العربية.نت

أعلن مسؤولٌ في نقابة المحامين الأتراك، والتي تتخذ من العاصمة التركية أنقرة مقرّاً لها عن تبرّئه من ورشةٍ تدريبية أقامها فرعٍ للنقابة نفسها في مدينة إسطنبول، حيث أثارت تلك الورشة جدلاً واسعاً في البلاد بعدما تدرّب محامون على ما يُعرف بالقانون "العثماني" الذي يتيح الذبح بأمرٍ من حاكم البلاد وهو يعود لحقبة "السلطنة العثمانية" قبل نشوء تركيا الحديثة.

ورفضت النقابة المركزية للمحامين في أنقرة تبني ورشة التدريب التي أقيمت في إسطنبول على مدار ثمانية أيام، بحسب ما أفاد لـ "العربية.نت"، مسؤولون إداريون في النقابة التي تتوزع في عموم الولايات التركية البالغ عددها 81 ولاية، الأمر الذي يعكس الانقسام بين فروع مكاتب النقابة التي باتت نقابتين بعد تعديلاتٍ في هيكلها دخلت حيّز التنفيذ بعدما أقرّها البرلمان التركي في منتصف شهر تمّوز/يوليو من العام 2020.

ويعود سبب رفض النقابة المركزية لتبنّيها للورشة التدريبية التي أقامها الفرع الثاني لنقابة المحامين في إسطنبول، إلى عدم تطابق القوانين التي تدرّب المحامون عليها مع القانون التركي الحالي لاسيما وأن أنقرة منعت عقوبة الإعدام في العام 2004 تماهياً مع شروط الاتحاد الأوروبي الذي كانت تحاول كسب عضويته.

وبحسب معلوماتٍ حصلت عليها "العربية.نت" فإن الفرع الرئيسي لنقابة المحامين في أنقرة، والذي يُشرف على عمل كل فروعه في عموم الولايات التركية، لم يكن على دراية بالورشة التي عمل عليها فرع النقابة في إسطنبول على مدار أسبوعٍ كامل.

وفرع النقابة الذي أقام الورشة التدريبية المثيرة للجدل هو الفرع الثاني لنقابة المحامين في إسطنبول والذي تأسس بعد صيف العام 2020 عندما سمحت التعديلات التي أقرّها البرلمان بذلك وهي تعديلات اقترحها نواب كلٍّ من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحليفه حزب "الحركة القومية" اليميني، وبموجبها بات ممكناً منذ ذلك الحين تأسيس فروعٍ موازية لنقابة المحامين في كبرى ولايات البلاد وهو ما حصل في إسطنبول.

وتمحوّرت الورشة التي أقامها فرع نقابة المحامين الثاني في إسطنبول حول قانون "الذبح بأمرٍ من حاكم البلاد" الذي يعود لحقبة "السلطنة العثمانية" القائم على أسسٍ دينية، على العكس تماماً من القانون الحالي الذي يستند على مرتكزاتٍ علمانية.

وخلال اليوم الأول من تلك الورشة التي أنهت أعمالها قبل 3 أيام، ناقش المحامون المتدرّبون مسألة "القتل من أجل مصالح الدولة"، ما يعني إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي سبق وأن طالب نواب من الحزب الحاكم و"الحركة القومية" بضرورة إعادتها قبل سنوات، لكنهم لم يقدّموا مقترحاً للبرلمان من أجل ذلك حتى الآن رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن في العام 2016 أنه لن يعترض على عودة العمل بعقوبة الإعدام إذا ما أقرّها البرلمان.

وإلى جانب مناقشة "القتل من أجل مصالح الدولة"، عُقِدت محاضراتٍ عدّة من بينها مناقشة القوانين السياسية والجنائية وقوانين الحرب التي تعود للحقبة "العثمانية" وهو أمر يتمّ أول مرة من قبل نقابةٍ للمحامين في تركيا، حيث الحديث العلني عن "السلطنة العثمانية" من الناحية القانونية.

وكان الرئيس التركي قد أعلن عن رغبته بعدم الاعتراض على إعادة العمل بعقوبة الإعدام بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016. لكن عودة عقوبة الإعدام ستعني منع أنقرة من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يمنع كل الدول الأعضاء من العمل بهذه العقوبة.

وكان مسؤولون بارزون في تركيا قد أُعدِموا خلال حقبة الانقلابات العسكرية التي شهدتها البلاد، ففي عام 1961 أُعدِم رئيس الوزراء عدنان مندريس، كما أن السلطات أعدمت عدداً كبيراً من قيادات الحركة الطلابية عام 1972 بعد انقلاب عام 1970 وكان من بينهم دينيز غيزميش وحسين إنان ويوسف أرسلان.

كذلك أُعدِم 50 شخصاً على الأقل من بينهم 27 ناشطاً سياسياً بعد الانقلاب الذي شهدته تركيا في العام 1980 ولغاية العام 1984.