في عصر تتزايد فيه الضغوط اليومية، أصبح اللجوء إلى المسكنات عادةً يومية لدى ملايين الأشخاص حول العالم، ومع تكرار استخدامها، تتجاهل نسبة كبيرة من الناس الوجه الآخر لهذه الأدوية، خاصة فيما يتعلق بصحة الكلى، فالضرر قد لا يظهر على الفور، لكنه يتسلل بصمت حتى يصل إلى مراحل يصعب علاجها.
العلاقة بين المسكنات والكلى
المسكنات، خاصة تلك التي تُصرف دون وصفة طبية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين والباراسيتامول، تؤثر بشكل مباشر على وظائف الكلى عند استخدامها لفترات طويلة أو بجرعات عالية.
تحتوي الكلى على أكثر من مليون وحدة ترشيح تسمى "نيفرون"، وهي مسؤولة عن تصفية الدم من السموم.
ويؤدي الاستخدام المستمر للمسكنات إلى تدمير تدريجي لهذه الوحدات، مما يضعف قدرة الكلى على أداء وظائفها الأساسية.
وبحسب تحذيرات طبية، فإن الأشخاص الذين يستخدمون المسكنات بشكل متكرر لأكثر من 3 سنوات، معرضون بنسبة تصل إلى 40% للإصابة باعتلال الكلية المرتبط بالمسكنات.
ما هي أول علامات الفشل الكلوي؟
أكثر ما يجعل الضرر الكلوي الناتج عن المسكنات خطرًا هو أن أعراضه لا تظهر سريعًا، بل قد يستغرق الأمر سنوات حتى يلاحظ المريض وجود مشكلة.
ومن أولى العلامات التي قد تشير إلى بداية الفشل الكلوي: الشعور بإرهاق دائم دون سبب واضح، وتورم القدمين أو الكاحلين، وكثرة التبول ليلًا، وارتفاع ضغط الدم بشكل مستمر، ووجود دم في البول أو تغير لونه، إضافة إلى الغثيان المتكرر وفقدان الشهية، وعند ملاحظة أي من هذه الأعراض يُنصح بإجراء فحوصات وظائف الكلى فورًا.
كيف أنظف الكلى من المسكنات؟
لا توجد طريقة واحدة لتنظيف الكلى من آثار المسكنات، ولكن هناك خطوات فعالة للحد من الضرر واستعادة جزء من كفاءة الكلى، أهمها:
التوقف الفوري عن تناول المسكنات إلا عند الضرورة
شرب كميات كافية من الماء يوميًا (من 2 إلى 3 لترات)
تقليل تناول البروتينات الحيوانية والملح
ممارسة الرياضة لتحسين الدورة الدموية
الالتزام بالأدوية الموصوفة من طبيب الكلى إن وُجدت
إجراء فحوصات دورية لوظائف الكلى
تناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة مثل التوت والبروكلي
ما هي المسكنات السامة للكلى؟
ليست كل المسكنات على درجة واحدة من الخطورة، فبعضها ثبت ارتباطه المباشر بتلف الكلى عند الاستخدام المزمن، أبرزها:
الإيبوبروفين: يسبب انخفاضًا في تدفق الدم إلى الكلى
النابروكسين: يزيد من فرص احتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم
الأسبرين: يؤثر سلبًا على الأوعية الدموية الدقيقة في الكلى
الباراسيتامول (أسيتامينوفين): رغم كونه أخف ضررًا، إلا أن الجرعات الزائدة أو الاستخدام الطويل قد تؤثر على الكبد والكلى معًا
أضرار المسكنات على الكلى
قد يؤدي الاستخدام المزمن للمسكنات إلى: تراجع تدريجي في كفاءة الكلى بنسبة قد تصل إلى 20% خلال عامين، ظهور حالات اعتلال كلوي مزمن في فئة النساء من عمر 30 إلى 70 عامًا بشكل متزايد، إصابة عدد متزايد من المرضى بنوع من الفشل الكلوي يُعرف بـ"النخر الحليمي الكلوي"، نتيجة موت الأنسجة في الكلى،زيادة حالات التهاب الكلية الخلالي، وهو أحد أشكال الالتهاب الكلوي الناتج عن تراكم السموم الدوائية.
أضرار تناول المسكنات يوميًا
أخذ المسكنات بشكل يومي يضاعف من احتمالات الإصابة بالفشل الكلوي المزمن، حتى لو كانت الجرعات صغيرة.
فمن المهم أن يدرك المريض أن الاستعمال اليومي، ولو على مدار أشهر قليلة، يمكن أن يبدأ في تدمير خلايا الكلى ببطء.
وتشمل أضراره الإضافية الإضرار ببطانة الأوعية الدموية الكلوية، ورفع خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم المزمن، وزيادة فرص الإصابة بتسمم دوائي في الكبد.
أضرار المسكنات على المعدة
بعيدًا عن الكلى، تترك المسكنات آثارًا مباشرة على المعدة، أبرزها: تآكل جدار المعدة مع الاستخدام الطويل، الإصابة بقرح معدية أو نزيف داخلي، الشعور بالغثيان أو اضطرابات في الهضم، فقدان الشهية وألم متكرر في الجزء العلوي من البطن
ويُعتبر تناول المسكنات على معدة فارغة من أخطر الممارسات الشائعة.