تتجه أنظار كبرى شركات التكنولوجيا الصينية إلى منطقة الشرق الأوسط ضمن خططها التوسعية لإطلاق خدمات “الأجرة الذاتية” – أو ما يُعرف بالروبوتاكسي – في عدد من العواصم الإقليمية خلال السنوات القليلة المقبلة، في خطوة تعكس المكانة المتنامية للمنطقة كسوق واعدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والنقل الذكي.وتعد هذه الخطوة جزءًا من سباق عالمي محموم بين الصين والولايات المتحدة لتطوير سيارات القيادة الذاتية الكاملة التي يمكنها العمل دون سائق، وهي التقنية التي يُعتقد أنها ستحقق نقلة نوعية في عالم المواصلات.

سباق تقني عالمي.. الصين تتقدّم بخطى سريعة

رغم التقدم الكبير الذي حققته شركات أمريكية مثل تسلا ووايمو، إلا أن الشركات الصينية – وعلى رأسها Baidu وPony AI وWeRide – تمضي بخطوات أسرع وأكثر عملية على الأرض.فقد أنجزت هذه الشركات أكثر من 14 مليون رحلة تجارية داخل الصين حتى أغسطس الماضي، وتعمل حاليًا على نشر آلاف السيارات ذاتية القيادة في أسواق خارجية تشمل الشرق الأوسط وأوروبا وجنوب شرق آسيا بالتعاون مع شركات النقل العالمية مثل أوبر (Uber) وليفت (Lyft).

تكنولوجيا متطورة وتكاليف أقل

تستفيد الشركات الصينية من تفوقها الصناعي في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، ما يسمح بإنتاج سيارات ذاتية القيادة بتكاليف أقل بكثير من نظيراتها الأمريكية، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من التكنولوجيا والراحة.وتشمل بعض الموديلات الحديثة من سيارات “Baidu Apollo” و“WeRide” تجهيزات رفاهية فريدة مثل مقاعد التدليك ومساحات فخمة للأمتعة لتوفير تجربة راقية للركاب، في حين تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي إدارة القيادة بدقة عالية.

الشرق الأوسط.. ساحة جديدة للابتكار

منطقة الشرق الأوسط تمثل محطة مهمة في هذا السباق، لما تشهده من استثمارات ضخمة في البنية التحتية الذكية والمدن المستقبلية، مثل نيوم والدوحة الذكية ودبي الذكية.وتأمل الشركات الصينية في أن تكون المنطقة بوابة رئيسية لتوسعها العالمي، مستفيدة من الطلب المتزايد على حلول النقل المستدامة والاعتماد على الطاقة النظيفة.

التحديات: بين السلامة والنموذج الاقتصادي

رغم الإنجازات التقنية، ما تزال التحديات قائمة. فشركات مثل Pony AI وWeRide تحقق عوائد مالية محدودة مقارنة بحجم استثماراتها الضخم، بينما تواجه الصناعة بشكل عام أسئلة حول السلامة التشغيلية على نطاق واسع.وفي المقابل، فشلت مشاريع أمريكية مثل Cruise التابعة لجنرال موتورز في الاستمرار بعد خسائر فاقت 10 مليارات دولار، ما يعكس صعوبة الوصول إلى نموذج ربحي واضح في الوقت الحالي.

مستقبل القيادة الذاتية

تتوقع تقارير مصرفية عالمية مثل UBS أن تصل قيمة سوق السيارات ذاتية القيادة إلى مئات المليارات من الدولارات مستقبلاً، مع توسّع التجارب التجارية في الصين وأوروبا والشرق الأوسط.ورغم أن عدد سيارات الأجرة الذاتية في العالم لا يزال في حدود بضعة آلاف فقط، إلا أن هذه التقنية تمثل أحد أكثر مجالات الذكاء الاصطناعي طموحًا، وقد تعيد رسم خريطة النقل الحضري خلال العقد المقبل.