مقال د. أمل الجودر

لعلك تتساءل عزيزي القارئ ما الذي يجعل بعض الناس ناجحين في حياتهم، ويستطيعون تحقيق أهدافهم الشخصية والأسرية والمهنية، في حين يفشل البعض الآخر.. ما الذي يجعل البعض يعتدل في طعامه، ويمارس النشاط البدني فتتحسن صحته والبعض الآخر يفرط في الطعام والكسل والخمول، فيبتلى بالأمراض والعياذ بالله.

في الواقع أن إدراكنا وتفكيرنا، وتقيمنا لما نتعرض له من تجارب ومواقف هو الذي يحدد سلوكنا بمعنى آخر كيف تدرك وتفسر وتقيم عزيزي القارئ لما حولك هو الذي يحدد ردة فعلك وسلوكك.

إن عملية صنع القرار السليم تنتج عن اختيار واعٍ بين عدد من البدائل والفرص المتاحة والممكنة لأي موقف ولأي قرار نتخذه لتكون ردة فعلنا مبنية على هدفنا المنشود بدلاً من ردة فعل تلقائية أو عشوائية قد تنتج عنها نتائج غير مناسبة لنا.

إن ردة الفعل المبنية على الاختيار الواعي هي التي تحدد الفرق بين الإنسان الناجح والآخر الفاشل ولأجل أن يختار الإنسان هناك عدداً من العمليات الداخلية التي تجري في عقله وهي تشمل أفكاره واتجاهاته وإدراكه، والتي بدورها تحدد نوعية ردود أفعاله. وعلى الرغم من أن الإنسان مزود بحرية الاختيار، إلا أن كثيراً من هذه العمليات الدقيقة الداخلية تجري بالعقل اللاواعي كما يلعب تقييم الإنسان للزمن الحاضر والمستقبل في تحديد قراراته، فالذي يمنعك من الوقوف أمام سيارة مسرعة هو توقعك الحتمي والمؤكد للإصابة بحادث، ولكن عندما لا ترى في خمولك وقلة حركتك نتيجة مؤكدة لإصابتك بأضرار صحية لن يتوفر لك الدافع لممارسة أي نشاط بدني.

لقد زودنا الله -سبحانه وتعالى- جميعاً بمصادر عقلية وحسية وبدنية، ولكن هناك من لا يستخدم هذه المصادر، فتصدأ وتضمر وفي المقابل هناك من يستخدمها فيتعلم ويتطور وينتج فالمفتاح المستخدم لا يصدأ.

خلاصة الأمر أن الفرق بين الإنسان الناجح والإنسان الفاشل هو استخدام كل ما وهبه الله من نعم عقلية وحسية لاختيار ردود فعل واعية ومبنية على تقييم الفائدة والتكلفة.

* عضو مؤسس ومستشار جمعية أصدقاء الصحة