على الرغم من تعهد قادة العراق أمس الاثنين المضي قدما في جهود تشكيل حكومة جديدة، إثر الاستقالة المفاجئة لـ 73 نائباً من الكتلة الصدرية ، إلا أن معظم المراقبين يجمعون على أن الغموض يلف المشهد السياسي.

فبعد مأزق سياسي مطول استمر أشهرا منذ الانتخابات النيابية التي جرت في أكتوبر الماضي، لا يبدو أن البلد أمام خيارات سهلة.

"حل البرلمان؟!"

فقد دفعت استقالة نواب التيار الصدري الذي يتزعمه الرجل الشيعي مقتدى الصدر، بعض الكتل أو الأحزاب إلى المطالبة بحل البرلمان، ومنهم "الجيل الجديد".

إذ دعت النائبة سروة عبد الواحد "إلى حلِّ البرلمان، لأن انسحاب الفائز الأكبر في الانتخابات يضع المجلس أمام تساؤلات كثيرة ويفقده الشرعية."وأعلنت في تغريدة على حسابها في تويتر أمس الاثنين أن خطوة نواب "الجيل الجديد" المقبلة هي اللجوءُ إلى المحكمة الاتحادية من أجل مسألتين، أولها تفسير الفترة الوجيزة لاختيار رئيس الجمهورية، وثانيها تفسير آلية حلِّ مجلس النواب.





في حين أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أن حل المجلس لم يطرح، لافتا إلى أن الخطوات القادمة هي السعي إلى تشكيل الحكومة وقد تمضي سريعا.

"ستولد ميتة"

لكن العديد من المحليين لا يرون أن تلك الخطوة ستمضي سريعاً، وفق توقعات الحلبوسي. إذ يرى بعضهم أن أي حكومة بلا صدر "ستولد ميتة"، وفق ما نقلت أسوشييتد برس.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي، لأسوشييتد برس: السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت الأحزاب السياسية ستكون قادرة على تشكيل حكومة مع وجود الصدر في المعارضة.

في حين يرجح آخرون أن يؤدي هذا الانسحاب الجماعي غير المسبوق لأعضاء كتلة الصدر من البرلمان للمرة الأولى منذ 2005. والمقامرة الكبيرة التي اتخذها أحد السياسيين الأكثر نفوذاً في البلاد، والذي يتمتع بعدد كبير من الأنصار، إلى تظاهرات لاحقة وواسعة في الشارع.

فعلى غرار ما فعل سابقا بتحريك الشارع، قد تشهد البلاد تظاهرات واسعة، إذا ما شكلت حكومة "بلا رضى الصدر".

نفس المأزق

أمام تلك الخيارات المرة، يجد العرقيون أنفسهم في نفس المأزق الذي انطلق بعيد الانتخابات في العاشر من أكتوبر الماضي (2021) ولا يزال مستمراً حتى الساعة، بلا حكومة أو رئيس جديد، فيما تضغط الأزمة الاقتصادية والمعيشية عليهم.

يشار إلى أن الصدر كان حاز خلال الانتخابات على 73 مقعدًا نيابياً من أصل 329 في البرلمان، ما عد في حينه ضربة لخصومه الشيعة المدعومين من إيران الذين فقدوا حوالي ثلثي مقاعدهم ورفضوا النتائج.

ومنذ ذلك الحين، دخل الجانبان في منافسة شديدة على السلطة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات متزايدة بما في ذلك أزمة الغذاء الوشيكة الناتجة عن الجفاف الشديد والحرب في أوكرانيا.

ولم يستطع الصدر الذي كان عازما على تشكيل حكومة أغلبية مع حلفائه تستبعد الفصائل الموالية لإيران، حشد عدد كافٍ من المشرعين للحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب الرئيس المقبل -وهي خطوة ضرورية قبل تسمية رئيس الوزراء المقبل واختيار مجلس الوزراء- بسب "الثلث المعطل" الذي استعمله خصومه، ولم يؤمنوا النصاب المطلوب في الجلسات البرلمانية.

فما كان أمامه بهد أشهر من المماطلة وانسداد الأفق إلا اتخاذ خطوة الاستقالة هذه الذي عدت بمثابة مقامرة، لاسيما أنه مع استقالة نوابه، من المتوقع أن تحصل الآن الجماعات المدعومة من طهران على الأغلبية في البرلمان.

فبحسب القانون العراقي، في حال شغور مقعد في مجلس النواب، يشغل المقعد المرشح الذي حصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الدائرة، وفي هذه الحالة، سيكون معارضو الصدر من ما يسمى بالإطار التنسيقي، تحالف تقوده أحزاب موالية لطهران أو مدعومة منها على رأسها الفتح وحزب نوري المالكي).