حوراء مرهون
في قصة أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة تروي كاميرا "شغف" حكاية شاب بحريني محارب لمرض السرطان الدماغي، أخبره طبيبه بأنه قد يفقد قدرته على النطق بعد إزالة الورم السرطاني، فقرّر أن يتكلّم للأبد ويصبح صوته خالداً في قلوب الأطفال.
يقول محمد عن البدايات: "قبل أن أصبح حكواتي كنت أقدّم فقرات للأطفال في المناسبات الدينية والاجتماعية، حتى أصبت بمرض السرطان الذي أيقظ الحكواتي في داخلي من سباته".
وأضاف بأن الكثير ممن يحاربون السرطان يخافون المرض، لكن بالنسبة لتجربته الشخصية فقد اختار لنفسه طريقاً آخر، وهو مصادقة المرض واتخاذه صاحباً في طريق النجاح، لذا أصبح المرض لا يعارض طريقه في الإنجاز، ويمشي معه خطوة بخطوة، بل وتجاوز كل لذلك ليصبح السرطان جزءاً مهماً في حكايته التي سيرويها لأبنائه وأحفاده.
وعن لحظات الضعف قال محمد: "أؤمن بأن الإنسان يولد متحدياً، ومن البديهي بأنه سيبحث عن ألف طريقة لهزيمة هذا التحدي، وهذا ما حصل لي حين أخبرني طبيبي بأني ربما أفقد قدرتي على النطق، بحثت عن أي طريقة تجعل صوتي خالداً ومؤثراً، ووجدت ذلك في قلوب الأطفال، وحرصت أن أبرهن للطبيب بأنني سأتكلم للأبد ولن يختفي صوتي كما افترض قبل إجراء عملية استئصال الورم الدماغي".
وتحدث محمد عن نقطة التحوّل الفارقة في حياته وهي عمليات استئصال الورم الدماغي الأولى في العام 2019، والثانية 2022، موضحاً "تستغرق العملية أكثر من 8 ساعات، برأس مفتوح في غرفة العمليات وغياب تام عن الواعي والإحساس، في عالم يتأرجح بين الموت والحياة وأيدي الأطباء وبالطبع رحمة الله".
وتوقف محمد عن تقديم الحكايات وانعزل عن المجتمع أثناء فترة العلاج الإشعاعي، لكن ابنته الصغيرة أعادته مجدداً للحكايات بعد أن تلقّى عرضاً من روضتها لتقديم فقرة حكايات، لأنه فضّل أن يترك ذكرى جميلة وخالدة في قلبها بسرد الحكايات.
أما عن الربح المادي يرى محمد بأن مهنة الحكواتي يجب ألا تمارس من أجل الربح حتى لا تفقد قيمتها ويغلب عليها الطابع المادي أكثر من الأثر والبصمة، وبأن مهنة الحكواتي يجب أن تفيد المجتمع وتعطيه أكثر مما تأخذ منه.
كما أكدَّ على أهمية معاملة الأطفال كأشخاص أذكياء ناضجين، مبرهناً بذلك على تجربته في الحديث مع الأطفال حيث تفاجأ بأنه يتحدث مع عقلاء مبهرين فكرياً، وأشبه بالعلماء.
وفي ختام حديثه، تطرّق محمد لطم
وحه وهو ترك الأثر الطيّب في نفس كل شخص يمر في حياته، وأن يعرف كل شخص قيمته في هذه الحياة، لأن الطفل إذا عرف قيمته مبكّراً سيكبر في كل مراحل حياته على أن يكون هو حكاية يحكيها، يعيشها ويقدّمها بفخر.