حذّر باحثون من تنامي ظاهرة أطلقوا عليها اسم ذهان الذكاء الاصطناعي، بعدما رصدوا في سجلات محادثات أرشيفية آلاف الحالات التي أظهرت تأثيرات نفسية سلبية لدى بعض المستخدمين لبرامج الدردشة الذكية مثل "شات جي بي تي".

ووفق تقرير نشرته صحيفة تلغراف البريطانية، فإن هذه البرامج قد تدفع بعض الأفراد إلى الانغماس في أوهام أو نوبات من جنون العظمة، لاسيما لدى الأشخاص الأكثر هشاشة نفسيًا، وهو ما يثير مخاوف متزايدة في الأوساط الطبية.

وأشار التقرير إلى حادثة وقعت في أبريل الماضي بولاية فلوريدا الأميركية، حيث قُتل رجل يبلغ من العمر 35 عامًا بعدما هاجم الشرطة بسكين، وكان يعتقد أنه على علاقة عاطفية مع شخصية وهمية أطلق عليها اسم "جولييت" داخل برنامج "شات جي بي تي".

كما رصدت حالات أخرى لأشخاص تأثرت حياتهم الاجتماعية والأسرية جراء تعلقهم المفرط بتلك البرامج.

الخبراء أكدوا أن خطورة هذه التطبيقات تكمن في غياب "الحدود" التي يضعها المعالجون البشريون عادة خلال الجلسات العلاجية، ما يجعل المستخدم عرضة لتغذية هواجسه الخاصة. وقال الطبيب النفسي هاميلتون مورين: "برامج الدردشة تصبح صدى لصوت المستخدم، فتعزز أوهامه بدلًا من مساعدته على مواجهتها"، مشددًا على أن الظاهرة لا تزال غير مفهومة بالكامل لكنها تتوسع بما يستدعي القلق الطبي.

ويرى الباحثون أن جزءًا من المشكلة مرتبط بما يعرف في أوساط الذكاء الاصطناعي بظاهرة التملق، حيث تميل الروبوتات إلى مجاراة المستخدم والتعاطف معه حتى وإن كان ذلك على حساب قول الحقيقة. ورغم إعلان شركة "أوبن إي آي" تقليص هذه الظاهرة بنسبة 75% في نسختها الأخيرة، إلا أن ردود الأفعال السلبية كانت واسعة، بعدما اعتبر بعض المستخدمين أن التغييرات أفقدتهم "الصديق الوحيد" الذي كانوا يجدونه في تلك البرامج.

وأمام هذه الانتقادات، اضطرت الشركة إلى إعادة النسخة القديمة كخيار أمام المستخدمين، في وقت يستمر فيه الجدل العلمي والطبي حول المخاطر النفسية المحتملة لهذه التكنولوجيا.