مرتزِقة الدوحة استهدفوا رعايا الدولة الخليفية ومنعوا عنهم الإمدادات والإغاثة من جزر البحرين

الكعبي: أحداث «الثغب» استهدفت رعايا البحرين في إقليم الزبارة


محرر الشؤون المحلية بعد اكتشاف النفط في الخليج العربي أراد حكام الدوحة الاستيلاء على شبه جزيرة قطر بشكل كامل، بدعم من الشركات النفطية ذات المصالح السياسية في شبه جزيرة قطر إلا أن الحرب في ذلك الوقت لم تكن تتطلب السلاح فحسب، بل لا بد من وجود تحالف قبلي، وهو ما لم يتحقق لحكام الدوحة، فجمعوا حولهم جماعات من المرتزقة من أجل الاعتداء على القرى المسالمة التابعة للحكم الخليفي، وأخذت الاعتداءات تتزايد على المناطق البرية والساحلية حتى وصلت إلى قلعة الثغب. وفي قلعة الثغب وقعت أحداث سجلتها الوثائق، وتحدث عنها شهود عيان، وثبتت في تاريخ خليجنا العربي، وأصبحت مثالاً للتضحية والبطولة والعزة والولاء، مقابل الغدر وانعدام المروءة، وقعت هذه الأحداث في عام 1937 الميلادي، واستهدفت قلعة الثغب والمحتمين بها من رعايا البحرين وهي أكبر قلعة بعد قلعة صبحا. ويقول جمعة بن محمد الكعبي عن توصيف قلعة الثغب: «أكبر قلعة هي قلعة صبحا وقد أسسها الشيخ محمد بن خليفة، وفي جميع المناطق البرية كان هناك قلعة صغيرة في كل قرية، وتتكون من حصن وحوش وتستخدم في أيام الغارات وأيام الخوف، ويلجأ لها أهل كل منطقة، وإذا تحدثنا عن المساحة فمن بعد قلعة صبحا تأتي قلعة الثغب، وهي قريبة جداً من قرية خداي على الساحل الشمالي، وكلف والدي محمد بن جمعة الكعبي من قبل صاحبي العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة والشيخ حمد بن عيسى آل خليفه بأن يديرها ويكون مسؤولاً عنها». وروى الكعبي الذي كان والده مسؤولاً من قبل حكام الدولة الخليفة عن القلعة أحداث الحرب التي استهدفت رعايا البحرين في إقليم الزبارة، عند لجوئهم للثغب بعد خراب الديار، فيقول: «قاموا بعمل مفاوضات بين وفد البحرين من آل خليفة، وبين وفد الدوحة برعاية الإنجليز، ولم يرد البريطانيون أن تنجح تلك المفاوضات لأسباب تجارية، لأنهم يريدون التنقيب عن النفط في هذه المناطق ويريدون حقوق التنقيب، فلما رجع وفد البحرين، الذي كان يعتزم الرجوع مرة ثانية للمفاوضات بدأ الهجوم، وكانوا قد خططوا للبدء في الهجوم وقت الغوص، حيث لا يكون هناك رجال في القرى وحيث إن الشباب وكل من يستطيع حمل السلاح يكونون منشغلين بموسم الغوص؛ فلقد اختاروا هذا الوقت بالتحديد». وأضاف: «عندما بدأت الأحداث بالثغب كان والدي محمد بن جمعة الكعبي المعين من قبل صاحب العظمة على قلعة الثغب مع عضيده جمعة بن يعقوب الكبيسي في القصر بالإضافة إلى عبدالله بن يعقوب الكبيسي وأخي خميس بن محمد بن جمعة الكعبي وعبدالله بن محمد بن مانع الكعبي وجمعة بن محمد بن مانع الكعبي ومحمد بن قطامي الكبيسي وعبدالمحسن بن جاسم الفياض الكبيسي وعبدالله بن يعقوب الكبيسي وسالم بن غانم الصمخان الكبيسي وأحد أبناء قبيلة السادة الذي استشهد في هذه المعركة، حيث كان خارج قلعة الثغب أثناء حصول مواجهة مسلحة بينهم وبين المعتدين، وقتل فيها بعد أن قتل عشرة من المعتدين بشهادة المهاجمين أنفسهم، وكان معه أحد أبناء قبيلة السادة اسمه عيسى ويسمى بالسيد، وقتل أحد أبناء قبيلة النعيمي أيضاً في المعركة ويسمى راشد بن فهد النعيمي وكان في البحرين وعندما سمع بالهجوم على الزبارة ذهب إلى هناك للمشاركة في القتال، ومن قبيلة الكعبي قتل مبارك بن عجلان الكعبي». وقال الكعبي في الحلقة الثانية من السلسلة الوثائقية «البحرين والزبارة دولة واحدة وشعب واحد» عن تفاصيل الواقعة: «في قصر الثغب كان الجماعة محاصرين هناك لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع والتجؤوا في الليل إلى القلعة وحموها، ثم أتى الأعداء وحاصروها من جميع الجهات وخيموا في منطقة جنوب شرق الثغب التي تسمى عذبة، وسميت بذلك لعذوبة مائها، وكان فيها جيش الأعداء بحسب ما قال لي أخي خميس الذي كان أصغر المدافعين عن قلعة الثغب سناً، قال لقد رأينا سيارات كبيرة «لواري» وكان أعطاهم إياها الإنجليز الذين يوجدون في المنطقة للتنقيب عن النفط». ويواصل: «رأينا أيضاً الخيول والإبل وكانت هناك طائرة هليكوبتر تأتي إلى المنطقة ثم تذهب ولقد تكرر ظهورها ثلاث مرات ولم يكونوا يعلمون ما الذي تفعله تلك الطائرة فوقهم، في الحقيقة كانت تصورهم وتقوم بحساب أعدادهم وتصوير ما يوجد بداخل القلعة، لأن قلعة الثغب لم يكن لها إلا باب واحد إلى جهة الشمال وكانت القلعة محكمة لا أحد يستطيع دخولها، وكان المدافعون عن الثغب يرصدون من سورها المرتفع أي أحد من الأعداء يقترب ويقومون برميه بالرصاص، وقد احتموا فيها بشكل جيد وبقي الأعداء مخيمين في عذبة لمدة خمسة أيام ثم قاموا بالزحف على القلعة وتطويقها من جهاتها الأربع، ثم قاموا بأسر عدد كبير ممن كانوا بالقلعة الذين كان عددهم 33 شخصاً، والذين لم يستطيعوا مقاومة هذا الجيش الكبير الذي هجم عليهم، وهم لا يمتلكون سلاحاً ولا ذخيرة كافية». وقال الكعبي: «قاموا بأخذ الأسرى إلى منطقة عذبة مشياً على الأقدام وفي ثاني يوم قاموا بالإفراج عنهم وطلبوا منهم العودة لديارهم إلا والدي فإنهم منعوه من العودة إلى المنطقة الشمالية وطلبوا منه البقاء في الجنوب بقربهم فرفض الوالد ذلك». وأضاف: «قال لهم والدي إن شيوخي وحكامي هم آل خليفة ولستم أنتم، وهذه المنطقة تتبع لآل خليفة فكيف تطلبون مني أن أسكن معكم، فهددوه بأن أمامك يومين فقط للرحيل أنت وقبيلتك إذا رفضت، وبعد ثلاثة أيام أطلقوا سراح والدي وبالفعل في ثاني يوم قامت القبائل بركوب السفن واللجوء إلى البحرين عبر سفن مشرعة». ويصف الكعبي ما حدث قائلاً: «في الأسر كانوا مكبلين بالأغلال في أثناء وجودهم لدى الأعداء وفي اليوم الرابع أطلقوا سراح والدي فذهب إلى قبيلته في خداي، وبعد ذلك قدموا إلى البحرين وخلت خداي من السكان لأن المجموعة التي أتت إلى الثغب كان أغلبها من أهل خداي، وأتى المحتلون بمرتزقة وزحفوا على السكان وعلى المناطق والقرى التابعة لآل خليفة، وتحدثني إحدى النساء التي عاشت تلك الفترة أن عمرها كان تسع سنوات في ذلك الوقت، وتقول: عندما رأيناهم قادمين كنا خائفين منهم، فرجالنا في الأسر عندهم، ولا يوجد إلا النساء في القرى أو كبار السن، فلجأنا إلى البحر حيث نعرف أن البدو لا يدخلون البحر ويخافون منه وبهذه الحيلة استطعنا النجاة بأنفسنا وأرواحنا وبقينا محتمين بالبحر إلى أن خرجوا من القرية». بعد تلك الموقعة تهجرت العوائل قسراً من مناطقهم وتم التضييق عليهم ونهبت المنطقة نهباً وسادها الخوف حينها ألتجأت العوائل إلى البحرين. وقد حرر الشيخ راشد بن محمد الجبر النعيمي شيخ قبيلة النعيم وثيقة للتاريخ سجل فيها جانباً مما تعرض له أهالي البحرين من حصار وتجويع وقتل وتهجير قسري، وتوضح الوثيقة أن مرتزقة الدوحة استهدفوا رعايا الدولة الخليفية في قصر الثغب بل منعوا عنهم الإمدادات والإغاثة من جزر البحرين. وقتلوا كل من يقترب من قلعة الثغب لمساعدتهم ثم استهدفوا جميع القرى الأخرى، مثل خداي وفريحة والعريش والخوير واستهدفوا جميع القبائل بلا استثناء ومنهم البوكوارة والكعبان والكبسة والنعيم وغيرهم، ونهبوا الملابس والفرش والبقر والحمير وبيوت الشعر والأشرعة والحبال حتى الأطعمة والأواني، ثم بدؤوا بمحاصرة قلعة مرير «صبحا»، وطلب رجال من شيخ الدوحة الكف عن سفك دماء المسلمين المسالمين، ولكنهم استمروا في حصارهم وتجويعهم حتى بلغ منهم الجهد ما بلغ، وحقناً للدماء أخذت أسلحتهم وجميع ممتلكاتهم.. ومن الشهداء في معركة الثغب: الشهيد حمد بن محمد الجبر النعيمي والشهيد ماجد بن ناصر بن ماجد الماجد النعيمي والشهيد راشد بن فهد بن حسن الماجد النعيمي والشهيد عيسى السادة والشهيد مبارك بن عجلان الكعبي فرحم الله شهداء البحرين الذين سطروا أروع الأمثلة في التضحية والفداء