وليد صبري

قالت استشارية طب الأسرة والمجتمع وعضو مجلس ادارة جمعية أصدقاء الصحة د.زهرة خليفة إن ذكر سرطان الثدي في السنوات الماضية كان يرتبط بالخوف والقلق، لكن بفضل الله ثم بفضل التقدم العلمي الكبير في الطب، أصبح الأمر اليوم مختلفاً تماماً، حيث صار بالإمكان أن نسمع عن نساء أصبن بالمرض، وخضعن للعلاج، ثم عدن إلى حياتهن الطبيعية وكأن شيئاً لم يكن، مشيرة إلى أن رحلة العلاج تحولت من "معركة قاسية" إلى "طريق نحو الشفاء والنسيان".

العلاج الحديث.. من التشخيص إلى التعافي

وأضافت د. زهرة خليفة أن العالم شهد في العقدين الأخيرين قفزات هائلة في طرق تشخيص وعلاج سرطان الثدي، إذ لم يعد العلاج مقصوراً على الجراحة أو العلاج الكيماوي أو الإشعاعي فحسب، بل ظهرت خيارات أكثر دقة وأقل ضرراً، مؤكدة أن القيادة الرشيدة الحكيمة في مملكة البحرين حرصت على توفير جميع علاجات سرطان الثدي في المملكة.

وأوضحت أن العلاج المناعي هو أحد أمثلة تلك العلاجات العلاج الموجَّه الذي يستهدف الخلايا السرطانية وحدها دون الإضرار بالخلايا السليمة، حيث يساعد جهاز المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية ومحاربتها بفعالية، وكذلك العلاج الهرموني، الذي يمنع نمو الأورام التي تعتمد على الهرمونات.

أما بالنسبة لتقنيات الجراحة الحديثة، أكدت أنها أصبحت أكثر دقة وأقل تأثيراً على شكل الثدي وحياة المرأة، مبيّنة أن جراحات التجميل والترميم بعد استئصال الورم أو الثدي كاملاً تعد أيضاً من التطورات المهمة في علاج سرطان الثدي، ولم يعد الأمر يعني أن المرأة ستعيش بنقص دائم، بل أصبح بإمكانها أن تستعيد مظهرها الطبيعي بفضل تقنيات الترميم الحديثة.

وأشارت إلى أن هذه الجراحات لا تقتصر على الجانب الشكلي فقط، بل تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الثقة بالنفس وتسهيل العودة للحياة اليومية، فبعض السيدات يفضلن إجراء الترميم مباشرة بعد الجراحة، وأخريات يقررن تأجيله لفترة لاحقة حسب حالتهن الصحية ورغبتهن.

وفي جميع الأحوال، هذه الإمكانية تجعل رحلة العلاج أقل قسوة وأكثر إنسانية، وجميع هذه التطورات رفعت نسب الشفاء في المراحل المبكرة إلى أكثر من 90%، وجعلت من الممكن أن تتعافى المرأة تماماً وتعود لممارسة حياتها الطبيعية.

الأمل.. نصف العلاج

وقالت إن الطب الحديث يثبت شيئاً مهماً، وهو أن الحالة النفسية للمريض تلعب دوراً أساسياً في الاستجابة للعلاج، فالمرأة التي تواجه المرض بالتفاؤل، وتحيط نفسها بالحب والدعم، غالباً ما تتجاوز الرحلة بسرعة أكبر.

وأضافت أن قصص الناجيات من سرطان الثدي خير شاهد على ذلك؛ كثير منهن يصفن أن الإيمان بالله، والأمل، والابتسامة كانت أقوى دواء بجانب العلاجات الطبية، مؤكدة أن التفاؤل يخفف من القلق، ويزيد طاقة الجسد على مقاومة المرض، حتى إن بعض الدراسات أثبتت أن الدعم النفسي والاجتماعي يُحسّن نسب الشفاء بشكل واضح.

وأوضحت أن دور المجتمع والأسرة لا يقتصر على العلاج بالأدوية والذهاب إلى المستشفيات، بل يشمل أيضاً توفير بيئة مليئة بالحب والتشجيع، من الزوج، والأبناء، والأصدقاء، وزملاء العمل، جميعهم يمكن أن يكونوا مصدراً للقوة، إذ إن كلمة طيبة أو لفتة دعم قد تصنع فرقاً كبيراً في نفس المريضة، وتمنحها دفعة معنوية لمواصلة العلاج حتى النهاية.

وتابعت بأن التجارب الإنسانية تُظهر أن الناجيات غالباً ما يتحولن إلى رسائل أمل لغيرهن، فيشاركن قصصهن ليقلن: "الشفاء ممكن، والحياة بعد السرطان أجمل"، وهذا بحد ذاته شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يعزز التفاؤل، ويرسخ الثقة في الطب الحديث.

نسيان التجربة بعد الشفاء

وأكدت أن سرطان الثدي لم يعد اليوم وصمة أو نهاية الطريق. بل أصبح تجربة يمكن تجاوزها، بل ونسيانها، بعد اكتمال العلاج، فالمرأة المتعافية تستطيع أن تبدأ حياة جديدة مليئة بالطموح والعطاء، وكأن الله كتب لها عمراً جديداً، مشيرة إلى أن كثيراً من الناجيات يؤكدن أن هذه التجربة جعلتهن أقوى وأكثر وعياً بأهمية الصحة، بل إن بعضهن قررن أن يكرسن حياتهن لنشر التوعية وتشجيع الأخريات على الفحص المبكر، حتى لا تمر أي امرأة بالمرحلة الصعبة نفسها.

وأخيراً، وجهت د. زهرة خليفة رسالة بمناسبة اليوم العالمي لسرطان الثدي، مفادها أن الفحص المبكر يمنح فرصة أكبر للعلاج والشفاء والعلاجات الحديثة جعلت الشفاء التام ممكناً. وأن التفاؤل والإيمان هما الدافع الحقيقي وراء تخطي المرض. وقالت: "فلنحوّل الخوف إلى طاقة إيجابية، ولنمنح كل مريضة فرصة لتقول يوماً: كان لدي سرطان.. لكنني شُفيت بفضل الله، واليوم أنا أعيش حياتي من جديد".