إيمان عبدالعزيز

لم تغفل الخواطر المؤمنة عن ذكره، مطيبة ألسنتها بالصلاة عليه بين الحين والآخر، حبا له يتولد بالفطرة في قلب كل مسلم نشأ على دين الإسلام، ويتعزز ذلك الحب طيلة الحياة ممتداً إلى قيام الساعة، هذه مكانة سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين، تلك الرحمة التي انتشلت الأمة من حطام الجهل والضلالة لتنهض بها إلى سبيل الحق والرشاد.

رسولنا الكريم جدير بذكر أحاديثه الشريفة وبالثناء عليه في سائر الأوقات ودبر كل صلاة، وبما أننا في شهر ربيع الأول تجدد فيه السيرة العطرة للحبيب المصطفى في يوم مولده الذي يصادف الثاني عشر من هذا الشهر، فهو ربيع أدرك الأمة الإسلامية وأغشاها بنور عم دنياها فضلاً من الله عز وجل على خلقه.

إن محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكتمل إخلاصها في القلب لتغرس بذور الصلاح والأخلاق على هذه الأرض، فإنها تشترط الاقتران بالسير على نهجه والاقتداء بسنته واتباع ما أرشدنا إليه وتجنب ما نهانا عنه، من قول وفعل وغيرها من المحرمات.

في يوم المولد النبوي الشريف، تجتهد أجهزة الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بطرحها المكثف لسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام وخصوصاً القنوات التي تهتم بعرض الأفلام الوثائقية التي تبث في هذا اليوم أفلاماً عن تاريخ حياته بصورة تفصيلية، لتثري المشاهدين وخصوصاً جيل اليوم بما تصوره من أحداث مختلفة خاضها النبي محمد وتعايش معها.

وتكمن أهمية ما يدركه الفرد بعد اقتناص العبرة والتعرّف عليه صلى الله عليه وسلم، وهو اتخاذ النهج القويم والاقتداء بطباعه والتحلي بها، ليس بالعبارات والشعارات فقط، وإنما بتطبيقها فعلياً على مواقفنا التي نعيشها في حياتنا اليومية.

ومن مجمل ما يجب أن نتعلمه من جوانب حياته وخصاله الحميدة صلى الله عليه وسلم، هو الصبر على مصاعب الظروف والتعايش معها، فنشأ طفلاً يتيماً استهل طريق الحياة دون وجود الوالدين وكابد ظروف العيش حتى تزوج، واتجه في عمله راعياً للأغنام إلى أن أصبح تاجراً، صامداً أمام النوائب والعثرات خلال تأدية رسالته ونشره لدين الإسلام، لما واجهه من تعذيب وإيذاء مستبد من قبل المعارضين لدينه واتهاماتهم الباطلة ضده بأنه شاعر وساحر وغيرها من الضلالات الرامية إلى القضاء عليه وعلى دينه، إلى أن اعتنق العشرات بل المئات من قومه دين الإسلام بعد الصبر والثبات على الرفض والإيذاء.

وخصلة المحبة والحلم التي يكنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأهله وزوجاته وأصحابه، وأيضاً كان حليماً مع العاملين لديه ومع الأطفال وسائر من حوله.

كما غرس صلى الله عليه وسلم في نفوس أمته حب العلم في حثه على التوسع في العلوم والثقافات النافعة وتجنب ما دون ذلك، وأيضاً تعلمت الأمة مبادئ قيمة ومكارم أخلاقية لا تعد ولا تحصى لم تعرف إلا بهديه عليه الصلاة والسلام.

إن الكلمات تعجز والأحاديث تطول والأوقات لا تسع في الحديث عن السيرة النبوية الشريفة وعن محبة نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم الخالدة في القلوب والطامعة في شفاعته يوم البعث أملاً واشتياقاً لرؤيته في أعلى الجنان.