وليد صبري

قالت طبيب الأسنان وعضو جمعية أصدقاء الصحة د. إسراء البابلي إن الفترة الأخيرة شهدت ازدياداً ملحوظاً في بعض الأمراض المعدية، وعلى رأسها مرض الإيدز الذي يُعد المرحلة المتقدمة من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV، مؤكدة أن هذا الفيروس يُضعف جهاز المناعة تدريجياً إلى أن يفقد الجسم قدرته على مقاومة العدوى، فيما يعد الفم مرآة مبكرة تكشف ضعف المناعة لدى مرضى الإيدز.

وأوضحت د. إسراء البابلي أن العلاجات الطبية الحديثة ساهمت في السيطرة على الفيروس وتحسين جودة حياة المريض، بينما يعد الفم من أكثر الأعضاء تأثراً بضعف المناعة، إذ تظهر فيه العلامات المبكرة للإصابة بشكل واضح.

وأضافت أن انخفاض عدد خلايا CD4 يجعل المريض أكثر عرضة للمشكلات الفموية، حيث تتحول الميكروبات الطبيعية داخل الفم إلى مصدر عدوى نشطة تظهر على شكل فطريات وتقرحات وأمراض لثوية.

وذكرت البابلي أن العلامات الفموية الأكثر شيوعًا تشمل عدوى الفطريات التي تظهر كبقع بيضاء قابلة للكشط، بالإضافة إلى الاحمرار الخطي على اللثة، والتقرحات المزمنة، وجفاف الفم وتضخم الغدد اللعابية، فضلًا عن إمكانية ظهور سرطان كابوزي ساركوما (Kaposi’s Sarcoma) كبقعة داكنة على الحنك أو اللثة.

وبيّنت أن دور طبيب الأسنان داخل العيادة يعد محوريًا في الوقاية والكشف المبكر، مشددة على ضرورة الالتزام ببروتوكولات السلامة القياسية Standard Precautions في التعامل مع جميع المرضى دون تمييز، مع تطبيق أدوات الحماية والتعقيم الكامل للأدوات.

وأوضحت أن نوع العلاج يعتمد على مستوى المناعة، إذ يمكن إجراء جميع علاجات الأسنان بأمان إذا كان CD4 أعلى من 200، بينما يتطلب الأمر حذرًا أكبر عند إجراء الجراحات عندما يكون CD4 أقل من 200، مع تأجيل العمليات الكبيرة عند ارتفاع الحمل الفيروسي Viral load.

وأكدت البابلي أن المضادات الحيوية لا تُعطى بشكل روتيني، وإنما عند الحاجة فقط، مع التشديد على احترام خصوصية المريض وعدم ممارسة أي تمييز ضده داخل العيادة. وقدمت نصائح لمرضى الإيدز للمحافظة على صحة الفم، من بينها تنظيف الأسنان مرتين يوميًا، استخدام غسول كلورهكسيدين عند الالتهاب، شرب الماء بكثرة، تقليل السكريات، ومراجعة طبيب الأسنان كل ثلاثة أشهر.

وختمت بأن التعامل مع مرضى الإيدز في عيادة الأسنان يمثل مسؤولية مهنية وإنسانية، مؤكدة أن الفم يعد نافذة للكشف عن صحة الجسم العامة، وأن تقدم الطب مكّن المرضى من ممارسة حياتهم بصورة طبيعية مع الالتزام بالعلاج والمتابعة الدورية، مشيرة إلى أن الكشف المبكر، وتطبيق إجراءات الوقاية، واحترام خصوصية المريض هي ركائز أساسية لضمان رعاية آمنة وكرامة إنسانية وجودة علاجية عالية.