أعلنت قاعة كونسرت خيباو الشهيرة في أمستردام بهولندا عن إلغاء حفل موسيقي كان مقرراً بمناسبة عيد الحانوكا اليهودي، وذلك بعد الكشف عن مشاركة مغنٍ عسكري بالجيش الإسرائيلي.

وجاء قرار إلغاء الحفل بعد رفض المنظمين استبدال المغني الرئيس شاي أبرامسون، المعروف بعلاقته المباشرة بالجيش الإسرائيلي وظهوره الرسمي في فعالياته. وتُعد هذه الخطوة مؤشراً على تزايد التحول في المزاج الشعبي والمؤسسي الأوروبي تجاه إسرائيل، وسط تصاعد الجدل السياسي حول مشاركة فنانين مرتبطين بالجيش الإسرائيلي في الفعاليات العامة.

وقالت إدارة القاعة إن ارتباط الفنان بالجيش الإسرائيلي "يتعارض جذرياً مع رسالة الموسيقى القائمة على الربط بين الشعوب"، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي ارتكاب مجزره في غزة والضفة على مرأى العالم.

وأضاف بيان القاعة أن الجيش الإسرائيلي "منخرط في حرب مثيرة للجدل"، وأن مشاركة شخصية عسكرية فنية بارزة في فعالية ثقافية داخل أوروبا "لا تنسجم مع قيم المؤسسة".

وأثار قرار إلغاء الحفل غضب مسؤولين إسرائيليين، فيما اعتبره مراقبون امتداداً لحالة "الوعي الأخلاقي المتنامي" في الغرب تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.

ويأتي ذلك في وقت شهدت العديد من العواصم الأوروبية، أبرزها أمستردام وروما ومدريد، مظاهرات واسعة تطالب بوقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل ومحاسبة جيشها على جرائم الحرب في غزة واعتداءاته المستمرة في الضفة الغربية.

وسارع مسؤولون إسرائيليون إلى مهاجمة القرار واتهام أمستردام بـ"الرضوخ لضغوط معادية".

وتصاعد الرفض الشعبي في أوروبا لرموز الجيش الإسرائيلي وسط اتهامات إسرائيلية بـ"معاداة السامية".

وأعرب وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، عميخاي شيكلي، عن استيائه من نتائج الانتخابات الهولندية الأخيرة التي حققت فيها أحزاب يسارية مؤيدة لحقوق الفلسطينيين تقدماً ملحوظاً. ووصف شيكلي الوضع قائلاً إن هولندا "تسير على خطى بلجيكا وتتحول إلى مكان لا يشعر فيه اليهود بالأمان"، داعياً في الوقت ذاته الجالية اليهودية إلى إعادة النظر في مستقبلهم داخل بلد لا يبدو مهتماً بحماية أرواحهم وهويتهم".

لاقى منشور الوزير الإسرائيلي انتقادات واسعة، حيث اعتبره مراقبون محاولة لتوظيف الخطاب الديني والهوية اليهودية لتبرير المواقف الأوروبية المتزايدة الرافضة للسياسات الإسرائيلية.

وقالت النائبة الهولندية كلوديا فان زانتن، مؤكدة أن "هولندا لم تعد تتغاضى عن جرائم الحرب الإسرائيلية"، مشددة على أن "ما يحدث ليس معاداة لليهود، بل رفض للإبادة الجارية بحق الشعب الفلسطيني".

من جهته، أكد رئيس الحركة المزراحية في هولندا دورون ساندرز، أن الموقف الأوروبي تجاه الفعاليات الإسرائيلية يعكس تحولاً جذرياً في الرأي العام.

وأضاف أن "عددا متزايدا من المؤسسات الثقافية يرفض استضافة شخصيات مرتبطة بالجيش الإسرائيلي، المتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة"، مشيراً إلى تصاعد الوعي الأوروبي بالقضايا الإنسانية المرتبطة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويرى محللون أن تصاعد المقاطعة الأوروبية لإسرائيل في المجالات الفنية والأكاديمية يعكس غضباً شعبياً متزايداً من استمرار العدوان على الفلسطينيين. مؤكدين أن العالم بدأ ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة تمارس نظام فصل عنصري وإبادة بحق المدنيين، رغم محاولاتها المستمرة لتكميم الأصوات المنتقدة بذريعة "معاداة السامية".

وإلى جانب هولندا، شهدت كل من إيطاليا وإسبانيا مواقف مماثلة تمثلت في إلغاء فعاليات ومنع ظهور فرق وفنانين مرتبطين بالجيش الإسرائيلي في الأماكن العامة. كما صدرت بيانات عن اتحادات ثقافية وأكاديمية أوروبية طالبت بوقف جميع أشكال التطبيع الفني والعلمي مع المؤسسات الإسرائيلية.