ما زال الدولي الكرواتي لوكا مودريتش، قادراً على العطاء مع فريقه ريال مدريد، ومع اقترابه من سن الأربعين يثبت أن لديه الكثير ليقدمه داخل المستطيل الأخضر، حيث يعد قائد الميرنجي أحد الأعمدة الرئيسية في كتيبة الملكي خلال السنوات الماضية.

وبالرغم من أن صورته كما في سنوات التوهج خاصة من الناحية البدنية مقارنة باللاعب نفسه في الأمس القريب، إلا أنها لا زالت تحتفظ بالكثير من رونقها وجودتها مقارنة بآخرين من نفس سن لوكا مودريتش أو أقل، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول إمكانية تواجد الدولي الكرواتي في المستويات العليا حتى سن الأربعين أو رحيله إلى الدوريات الخليجية.

وفي دراسة متخصصة بهذا الشأن، ثبت أن لاعبي كرة القدم أصبحوا أكبر سنا الآن عن ذي قبل، وبالتالي زادت احتمالية بقائهم لفترات أطول في الملاعب خاصة مع التطورات المحيطة على شتى الأصعدة التي تهدف للاهتمام بصحة وأداء اللاعب، بمعنى أنه إذا كان أحد اللاعبين ينتمي لحقبة بداية الألفية، فربما يعتزل أو يبتعد عن المستويات العليا في الدوريات الأوروبية في بداية الثلاثينيات من عمرهم، لكن في الوقت الراهن يحدث الأمر ذاته في منتصف أو نهاية الثلاثينيات مع وجود بعض الاستثناءات في الحالتين.

وأجريت تلك الدراسة على جميع لاعبي دوري أبطال أوروبا منذ موسم 1992/1993 حتى موسم 2017/2018، باستخدام عدة متغيرات منها عمر اللاعبين وعدد المواسم في النادي، وعدد بطولات الشامبيونزليج التي فازوا بها، والقيمة السوقية للفريق وأداء كل لاعب على مدار المواسم المتتالية، فلوحظ ارتفاع متوسط أعمار اللاعبين من سن 24.9 إلى سن 26.5، وتفاوت الارتفاع في كل مركز على حدة بناءً على طبيعة ذلك المركز ومتطلباته البدنية.

ويميل حراس المرمى والمدافعون إلى بلوغ ذروة أدائهم في وقت متأخر عن المهاجمين على سبيل المثال، فبالنسبة للمهاجم يبلغ ذروة نضوجه الكروي في سن 25 بينما يبلغ المدافعون قمة مستواهم في عمر 27 عاماً، وحراس المرمى من 28 إلى 29 عاماً، أما لاعبي الوسط فيصلون إلى الذروة ما بين 25 و 27 عاماً.

وبحسب الدراسة المذكورة ومنذ موسم 1992/1993 حتى موسم 2017/2018، ارتفع متوسط عمر المدافعين من 25 إلى 27 عاماً، ولاعبي الوسط والمهاجمين من 24 إلى 26 عاماً، فيما زاد متوسط أعمار حراس المرمى من 27 إلى 28 عاماً.

وإجمالا لوحظ أن وجود أكثر من 80% من اللاعبين تتراوح أعمارهم بين 21 و 29 عاماً، ومن 29 فصاعداً هناك انخفاض كبير في عدد اللاعبين، كما وجد أن ذروة اللاعب تأتي في منتصف العشرينيات، وهو السن الذي يسمح له بالجمع بين القدرة على التحمل والقوة الانفجارية اللازمة للتعامل مع المتطلبات البدنية والفسيولوجية لكرة القدم، ويصل اللاعبون ممن تتراوح أعمارهم بين 21 و 30 عاماً إلى أعلى قيمة سوقية في مسيرتهم خلال تلك السنوات، على عكس من تتراوح أعمارهم بين 16 و 20 عاماً أو بين 31 و 35 عاماً.

وبزيادة في الدراسة سالفة الذكر فيما يخص متوسط الأعمار من سن 24.9 إلى سن 26.5، وهو ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور كرة القدم عبر عوامل عدة، منها توجه العديد من الأندية لتوفير أخصائيين في كل المجالات لمراقبة أداء اللاعبين وحالتهم العامة سواء البدنية أو الطبية والغذائية، مع توفير مرافق التدريب الحديثة وصالات الألعاب الرياضية، بالإضافة إلى قيام بعض النجوم بتدابير خاصة وشخصية، وكلها أسباب ساهمت في إطالة عمر اللاعبين على العشب الأخضر.

وبغض النظر عن الحالة البدنية التي تتأثر حتميا وفسيولوجيا بتقدم عمر اللاعبين، لا تتمثل النقطة الرئيسية في بقاء النجوم على المستويات العليا في الدوريات الأوروبية وعدم رحيلهم إلى الخليج أو اعتزالهم، في جودة الأداء، بل القدرة على الاستمرار داخل الملعب مع توفر الحد الأدنى من امتلاك شئ لتقديمه، ويتفاوت الأمر باختلاف كل لاعب وفقا لإمكانياته الفنية والبدنية.