز الطلاب من جميع الأعمار على التفاعل، إضافة إلى دورها الفاعل في تنمية المهارات الفردية والاجتماعية، بصورة تتفوق في بساطتها على غيرها من الألعاب الجماعية مثل السلة أو الطائرة.

يتضمن البرنامج زيارات ميدانية إلى المدارس، تُنفذ خلالها أنشطة توعوية قصيرة لتعريف الطلبة بالمهارات الحياتية وأهميتها في النجاح الدراسي والعملي. كما يشمل البرنامج مسابقات رياضية وذهنية تعتمد على التفكير السريع وسرعة البديهة، مما يخلق بيئة تفاعلية ممتعة تساعد على اكتشاف القدرات الكامنة لدى الطلاب وتنميتها.

ويُصاحب هذا البرنامج أيضاً إجراء مسح ميداني أولي لقياس مدى معرفة الطلبة المسبقة بهذه المهارات، وتقييم تفاعلهم مع التجربة، في خطوة تهدف إلى تعزيز فلسفة «الاكتشاف والتعلم من خلال اللعب»، كنهج تربوي حديث يربط بين النشاط البدني والتعلم العملي القائم على التطبيق.الجدير بالذكر أن هذا البرنامج هو ثمرة فكري وإعدادي، حيث قمت بتأليف سلسلة «تعلّم النجاح من كرة القدم» منذ 25 عاماً، وبعدالتقاعد انطلقت في مسيرتي التطوعية بمجال التدريب للشباب والاستشارات الإدارية، خاصة في تطوير مهارات إدارة المشاريع، حيث درّبت مئات المهندسين الشباب في جمعية المهندسين البحرينية.

وقد شكّلت فريقاً متخصصاً لدعمه في تنفيذ البرنامج التجريبي والبحثي خلال الزيارات المدرسية، وكلي أمل في حصولي على موافقة المدارس الخاصة للمشاركة في هذه المبادرة خلال حصص الرياضة أو فترات الفراغ المدرسي. كما أعتزم دعوة الجامعات لتشجيع طلابها على الانخراط التطوعي في هذه التجربة التثقيفية، بما يعود بالنفع على مهاراتهم الحياتية والمهنية، خصوصاً في مجالات مهارة إدارة المشاريع التي يمكن ربطها بمفاهيم رياضية تطبيقية تفيدهم في مستقبلهم العملي بعد التخرج.