يعد فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد أكثر الشخصيات المؤثرة في تاريخ إدارات الأندية الأوروبية بفضل ما يمتلكه من حنكة وذكاء في التعامل مع العديد من الملفات المتعلقة بالنادي الملكي، وإذا خرج عن صمته فعلى الجميع الانتباه إذ أن الحدث جلل وكلماته ليست هباءًا، وصف بيريز بالقرش.

بيريز سياسي محنك عرف جيداً كيف له أن يدير مؤسسة بحجم ريال مدريد، ومهندس مدني له من الذكاء والفطنة ما يسمح له بالوصول دوماً إلى القمة، ورجل أعمال من الطراز الرفيع لا يليق به إلا قيادة الدفة في النادي الأفضل في تاريخ كرة القدم كلها، مقومات ومناصب منحته القوة التي تضاعفت بعدما أصبح رئيساً للملكي، واليوم يعد أكثر الأشخاص تأثيراً في إسبانيا والعالم على المستويات الرياضية والاقتصادية، ما جعل النادي مرجعاً عالمياً على شتى الأصعدة.

كارلو أنشيلوتي يتحدث عن فلورنتينو بيريز

وتحدث كارلو أنشيلوتي مؤخراً عن رئيس الملكي قائلاً: «القائد هنا يدعى فلورينتينو بيريز أما الآخرون فنحن مجرد بحارة»، حيث يعد بيريز الآمر الناهي في البيت الأبيض وفي شركة البناء والخدمات العملاقة ACS وهي مجموعة يقدر رقم أعمالها بما يقارب 35 مليار يورو.

يبلغ بيريز المفاوض الماهر والموهوب 77 عاماً، ويدير هذين العملاقين الكبيرين من وراء الكواليس بهدف واحد وهو التميز عن البقية، ولا يتوقف عن الانتصار لمصالح ريال مدريد مهما كلفه الأمر، ولا يتوانى في فرض شخصيته وقوة نفوذه إذا لزم الأمر.

فلورنتينو بيريز المهندس

تخرج بيريز كمهندس مدني من جامعة مدريد التقنية في ستينيات القرن الماضي، وكانت لديه أسهم ومناصب قيادية في شركات إنشاء عديدة كما اقتحم العمل السياسي ليبني علاقات جمة مع ذوي المناصب المرموقة وترأس أحد أكبر أحذاب إسبانيا إلى أن أقنعه أحد مساعديه عام 1995 بالترشح لرئاسة ريال مدريد لكنه خسر أمام رامون ميندوزا، قبل أن ينجح في محاولته الثانية عام 2000 وبدأ عمله بتوجيه واحدة من ضرباته المبهرة بانتداب لويس فيجو من برشلونة في صفقة أثارت الكثير من الجدل كبداية لمشروع الجلاكتيكوس، كما تفنن في الخروج بالنادي من الأزمة المالية التي كان يعاني منها آنذاك مع بيع المدينة الرياضية القديمة وإنشاء أخرى أكثر حداثة عام 2005 تلك التي سميت مؤخراً باسمه.

ولاية بيريز الأولى انتهت في 2006 وبدأت أخرى في 2009 لتتواصل حتى الوقت الراهن وبها خلع رئيس الملكي عباءة السياسي الذي أحكم قبضته على قلعة البرنابيو ليرتدي عباءة المهندس ورجل الأعمال الذي يجيد التفكير والتنفيذ وكذلك بناء علاقات لا تقل قوة عن شخصيته، فجمع بين تميزه في رئاسة الميرنجي وإدارته لشركة ACS، ما منحه قوة لا يستهان بها ونفوذًا مالياً بجانب نفوذه السياسي وقوته المجردة كونه رئيس ريال مدريد.

فلورنتينو بيريز ونفوذ رياضي وحنكة تسويقية

وأجرى فلورنتينو بيريز تحولات عديدة في مكانة الملكي الرياضية والتسويقية، فجعل منه علامة تجارية عالمية تحظى باحترام وإعجاب الجميع، مع الحفاظ على هويتها ونموذجها القائم على المساهمين ، كما مهد له الطريق نحو الكؤوس والألقاب مع الهيمنة الصارخة أوروبيًا.

وعلى صعيد الهيكل المؤسسي، أحدث بيريز العديد من التطورات آخرها تحفة سانتياغو برنابيو الجديد، وبعيداً عن الميرنجي طالما رأيناه شامخاً في وجه الجميع فيطلق مشروع السوبر ليج دون أن يأبه لتهديدات فيفا ويويفا، مصرًا على دخول كرة القدم حقبة جديدة في عهده، وينتصر في حربه ضد الخليفي وينجح في انتداب مبابي، كما يفتح النار على تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي في أعقاب تتويج رودري بالكرة الذهبية على حساب فينيسيوس جونيور.

بيريز اسم يختصر الكثير من النجاحات المبهرة، قوة التسيير، العقلية الفذة، الشخصية الاستثنائية والحنكة المثيرة للإعجاب، ما جعل صحيفة آس الإسبانية تؤكد أن في اليوم الذي سيترك فيه رئاسة الميرنجي سيكون قادراً على القول أنه ترك إرثاً أسطوريًا يجعله أفضل رئيس ناد في التاريخ.