قالت اختصاصية الوراثة الجزيئية بمركز الدفتر الطبي د. هدى عمران إن مع تقدم الإنسان بالعمر تحدث العديد من التغيرات الفسلجية، وتزداد احتمالية الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
وأوضحت أن ظهور هذه الأمراض وشدتها يختلف باختلاف التكوين الجيني والبيولوجي للإنسان، وكذلك باختلاف أسلوب حياته والضغوطات التي واجهها في عمره المديد، ومن أبرز الأمراض التي ترافق الشخوخة، ومازالت محوراً للبحث والدراسة هو الخرف.
وأضافت أن الخرف يسبب اضطراباً معرفياً وتدهوراً تدريجياً في التفكير والذاكرة والقدرة على التواصل الاجتماعي، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المسن اليومية. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الخرف يصيب حوالي 10% من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم سن 65 عاماً حول العالم. مع تقديرات تشير بوجود أكثر من ثلاثة ملايين حالة في العالم العربي. وتتنوع أسباب الخرف، كمرض الزهايمر، ومشكلات الأوعية الدموية، والاضطرابات العصبية التنكسية، وغالباً ما تتأثر هذه الحالات بالبيئة وأسلوب الحياة والوراثة.
وأكدت أن العوامل الوراثية تلعب دوراً مهماً في زيادة خطر الإصابة بأنواع مختلفة من الخرف. فمرض الزهايمر، وهو الأكثر شيوعاً، له العديد من المسببات الوراثية. فالطفرات الوراثية الموروثة في جينات مثل APP وPSEN1 وPSEN2 يمكن أن تزيد من احتمال الإصابة بمرض الزهايمر وفي سن مبكرة.
وأشارت إلى أن الأبحاث الحديثة أبرزت كذلك وجود رابط وراثي هام يتعلق بالطفرات في جين HFE، المرتبط بعمليات الأيض الحديدية. فقد تؤدي المتغيرات مثل C282Y وH63D إلى تغيرات في أيض الحديد وتراكمه مسبباً تغيرات دماغية وتدهور معرفي لدى حاملي هذه الطفرات، إذ أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Neurology أن الرجال الذين يحملون نسختين من متغير H63D يواجهون زيادة في خطر الإصابة بالخرف تزيد عن الضعف مقارنةً بأولئك الذين لا يحملون هذا المتغير. ولم يتم ملاحظة هذه العلاقة في النساء. كما أظهرت دراسات أخرى أن علامات ضعف الدماغ قد تكون قابلة للاكتشاف قبل تسع سنوات من الحصول على تشخيص كامل لمرض الخرف، الأمر الذي يمكن أن يُوفر فرصاً أكبر للتدخل المبكر.
وقالت إن تشخيص الخرف عادةً ما يتضمن تقييمات معرفية شاملة، وفحوصات عصبية، ودراسات تصويرية مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتحديد التغيرات في الدماغ. كما يُوصى بإجراء اختبارات جينية للأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من الخرف أو الحالات ذات الصلة.
وخلصت إلى أن فهم المخاطر الوراثية وإجراء تعديلات على أسلوب الحياة يمكن أن يُساعد في تأخير ظهور أو تقدم أعراض الخرف، مبينة أن التدابير الوقائية تشمل الحفاظ على نمط حياة صحي، من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع نظام غذائي متوازن غني بمضادات الأكسدة، وممارسة أنشطة معرفية مثل حل الألغاز أو تعلم مهارات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم الاهتمام بصحة القلب والأوعية الدموية، والمحافظة على معدل ضغط الدم، وتجنب التدخين والكحول في تقليل خطر الإصابة بالخرف.