تلفزيون الشرق
الساكن الجديد للمنزل رقم 10 في لندن على مرمى أسابيع فقط من الانتظار، مع احتدام المنافسة بين مرشحي حزب المحافظين الحاكم، لخلافة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وعلى الرغم من تقلُّص عدد المرشحين إلى 3 فقط إلا أن الجدل حول هوية رأس الحكومة المقبلة لم يحسم حتى الآن، سواءً في استطلاعات الرأي، أو توجهات نواب المحافظين.
وحصل 8 مرشحون بدأوا السباق في 13 يوليو الجاري، على دعم 20 نائباً من الحزب لكل واحد منهم كشرط أساسي لدخول المنافسة.
وعلى مدار الأيام الماضية أجرى النواب المحافظون في البرلمان عدة جولات من التصويت على المرشحين، والخاسر الذي كان يحصل على أقل الأصوات، يغادر المضمار.
وتقتضي الآلية المتبعة من نواب الحزب الاستمرار في جولات الاقتراع حتى يتبقى مرشحان اثنان، يتنافسان على أصوات جميع أعضاء حزب المحافظين في الخامس من سبتمبر المقبل.
وما بين تصويت النواب والأعضاء لابد من شهر على الأقل يقود فيه كل مرشح حملة انتخابية يزور خلالها مناطق عدة ويلتقي بفعاليات مجتمعية.
مؤشرات وتيارات
وتصدر وزير الخزانة البريطاني السابق ريشي سوناك الجولة الأخيرة من تصويت النواب المحافظين وعددهم 358 نائباً.
وعلى الرغم من تصدر سوناك السباق منذ بدايته إلا أن استطلاعاً للرأي يتوقع أن تكون وزيرة الدولة للتجارة بيني موردنت، هي الخيار الأول في اقتراع أعضاء الحزب البالغ عددهم 200 ألف وفق إحصائيات 2021.
إلى جانب سوناك وموردنت، تحافظ وزيرة الخارجية ليز تراس على حضورها في تصويت النواب، كما أنها تحظى بدعم دائرة رئيس الوزراء بوريس جونسون.
وقال المحلل السياسي عادل درويش لـ"الشرق"، إنّ تراس تمثل "التيار التاتشري " (نسبة إلى رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة الحزب الراحلة مارجريت تاتشر) في الحزب الحاكم، وهي كناية عن المحافظين اليمينيين التقليديين، على حد تعبيره.
ويرى أن "التيار التاتشري" يمثل المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمتمسكين بسياسة الحزب في عهد جونسون.
وبرأي درويش فإن هذا التيار يدعم تراس أكثر من غيرها، ومتى توحدت الأصوات خلف وزيرة الخارجية ستكون حظوظها في الفوز بزعامة الحزب، وبالتالي رئاسة الوزراء، أكبر من أي مرشح أخر.
ومن وجهة نظر درويش أيضاً، لا يوجد بين المرشحين في المنافسة على زعامة المحافظين اليوم من يمتلك "الكاريزما" التي يمكن أن تجذب كل فئة في الحزب.
وبالتالي لا يوجد بينهم كما يقول، من يشبه جونسون في قدرته على مخاطبة وإقناع أعضاء الحزب بمختلف مشاربهم وخلفياتهم الاقتصادية والثقافية والمناطقية أيضاً.
بيئة مهيأة
النتيجة الوحيدة التي حسمت في انتخابات النواب حتى الآن، هي أن رئيس الوزراء المقبل لن يكون رجلاً أبيض البشرة كما اعتاد البريطانيون على مدار عقود طويلة. فإمّا أن تشهد البلاد قيادة نسائية للمرة الثالثة في تاريخ الدولة وحزب المحافظين، أو أن يأتي إلى الحكم لأول مرة في تاريخ المملكة المتحدة زعيم من أقلية عرقية.
وينتمي وزير الخزانة السابق ريشي سوناك الذي يتصدر السباق حتى الآن، إلى عائلة هندية مهاجرة جاءت إلى بريطانيا قبل نحو 5 عقود.
وهو من مواليد مدينة ساوثهامبتون بإنجلترا عام 1980. درس الفلسفة والاقتصاد في جامعة ستانفورد. ويشغل عضوية البرلمان عن حزب المحافظين منذ 2015، وفي فبراير 2020 عين وزيراً للخزانة حتى استقالته من المنصب مطلع الشهر الجاري.
ويمثل سوناك تياراً جديداً بين نواب حزب المحافظين، إذ يسعى إلى مزيد من الانفتاح على المجتمع المتعدد والمتنوع في بريطانيا.
ولكن برأي الأكاديمي والمختص بالقانون والسياسة الدكتور نهاد خنفر، فإن قاعدة الحزب ربما ليست جاهزة لمثل هذا التغيير، ولا تزال تفضل الاختيار بين المرشحين من ذوي البشرة البيضاء الإنجليزية.
ويقول خنفر لـ"الشرق"، إنّ سوناك قادم من الفئة القوية في قيادة المحافظين التي تنتمي إلى عالم المال وتفضل دعم مجتمع الأعمال.
ولكنه أنه في أعين البريطانيين، جزء من فريق جونسون الذي "أساء" للحزب بسبب مخالفته للقوانين فيما يعرف بـ"فضائح الحفلات"، وهو ما قد يكون سبباً في إعراض القاعدة الشعبية عن وزير الخزانة السابق، وتفضيل المنافس الآخر أياً كانت أجندته.
ثمة سبب آخر ربما ينفر المحافظين من انتخاب سوناك لرئاسة الحزب من وجهة نظر خنفر، وهو الخشية من عجز سوناك عن توحيد الصفوف في مواجهة حزب العمال المعارض خلال الانتخابات العامة المقبلة عام 2024، خاصة وأن زعيم المعارضة كير ستارمر يتمتع بـ"كاريزما" وحضور شعبي أكبر وأكثر وضوحاً، على حد وصف خنفر.
نقاط ضعف
وقال عضو حزب العمال البريطاني البروفسور كامل حواش لـ"الشرق"، إن المعارضة البريطانية تأخذ على وزير الخزانة السابق مآخذ عدة سوف تستخدمها كأوراق ضغط ضده إذا ما قاد المحافظين في الانتخابات المقبلة. وأبرز هذه المآخذ، تلك الغرامة التي حررت بحقه لمخالفته قوانين الإغلاق التي أقرتها حكومة كان عضواً فيها.
وكان سوناك تعهَّد بالاستقالة إن غرم لمخالفته القوانين في "فضائح الحفلات"، ولكنه لم يفعل. كما يتهم سوناك أيضاً بأنه تسبب في تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الضرائب والإجراءات التي أصدرها عندما كان وزيراً للخزانة، ناهيك عن الانتقادات التي طالته إثر حصوله على "البطاقة الخضراء الأميركية" كما تقول تقارير إعلامية محلية.
هناك أيضاً الانتقادات التي وجهت لزوجة سوناك قبل أشهر، على خلفية تهربها من دفع الضرائب عبر اللجوء لقوانين تخفف من قيمة الضرائب على نشاط عائلتها التجاري في البلاد.
ومجمل هذه الانتقادات برأي حواش، ستكون مادة خام لشن معارك انتخابية على وزير الخزانة السابق إن قاد المحافظين في استحقاق عام 2024.
إذا قرر المحافظون عدم التصويت لوزير الخزانة السابق، فهذا يعني أنهم اختاروا تكرار تجربة القيادة النسائية للحزب والدولة للمرة الثالثة.
وكانت التجربة الأولى مع مارجريت تاتشر، "المرأة الحديدية" التي حكمت بريطانيا بين 1979 و1990. والثانية تزعمت فيها تيريزا ماي الحزب والحكومة لمدة 3 سنوات بين 2016 و2019.
تكرار التجربة ربما يحرج حزب العمال الذي لم تصل امرأة إلى قيادته طوال تاريخه. حتى أنه في الانتخابات التي فاز فيها جيرمي كوربين عام 2015 لم يكن هناك مرشحات بين المتنافسين على زعامة الحزب.
وهو أمر يراه حواش محرجاً للعمال، ولكن برأيه، قد يحمل المستقبل للحزب تغيرات عدة في هذا الشأن.
ويضيف حواش أن وجود مرشحين لرئاسة حزب المحافظين من أقليات عرقية ودينية مثل سوناك يسجل ضد المعارضة أيضاً.
وغياب هؤلاء عن الواجهة في قيادات المعارضة أمر يثير التساؤل برأيه، لأنَّ عدد النواب العمال من الأقليات يفوق عدد النواب المحافظين من غير أصحاب البشرة البيضاء في البرلمان البريطاني.
تكرار التجربة
ثمة فارق بين التجربتين بالنسبة للمحافظين وعموم البريطانيين، فتاتشر لا تزال علامة فارقة في تاريخ البلاد والحزب، ليس نتيجة لقراراتها وإجراءاتها الكثيرة فقط، وإنما لحالة القوة والوحدة التي عاشها المحافظون في عهدها، وهو ما فشلت تيريزا ماي في تحقيقه وأجبرت في نهاية المطاف على الاستقالة ليحل محلها جونسون.
وبرأي عضو حزب المحافظين سامية الأطرش، فإن الحزب يتجه فعلاً نحو تكرار تجربة القيادة النسائية. وعلى الرغم من تصدر سوناك لنتائج انتخابات النواب، إلا أنَّ الاقتراع على مستوى القيادة الشعبية للحزب سيحمل نتائج مختلفة، وسيدفع بإحدى المرشحتين إلى صدارة المشهد وقيادة الحكومة المقبلة، وفق رأيها.
وقالت الأطرش لـ"الشرق"، إنها تتوقع فوز الوزيرة السابقة بيني موردونت، حالها في هذا حال فئة كبيرة من أعضاء حزب المحافظين وفق استطلاعات الرأي، ولكن أمرين أساسيين قد يعيقا طريقها، الأول هو عدم وضوح سياستها الداخلية تجاه العديد من الملفات، والثاني أنها ابتعدت عن العمل الوزاري منذ عامين.
في النقطة الأولى ردَّت موردونت على الانتقادات الموجهة لها من خلال إصدار مجموعة من الأهداف تعتزم تحقيقها إن بلغت رئاسة الحكومة، وخاصة في الصناعة والطاقة والنقل.
أما بشأن النقطة الثانية فالقول الفصل فيها لصناديق الاقتراع عندما تفتح أمام المحافظين في الخامس من سبتمبر المقبل، وتكون موردنت أحد المرشحين.
الدفع بسوناك وتراس إلى انتخابات رئاسة الحزب، يؤكد أن النواب المحافظين عموماً يفضلون استمرارية نهج بوريس جونسون بشكل أو بآخر.
وهو أمر يلتقي مع رغبة أوكرانيا في وصول وزيرة الخارجية إلى رئاسة الحكومة البريطانية لتحافظ على دعم المملكة المتحدة الكبير لكييف في مواجهة العملية العسكرية الروسية.
وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عبر عن دعم بلاده لتراس بشكل واضح عبر تغريدة على تويتر. وما باح به كوليبا ربما يجول في خاطر العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، ليس بسبب حرب أوكرانيا، وإنما خشية من نوايا سوناك إبطال كل قوانين التكتل التي لا تزال سارية المفعول في بريطانيا بعد "بريكست".
الساكن الجديد للمنزل رقم 10 في لندن على مرمى أسابيع فقط من الانتظار، مع احتدام المنافسة بين مرشحي حزب المحافظين الحاكم، لخلافة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وعلى الرغم من تقلُّص عدد المرشحين إلى 3 فقط إلا أن الجدل حول هوية رأس الحكومة المقبلة لم يحسم حتى الآن، سواءً في استطلاعات الرأي، أو توجهات نواب المحافظين.
وحصل 8 مرشحون بدأوا السباق في 13 يوليو الجاري، على دعم 20 نائباً من الحزب لكل واحد منهم كشرط أساسي لدخول المنافسة.
وعلى مدار الأيام الماضية أجرى النواب المحافظون في البرلمان عدة جولات من التصويت على المرشحين، والخاسر الذي كان يحصل على أقل الأصوات، يغادر المضمار.
وتقتضي الآلية المتبعة من نواب الحزب الاستمرار في جولات الاقتراع حتى يتبقى مرشحان اثنان، يتنافسان على أصوات جميع أعضاء حزب المحافظين في الخامس من سبتمبر المقبل.
وما بين تصويت النواب والأعضاء لابد من شهر على الأقل يقود فيه كل مرشح حملة انتخابية يزور خلالها مناطق عدة ويلتقي بفعاليات مجتمعية.
مؤشرات وتيارات
وتصدر وزير الخزانة البريطاني السابق ريشي سوناك الجولة الأخيرة من تصويت النواب المحافظين وعددهم 358 نائباً.
وعلى الرغم من تصدر سوناك السباق منذ بدايته إلا أن استطلاعاً للرأي يتوقع أن تكون وزيرة الدولة للتجارة بيني موردنت، هي الخيار الأول في اقتراع أعضاء الحزب البالغ عددهم 200 ألف وفق إحصائيات 2021.
إلى جانب سوناك وموردنت، تحافظ وزيرة الخارجية ليز تراس على حضورها في تصويت النواب، كما أنها تحظى بدعم دائرة رئيس الوزراء بوريس جونسون.
وقال المحلل السياسي عادل درويش لـ"الشرق"، إنّ تراس تمثل "التيار التاتشري " (نسبة إلى رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة الحزب الراحلة مارجريت تاتشر) في الحزب الحاكم، وهي كناية عن المحافظين اليمينيين التقليديين، على حد تعبيره.
ويرى أن "التيار التاتشري" يمثل المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمتمسكين بسياسة الحزب في عهد جونسون.
وبرأي درويش فإن هذا التيار يدعم تراس أكثر من غيرها، ومتى توحدت الأصوات خلف وزيرة الخارجية ستكون حظوظها في الفوز بزعامة الحزب، وبالتالي رئاسة الوزراء، أكبر من أي مرشح أخر.
ومن وجهة نظر درويش أيضاً، لا يوجد بين المرشحين في المنافسة على زعامة المحافظين اليوم من يمتلك "الكاريزما" التي يمكن أن تجذب كل فئة في الحزب.
وبالتالي لا يوجد بينهم كما يقول، من يشبه جونسون في قدرته على مخاطبة وإقناع أعضاء الحزب بمختلف مشاربهم وخلفياتهم الاقتصادية والثقافية والمناطقية أيضاً.
بيئة مهيأة
النتيجة الوحيدة التي حسمت في انتخابات النواب حتى الآن، هي أن رئيس الوزراء المقبل لن يكون رجلاً أبيض البشرة كما اعتاد البريطانيون على مدار عقود طويلة. فإمّا أن تشهد البلاد قيادة نسائية للمرة الثالثة في تاريخ الدولة وحزب المحافظين، أو أن يأتي إلى الحكم لأول مرة في تاريخ المملكة المتحدة زعيم من أقلية عرقية.
وينتمي وزير الخزانة السابق ريشي سوناك الذي يتصدر السباق حتى الآن، إلى عائلة هندية مهاجرة جاءت إلى بريطانيا قبل نحو 5 عقود.
وهو من مواليد مدينة ساوثهامبتون بإنجلترا عام 1980. درس الفلسفة والاقتصاد في جامعة ستانفورد. ويشغل عضوية البرلمان عن حزب المحافظين منذ 2015، وفي فبراير 2020 عين وزيراً للخزانة حتى استقالته من المنصب مطلع الشهر الجاري.
ويمثل سوناك تياراً جديداً بين نواب حزب المحافظين، إذ يسعى إلى مزيد من الانفتاح على المجتمع المتعدد والمتنوع في بريطانيا.
ولكن برأي الأكاديمي والمختص بالقانون والسياسة الدكتور نهاد خنفر، فإن قاعدة الحزب ربما ليست جاهزة لمثل هذا التغيير، ولا تزال تفضل الاختيار بين المرشحين من ذوي البشرة البيضاء الإنجليزية.
ويقول خنفر لـ"الشرق"، إنّ سوناك قادم من الفئة القوية في قيادة المحافظين التي تنتمي إلى عالم المال وتفضل دعم مجتمع الأعمال.
ولكنه أنه في أعين البريطانيين، جزء من فريق جونسون الذي "أساء" للحزب بسبب مخالفته للقوانين فيما يعرف بـ"فضائح الحفلات"، وهو ما قد يكون سبباً في إعراض القاعدة الشعبية عن وزير الخزانة السابق، وتفضيل المنافس الآخر أياً كانت أجندته.
ثمة سبب آخر ربما ينفر المحافظين من انتخاب سوناك لرئاسة الحزب من وجهة نظر خنفر، وهو الخشية من عجز سوناك عن توحيد الصفوف في مواجهة حزب العمال المعارض خلال الانتخابات العامة المقبلة عام 2024، خاصة وأن زعيم المعارضة كير ستارمر يتمتع بـ"كاريزما" وحضور شعبي أكبر وأكثر وضوحاً، على حد وصف خنفر.
نقاط ضعف
وقال عضو حزب العمال البريطاني البروفسور كامل حواش لـ"الشرق"، إن المعارضة البريطانية تأخذ على وزير الخزانة السابق مآخذ عدة سوف تستخدمها كأوراق ضغط ضده إذا ما قاد المحافظين في الانتخابات المقبلة. وأبرز هذه المآخذ، تلك الغرامة التي حررت بحقه لمخالفته قوانين الإغلاق التي أقرتها حكومة كان عضواً فيها.
وكان سوناك تعهَّد بالاستقالة إن غرم لمخالفته القوانين في "فضائح الحفلات"، ولكنه لم يفعل. كما يتهم سوناك أيضاً بأنه تسبب في تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الضرائب والإجراءات التي أصدرها عندما كان وزيراً للخزانة، ناهيك عن الانتقادات التي طالته إثر حصوله على "البطاقة الخضراء الأميركية" كما تقول تقارير إعلامية محلية.
هناك أيضاً الانتقادات التي وجهت لزوجة سوناك قبل أشهر، على خلفية تهربها من دفع الضرائب عبر اللجوء لقوانين تخفف من قيمة الضرائب على نشاط عائلتها التجاري في البلاد.
ومجمل هذه الانتقادات برأي حواش، ستكون مادة خام لشن معارك انتخابية على وزير الخزانة السابق إن قاد المحافظين في استحقاق عام 2024.
إذا قرر المحافظون عدم التصويت لوزير الخزانة السابق، فهذا يعني أنهم اختاروا تكرار تجربة القيادة النسائية للحزب والدولة للمرة الثالثة.
وكانت التجربة الأولى مع مارجريت تاتشر، "المرأة الحديدية" التي حكمت بريطانيا بين 1979 و1990. والثانية تزعمت فيها تيريزا ماي الحزب والحكومة لمدة 3 سنوات بين 2016 و2019.
تكرار التجربة ربما يحرج حزب العمال الذي لم تصل امرأة إلى قيادته طوال تاريخه. حتى أنه في الانتخابات التي فاز فيها جيرمي كوربين عام 2015 لم يكن هناك مرشحات بين المتنافسين على زعامة الحزب.
وهو أمر يراه حواش محرجاً للعمال، ولكن برأيه، قد يحمل المستقبل للحزب تغيرات عدة في هذا الشأن.
ويضيف حواش أن وجود مرشحين لرئاسة حزب المحافظين من أقليات عرقية ودينية مثل سوناك يسجل ضد المعارضة أيضاً.
وغياب هؤلاء عن الواجهة في قيادات المعارضة أمر يثير التساؤل برأيه، لأنَّ عدد النواب العمال من الأقليات يفوق عدد النواب المحافظين من غير أصحاب البشرة البيضاء في البرلمان البريطاني.
تكرار التجربة
ثمة فارق بين التجربتين بالنسبة للمحافظين وعموم البريطانيين، فتاتشر لا تزال علامة فارقة في تاريخ البلاد والحزب، ليس نتيجة لقراراتها وإجراءاتها الكثيرة فقط، وإنما لحالة القوة والوحدة التي عاشها المحافظون في عهدها، وهو ما فشلت تيريزا ماي في تحقيقه وأجبرت في نهاية المطاف على الاستقالة ليحل محلها جونسون.
وبرأي عضو حزب المحافظين سامية الأطرش، فإن الحزب يتجه فعلاً نحو تكرار تجربة القيادة النسائية. وعلى الرغم من تصدر سوناك لنتائج انتخابات النواب، إلا أنَّ الاقتراع على مستوى القيادة الشعبية للحزب سيحمل نتائج مختلفة، وسيدفع بإحدى المرشحتين إلى صدارة المشهد وقيادة الحكومة المقبلة، وفق رأيها.
وقالت الأطرش لـ"الشرق"، إنها تتوقع فوز الوزيرة السابقة بيني موردونت، حالها في هذا حال فئة كبيرة من أعضاء حزب المحافظين وفق استطلاعات الرأي، ولكن أمرين أساسيين قد يعيقا طريقها، الأول هو عدم وضوح سياستها الداخلية تجاه العديد من الملفات، والثاني أنها ابتعدت عن العمل الوزاري منذ عامين.
في النقطة الأولى ردَّت موردونت على الانتقادات الموجهة لها من خلال إصدار مجموعة من الأهداف تعتزم تحقيقها إن بلغت رئاسة الحكومة، وخاصة في الصناعة والطاقة والنقل.
أما بشأن النقطة الثانية فالقول الفصل فيها لصناديق الاقتراع عندما تفتح أمام المحافظين في الخامس من سبتمبر المقبل، وتكون موردنت أحد المرشحين.
الدفع بسوناك وتراس إلى انتخابات رئاسة الحزب، يؤكد أن النواب المحافظين عموماً يفضلون استمرارية نهج بوريس جونسون بشكل أو بآخر.
وهو أمر يلتقي مع رغبة أوكرانيا في وصول وزيرة الخارجية إلى رئاسة الحكومة البريطانية لتحافظ على دعم المملكة المتحدة الكبير لكييف في مواجهة العملية العسكرية الروسية.
وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عبر عن دعم بلاده لتراس بشكل واضح عبر تغريدة على تويتر. وما باح به كوليبا ربما يجول في خاطر العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، ليس بسبب حرب أوكرانيا، وإنما خشية من نوايا سوناك إبطال كل قوانين التكتل التي لا تزال سارية المفعول في بريطانيا بعد "بريكست".