الحرةكشفت أربعة مصادر مطلعة على أحداث المعلومات الاستخباراتية الغربية لشبكة "سي إن إن" أن روسيا تنقل آلاف المدنيين في شرق أوكرانيا قسريا إلى روسيا بعد فلترتهم في "معسكرات التصفية".

وقالت المصادر إنه بعد احتجاز العديد من الأوكرانيين في معسكرات يديرها مسؤولو المخابرات الروسية، يتم نقلهم قسراً إلى مناطق تعاني من الركود الاقتصادي في روسيا على بعد آلاف الأميال من منازلهم، وغالبًا ما يُتركون دون أي وسيلة للعودة.

وعلى الرغم من أن بعض الأوكرانيين دخلوا طواعية إلى معسكرات "الفلترة" لمحاولة الهروب من القتال بدخول روسيا، فقد تم القبض على العديد منهم عند نقاط التفتيش وفي الملاجئ، بحسب القناة الأميركية.

وأكدت القناة أنه بعد اعتقال المدنيين لمدة 3 أسابيع في هذه المعسكرات في ظروف غير إنسانية وبعد استجوابهم وتعذيبهم، يتم تسليمهم وثائق رسمية روسية ونقلهم إلى داخل البلاد.

وقالت المصادر إن العديد من الأوكرانيين نُقلوا بعد ذلك من نقاط التفتيش في روستوف ومدن أخرى إلى مناطق نائية في أنحاء روسيا. كما تم إرسال بعضهم إلى جزيرة سخالين في المحيط الهادئ في أقصى شرق روسيا، على بعد 10000 ميل من الحدود الأوكرانية.

وقالت المصادر: "إذا كانوا محظوظين، فإن موسكو ستوفر لهم السكن وربما توفر بطاقة SIM روسية ومبلغًا صغيرًا من المال".

وأكدت مصادر أخرى أن الأوكرانيين الآخرين لا يزالون عالقين في معسكرات "فلترة" داخل روسيا، بالقرب من منازلهم ولا سبيل للمغادرة.

الإبادة الثقافية

تقول المصادر إن عمليات التهجير القسري والفلترة تأتي في إطار محاولات موسكو للسيطرة السياسية على المناطق المحتلة عن طريق القضاء على الأوكرانيين، الذين يُعتقد أنهم متعاطفون مع كييف، وتقليص الهوية الوطنية الأوكرانية في هذه المناطق، وهو ما يسميه بعض نشطاء حقوق الإنسان "الإبادة الجماعية الثقافية".

كان كبار الدبلوماسيين الأميركيين أدانوا هذه الممارسة، وقالوا إن هذه الأعمال تعتبر "جرائم حرب".

وقالت تانيا لوكشينا، المديرة المساعدة لأوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "ليس بالضرورة أن يُلقى الأوكرانيون على ظهر شاحنة، لكن الكثير منهم يتم وضعهم في موقف لا يملكون فيه خيارًا: تركب الحافلة وتذهب إلى الفلترة ثم إلى روسيا أو تموت في القصف".

وأضافت لوكشينا: "هذه عمليات نقل قسرية ممنوعة بموجب قوانين الحرب".

من الصعب تأكيد الأرقام الدقيقة للأوكرانيين الذين تعرضوا لعمليات التهجير القسري، لكن تتراوح التقديرات الغربية رسميًا من عشرات الآلاف إلى مليون شخص.

وتقول المصادر إنه يوجد مئات الآلاف من المدنيين تم فلترتهم في هذه المعسكرات وإرسالهم إلى روسيا.

في أواخر الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، إن القوات المسلحة الروسية "تبذل قصارى جهدها لمنع سقوط قتلى بين السكان المدنيين. ومنذ بداية العملية العسكرية الخاصة، تم إجلاء أكثر من 1.37 مليون شخص من المناطق الخطرة في جمهورية لوغانسك الشعبية. وكذلك من أوكرانيا إلى روسيا".

تدار المعسكرات ومراكز "الفلترة" داخل روسيا إلى حد كبير من قبل وكالة المخابرات الروسية المسؤولة عن عمليات موسكو في أوكرانيا، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على المخابرات الغربية والأميركية.

قبل غزو روسيا لأوكرانيا، قيمت المخابرات الغربية أن موسكو لديها خطط لإنشاء وتشغيل نظام معسكر "فلترة" لقتل الأوكرانيين غير المرغوب فيهم سياسيًا وشحن الباقين إلى روسيا، وفقًا لمصدرين مطلعين على التقييمات.

وتقول مصادر وشهود عيان إن الأوضاع في المعسكرات مروعة.

كانت شبكة "سي إن إن" نقلت عن شهود عيان في هذه المعسكرات تعرضهم للضرب وتجريدهم من ملابسهم، ونقص المرافق الصحية. وأفاد مصدر مطلع بتفشي مرض السل في أحد المعسكرات، بينما توفي الأوكرانيون في مخيم آخر بسبب نقص الرعاية الطبية.

أما بالنسبة لأولئك الذين ينجون من عملية "الفلترة" وينتشرون في جميع أنحاء روسيا يواجهون رحلة ملحمية للعودة إلى ديارهم، نجح البعض من شق طريقهم عبر الحدود إلى جورجيا أو بيلاروسيا أو إستونيا. وأكدت مصادر أن آخرين ما زالوا عالقين على الأرجح، على بعد آلاف الأميال من منازلهم بدون جواز سفر ولا موارد مالية.