أثار الغزو الروسي لأوكرانيا مفعولاً عكسياً، إذ أن صمود الجيش الأوكراني مكّنه من استيعاب أكبر لمزايا الأسلحة والتدريب الغربيين، في تحوّل أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منعه من خلال الحرب.

وتتسع لائحة الأسلحة الغربية التي تتدفق على أوكرانيا، وتشمل مسيّرات أميركية جديدة وأحدث المدفعية الأميركية والكندية، إضافة إلى صواريخ مضادة للدبابات من النرويج ودول أخرى، ومدرعات وصواريخ مضادة للسفن من بريطانيا، وصواريخ من طراز "ستينجر" المضادة للطائرات، من الولايات المتحدة والدنمارك وبلدان أخرى.

وإذا نجحت أوكرانيا في صدّ الروس، فإن ترسانتها المتراكمة من الأسلحة الغربية قد تُحدِث تأثيراً تحوّلياً، في بلد كان يعتمد بشكل أساسي على الأسلحة والمعدات السوفياتية، مثل الجمهوريات السوفياتية السابقة الأخرى، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

لكن استدامة تلك المساعدة العسكرية لن تكون سهلة، إذ أنها مكلفة ومحفوفة بأخطار سياسية بالنسبة إلى دول مورّدة. كما أنها تتأمّن من مخزونات غربية، سيتوجّب تجديدها.

مساعدة أمريكية

ودفعت المخاطر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إلى عقد اجتماع الثلاثاء في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا، بمشاركة وزراء الدفاع وأبرز القادة العسكريين من نحو 40 دولة، للتوصّل إلى طرق تبقي هذه المساعدة مستمرة، الآن وعلى المدى البعيد.

وقال أوستن إن الهدف لا يكمن فقط في دعم الدفاعات الأوكرانية، ولكن مساعدة كييف على هزيمة قوة غازية أضخم حجماً.

وأضاف في بولندا الاثنين، بعد عودته من كييف مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في زيارة شملت مناقشة الحاجات العسكرية لأوكرانيا: "نعتقد بأنهم يستطيعون الفوز إذا كانت لديهم المعدات المناسبة، والدعم المناسب". وأشار أيضاً إلى هدف "إضعاف روسيا، إلى درجة تمنعها من القيام بالأشياء التي فعلتها خلال غزو أوكرانيا".

ورغم إخفاقاته المبكرة، لا يزال الجيش الروسي يتمتع بمزايا، ستُختبر في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، حيث يحشد مزيداً من الوحدات القتالية والقوة النارية، فيما تحاول الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (ناتو) إيصال مدفعية وأسلحة ثقيلة أخرى إلى تلك المنطقة في الوقت المناسب، بحسب "أسوشيتد برس".

وتزوّد وزارة الدفاع الأميركية كييف بـ90 من أحدث مدافع الهاوتزر الخاصة بالجيش الأميركي، إضافة إلى 183 ألف طلقة مدفعية، وأسلحة متطوّرة أخرى يمكن أن تمنح الأوكرانيين ميزة مهمة في المعارك المرتقبة. كما أن الولايات المتحدة تُعدّ مزيداً من التدريبات للأوكرانيين على أسلحة أساسية، بما في ذلك مدافع الهاوتزر وما لا يقلّ عن طرازين من المسيّرات المسلحة.

"انخراط أكبر للناتو وأمريكا"

أوستن وبلينكن أعلنا الاثنين عن تمويل عسكري أجنبي بقيمة 713 مليون دولار، لأوكرانيا و15 دولة حليفة وشريكة في أوروبا، مع تخصيص نحو 322 مليون دولار لكييف، لمساعدتها في التحوّل إلى أسلحة أكثر تقدّماً ومنظومات دفاع جوي. وأشار مسؤولون إلى أن المبلغ المتبقي سيُوزّع على أعضاء في "الناتو" ودول أخرى زوّدت أوكرانيا بإمدادات عسكرية ضرورية، منذ اندلاع الحرب.

وشدد الأوكرانيون على أنهم بحاجة إلى مزيد من السلاح، بما في ذلك منظومات دفاع جوي بعيدة المدى، ومقاتلات ودبابات وأنظمة صواريخ متعددة الإطلاق. وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا: "تقود الولايات المتحدة الآن جهوداً مبذولة لضمان انتقال أوكرانيا إلى أسلحة غربية، من خلال إعداد تدريب للجنود الأوكرانيين. آسف فقط لأن ذلك لم يحدث قبل شهر أو شهرين، منذ اندلاع الحرب".

ونقلت "أسوشيتد برس" عن الجنرال الأميركي المتقاعد فيليب بريدلوف، الذي قاد قوات "الناتو" في أوروبا بين عامَي 2013 و2016، قوله إن تلخيصه لما يريده بوتين في أوكرانيا وأماكن أخرى على حدود روسيا، هو "إخراج الأسلحة، إبعاد الناتو، وغياب أميركا". واستدرك أن "بوتين نال عكس ما أراده، مع تدفق مزيد من الأسلحة، وانخراط أكبر للناتو وأميركا في أوروبا".

لكن تعقيدات استمرار المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا، تذكّر بما هو على المحك، إذ قال بوتين قبل بدء الغزو، إن موسكو لن تتسامح مع ما يراه محاولة غربية لجعل أوكرانيا عضواً بحكم الواقع في "الناتو".

ثمة احتمال ضئيل لانضمام أوكرانيا إلى الحلف، لكن الحرب الروسية جعلت "الناتو" أكثر قرباً من كييف. ومكّن ذلك أوكرانيا من إقامة نظام دفاعي ناجح، حتى في دونباس حيث يحظى الروس بمزايا معيّنة، ويشهد الإقليم قتالاً من انفصاليين مدعومين من موسكو، منذ عام 2014، بحسب "أسوشيتد برس".