بعد سبعة أسابيع من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، أجرت موسكو تعديلاً كبيراً بتعيين الجنرال ألكسندر دفورنيكوف قائداً جديداً للحرب، وسط مخاوف من زيادة الضحايا المدنيين خلال الفترة المقبلة استناداً إلى تقارير تشير إلى تنفيذه "قيادة وحشية" للمعارك التي نفذها في سوريا، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".وأوضحت الصحيفة أن "انعدام التماسك بين القوات الروسية قد يتغير في وجوده"، منبهة أنه "لم يكن هناك أي قائد عسكري موحد للقوات الروسية في أوكرانيا قبل تعيين دفورنيكوف".ويشغل دفورنيكوف منصب قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا، ويمتلك خبرة واسعة في دونباس بشرق أوكرانيا، إذ تقول موسكو إنها ستركز جهودها الحربية على هذه المنطقة بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة كييف والضواحي المُحيطة بها.ولا تزال الكثير من التفاصيل عن القائد العسكري الروسي غير معروفة، ولكن خبراته في شرق أوكرانيا والفترة التي قضاها في قيادة الحملة الجوية الروسية في سوريا تشكلان عنصران أساسيان في خبرته.من هو؟قال الأستاذ الفخري بكلية لندن الجامعية مارك جاليوتي والذي يُدرس القوات المُسلحة الروسية، إن دفورنيكوف يشرف على القوات الروسية في جنوب وشرق أوكرانيا، ومن المحتمل أن يحل محل فاليري جيراسيموف في رئاسة هيئة الأركان العامة الروسية.وكان دفورنيكوف أول قائد يُشرف على "الحملة الروسية الوحشية في سوريا"، إذ نفذت القوات الروسية أعمال قصف واسعة النطاق وعشوائية استهدفت مدنيين، وأحياء، ومستشفيات بالتزامن مع الحرب الجوية وعمليات الحصار التي نفذها الرئيس السوري بشار الأسد، بحسب "واشنطن بوست".وحصل دفورنيكوف على وسام بطل الاتحاد الروسي في عام 2016، عن قيادته لعمليات الروسية في سوريا.لماذا عُين؟بعد سحب روسيا قواتها من ضواحي كييف، قالت وكالات استخباراتية ودفاعية غربية إن موسكو تُعيد تركيز جهودها على الاستيلاء على جنوب وشرق أوكرانيا، حيث يعمل دفورنيكوف بالفعل.وتأتي الخطوة بعد تعثر الجهود الأولية لروسيا للاستيلاء على كييف وما تبقى من أوكرانيا في مواجهة مقاومة "أقوى من المتوقع" من قبل القوات الأوكرانية، بالإضافة إلى عوامل أخرى شملت الإخفاقات اللوجستية وانخفاض الروح المعنوية بين الجنود الروس.وقال معهد دراسة الحر، وهو مؤسسة بحثية أميركية، في 9 أبريل الجاري إن العقبات الرئيسية التي واجهتها القوات الروسية في أوكرانيا تضمنت "عدم وجود قائد عام"، الأمر الذي "أعاق بشكل واضح التعاون بين القوات الروسية".وأوضح المعهد أن "تعيين دفورنيكوف كقائد عام يبدو منطقياً في الوقت الحالي، نظراً لأن الجهود الروسية الرئيسية المُعلنة تقع في نطاق مسؤوليته"، مُشيراً إلى أن دفورنيكوف كان مسؤولاً عن جبهات مختلفة في أوكرانيا مع قائدين أو ثلاثة آخرين.وذكر جاليوتي أن دفورنيكوف كان "خياراً مثيراً للاهتمام، ولكنه متوقع"، نظراً لخبرته في الشرق وسمعته كقائد مبتكر و"شخص قادر على التعامل مع وضع جديد وغير مألوف".واعتبر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في مداخلة لبرنامج "حالة الاتحاد" الذي تبثه شبكة "سي إن إن" الأميركية، أنه "لا يمكن لتعيين أي جنرال أن يمحو حقيقة أن روسيا واجهت بالفعل فشلاً استراتيجياً في أوكرانيا".وأضاف سوليفان: "هذا الجنرال بالتحديد لديه سيرة ذاتية تتضمن وحشية ضد المدنيين في ساحات حروب أخرى مثل سوريا. ويمكننا توقع المزيد من نفس الأمر في ساحة الحرب هذه في أوكرانيا"."الأرض المحروقة"وأشرف دفورنيكوف على القوات الروسية أثناء فترة حرجة في الحرب السورية. ففي عام 2015، بدا أن الأسد، الحليف القديم لروسيا، قد لا ينتصر على جماعات التمرد المناهضة للحكومة التي تشكلت بعد الانتفاضة السورية التي اندلعت في عام 2011 وتدهورت إلى حرب أهلية وحروب إقليمية بالوكالة.وكانت روسيا تمتلك قاعدة بحرية واحدة في سوريا قبل الحرب، ودعمت الأسد دبلوماسياً منذ بداية الأزمة. وابتداءً من عام 2015، ساعدت موسكو الحروب الجوية التي شنها الأسد ضد المدن والمدنيين السوريين، ما حّول الأمر لصالح الأسد.ومنذ ذلك الحين، استعاد الرئيس السوري السيطرة على جميع أنحاء البلاد تقريباً، ولكن معظم الأنحاء ما زالت تعاني من الجروح العميقة التي خلفتها سياسة "الأرض المحروقة" التي اتبعها تحالف الأسد. ولم يُعرف حتى الآن عدد الأشخاص الذين قتلوا في سوريا من عام 2011، وتتراوح التقديرات بين أكثر من 300 ألف إلى 600 ألف شخص.ووجدت مجموعة "إيروايز" البريطانية، التي ترصد حملات القصف الجوي في سوريا والعراق وليبيا، أن الغارات الجوية الروسية قتلت ما يقرب من 25 ألف سوري في الفترة من سبتمبر 2015 إلى مارس 2022، وفقاً لمصادر محلية. وذكر تقرير أصدرته المجموعة مؤخراً: "حتى الآن، لم تتحمل روسيا علناً المسؤولية عن مقتل مدني واحد خلال الحملة".وكان العديد من التكتيكات الروسية التي شوهدت في أوكرانيا، مثل استخدام القنابل العنقودية، والقصف المستمر للمناطق المدنية، واستهداف المستشفيات، وإعادة ضرب المناطق بعد استجابة خدمات الطوارئ، جزءاً من استراتيجيات موسكو في سوريا، بحسب "واشنطن بوست".ومن غير المعروف إلى أي درجة ساهم دفورنيكوف في تصميم هذه الأساليب، ولكن الجنرال الروسي عمل سابقاً مع مجموعة "فاجنر" التي تضم شبكة غامضة من المتعقادين الأمنيين الروس العاملين في سوريا منذ عام 2015. وتعمل أيضاً في أوكرانيا. وقال مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إن دفورنيكوف بهذه الصفة ربما نسق بين الهجمات الجوية الروسية ومقاتلي "فاجنر" على الأرض في سوريا.