منعطف خطر يدفع التغير المناخي العالم نحو اليوم، فالأزمة لم تعد تقتصر فقط على احترار الأرض، بل باتت تهدد الأمن الغذائي للبشرية.
إن التغير المناخي أصبح يمثل تهديدًا خطيرًا على الأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة وجهود القضاء على الفقر، إذ إنها تُعد القضية الحاسمة في عصرنا، حيث يعيش سكان مختلف دول ومناطق العالم تحولًا في أنماط الطقس يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر؛ ما يزيد من أخطار الفيضانات الكارثية التي تهدد بدورها إنتاج الغذاء في العالم.
تداعيات متشعبة ومتسارعة
إن قضية التغير المناخي باتت واضحة بشدة، وتأثيراتها المختلفة في تزايد مستمر وسريع، ولعل أبرز مظاهرها وأوضحها ارتفاع درجات الحرارة، فقد أكد الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) في تقريره الخامس، أن درجة الحرارة العالمية في تنامٍ مستمر، ومن المتوقع أن ترتفع من 2.6 درجة مئوية إلى 4.8 درجة مئوية بحلول عام 2100، خاصة في ظل ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وتناقص كمية الثلوج والجليد وانخفاض مستوى سطح البحر، ووجود المزيد من الموجات الحارة، وذوبان الجليد في القطب الشمالي.
وتتعدد التداعيات الناتجة عن قضية التغير المناخي، وأبرزها تلك المتعلقة بالمحاصيل الزراعية، وقد سلطت بعض وسائل الإعلام مؤخرًا الضوء على حجم الخسائر الذي تعرضت له المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية التي تجتاح معظم دول العالم؛ ما أدى إلى انخفاض المعروض من هذه المحاصيل ومن ثم ارتفاعها أسعارها بشكل كبير.
ولم تقتصر هذه الآثار على المحاصيل الزراعية فقط، بل إن صيد الأسماك في المناطق المدارية قد ينخفض ما بين 40 إلى 60% حسب أحد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية التي يواجهها العالم.
ركائز الأمن الغذائي
هناك أربع ركائز أساسية للأمن الغذائي؛ وهي: “التوافر”، و”الوصول”، و”الاستخدام”، و”الاستقرار”. وهذه الركائز تتأثر جميعها بقضية التغير المناخي؛ وفق ما أفاد مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات عبر ورقة بحثية ترصد تداعيات التغير المناخي على الغذاء.
وتتعلق الركيزة الأولى “التوافر” بمدى توفر الغذاء الكافي، أي القدرة الكلية للأنظمة الزراعية على تلبية الطلب على الغذاء. وتشمل أبعاده الفرعية المتعلقة بالزراعة المناخية لإنتاج المحاصيل والمراعي ومجموعة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحدد مكان وكيفية أداء المزارعين ومدى استجابتهم للأسواق.
أما الركيزة الثانية “الوصول” فتُعنى بمدى قدرة الأفراد على الوصول إلى الموارد الكافية للحصول على أغذية مناسبة لنظام غذائي مغذي. والعنصر الأساسي في هذه الركيزة هو القوة الشرائية للمستهلكين وأسعار المواد الغذائية. ومع ذلك، لا يلزم أن تكون هذه الموارد نقدية بشكل حصري. وتشمل الركيزة الثالثة “الاستخدام” جميع جوانب التغذية المتعلقة بسلامة الأغذية وجودتها عبر السلسلة الغذائية بأكملها. وتتعلق الركيزة الرابعة “الاستقرار” بمدى إمكانية تعرض الأفراد لخطر كبير بفقدان وصولهم بشكل مؤقت أو دائم إلى الموارد اللازمة للحصول على غذاء كاف نتيجة وجود حالة مع عدم الاستقرار. وفي هذا الصدد تعتبر تغيرات المناخ أحد أهم الأسباب لعدم الاستقرار التي تحد من القدرة على الوصول إلى الغذاء.
وهناك العديد من الأمثلة على هذه الركائز وأهميتها؛ فعلى سبيل المثال تشير التقارير إلى ازدياد عدد الجياع في العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وقدر بعضها عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع بنحو 800 مليون شخص حول العالم، وقدر البعض الآخر بأن 1 من كل 9 أشخاص يعاني الجوع يومياً ونقص التغذية نتيجة لذلك.
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، فإن البلدان التي لديها أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، لديها أيضًا أعلى معدلات الهجرة الخارجية للاجئين، حسب الإحصائيات الأخيرة، هناك ما يقدر بنحو 821 مليون شخص يعانون حاليًا سوء التغذية، وحوالي 151 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون التقزُّم، وما يقارب من 613 مليون امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 15 – 49 عاماً يعانين نقص الحديد، وما لا يقل عن 2 مليار بالغ يعانون زيادة الوزن أو السمنة.
تأثير المناخ على أسعار الغذاء وإنتاجه
فيما خلصت منظمة أوكسفام الخيرية والمعنية بمكافحة الفقر عالميًا، في تقرير أعدته لدراسة الآثار المحتملة لتغيرات المناخ على أسعار السلع الغذائية بحلول عام 2030، إلى أن أسعار محاصيل الذرة ستزيد بنسبة 177% والقمح بنسبة 120%، والأرز بنسبة 117%، آخذين في الاعتبار نسب التضخم.
وفي دراسة أخرى، توقعت النماذج العالمية للمحاصيل والنماذج الاقتصادية زيادة بنسبة 1-29% في أسعار الحبوب في عام 2050 بسبب تغير المناخ؛ ما سيؤثر على المستهلكين على مستوى العالم من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وستختلف التأثيرات الإقليمية؛ فالمستهلكون ذوو الدخل المنخفض معرضون للخطر بشكل خاص، حيث تشير النماذج إلى زيادات قد تصل إلى 183 مليون شخص إضافي معرضين لخطر الجوع.
وإلى جانب التأثير على أسعار المواد الغذائية، يؤثر التغير المناخي أيضاً على عنصر إنتاج الغذاء بعدة طرق مباشرة وغير مباشرة. فهو يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الغذاء من خلال التغير في الظروف الزراعية البيئية، وبشكل غير مباشر من خلال التأثير على نمو وتوزيع الدخل، وبالتالي على الطلب على المنتجات الزراعية.
وتبدو مشكلة التغير المناخي أكثر وضوحاً في حالة الفاكهة والخضروات، التي تعتبر عنصراً أساسياً في النظم الغذائية الصحية؛ فمن المتوقع حدوث انخفاض في إنتاج وملاءمة هذه الأنواع في ظل درجات الحرارة المرتفعة خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث يقلل الإجهاد الحراري من ثبات الفاكهة ويسرّع من نضج الخضروات؛ ما يؤدي إلى خسائر في الإنتاج، وتدهور في جودة المنتج، وزيادة في فقد الطعام وهدره.
البحث العلمي وسد فجوة الغذاء
إن دعم وتعزيز البحث والتطوير في دول العالم بات مهماً وضرورياً، حتى يكون له دور فاعل في تخطيط المستقبل ووضع حلول لما قد نواجهه من تحديات، فالدول المتقدمة تعتمد في رسم خططها وقراراتها على توافر البيانات والنتائج البحثية التي تبنى على أسس علمية. وقد جاء في التقرير الدوري الصادر عن مجلس التجارة والتنمية التابع لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) جملة من التوصيات في هذا السياق. حيث ركز فيه الخبراء على أهمية ضخ استثمارات إضافية في البحوث الزراعية مع التركيز على المعلومات المتعلقة بتغير المناخ والإرشاد الزراعي وتبني تقنيات ري جديدة وتطوير الهياكل الزراعية الأساسية.
وتضمنت دراسة علمية نُشرت في مجلة نيتشر واعتمدت على نماذج الحاسب الآلي، اقتراحاً بإمكانية زيادة الإنتاج العالمي من الغذاء مع خفض مدخلات الإنتاج من مياه وأسمدة وبذور. وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن إنتاج ما يقارب من 17 من أهم السلع الغذائية في العالم قد يرتفع بنسب تتراوح ما بين 45-70% وذلك في حالة إغلاق الفجوة بين الإنتاج الحالي للمحصول وبين الإنتاج المرجو. علماً بأن نماذج الحاسب الآلي تقوم بتحليل جميع البيانات المهمة والمتعلقة بالإنتاج؛ ومنها أسعار مدخلات الإنتاج كالبذور والأسمدة والمعدات الزراعية، بالإضافة إلى تحليل معدلات درجات الحرارة السنوية لمئات السنين، ومن ثم وضع تصور مستقبلي لتكاليف الإنتاج وأسعار السلع.
ستكون المرحلة القادمة بحاجة إلى وجود دراسات بحثية تركز على تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة والتركيز على التقدم التكنولوجي للحد من تأثير تغيرات المناخ. ومن المهم وضع سيناريوهات لما قد يصاحب هذه التغيرات. ومن وجهة نظر الأمن الغذائي، فإن دراسة مدى تأثير تغيرات المناخ على الغطاء الزراعي وتنوع المحاصيل التي تزرع في المناطق المختلفة باتت مهمة؛ لكي نتمكن من استقراء التغيرات القادمة والتحضير لاستراتيجيات جديدة قد تغير نظرتنا لقضية شح المياه ووفرة السلع الزراعية.
ومن المهم كذلك، السعي لتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء؛ فعلى سبيل المثال يمكن استنباط أصناف جديدة ذات موسم زراعي قصير لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة كمحصول الأرز الذي تم تطويره في مصر، حيث تم تطوير أصناف لها القدرة على تحمُّل الملوحة ونقص المياه والجفاف ومقاومة الأمراض، وغير مستهلكة للمياه وذات إنتاجية عالية.
فيما استطاع ما يقارب 90 % من أقل البلدان نمواً وبعض الدول الصغيرة النامية استخدام أنظمة الإنذار المبكر كأولوية قصوى في وضع سيناريوهات للتغير المناخي.
إن التغير المناخي أصبح يمثل تهديدًا خطيرًا على الأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة وجهود القضاء على الفقر، إذ إنها تُعد القضية الحاسمة في عصرنا، حيث يعيش سكان مختلف دول ومناطق العالم تحولًا في أنماط الطقس يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر؛ ما يزيد من أخطار الفيضانات الكارثية التي تهدد بدورها إنتاج الغذاء في العالم.
تداعيات متشعبة ومتسارعة
إن قضية التغير المناخي باتت واضحة بشدة، وتأثيراتها المختلفة في تزايد مستمر وسريع، ولعل أبرز مظاهرها وأوضحها ارتفاع درجات الحرارة، فقد أكد الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) في تقريره الخامس، أن درجة الحرارة العالمية في تنامٍ مستمر، ومن المتوقع أن ترتفع من 2.6 درجة مئوية إلى 4.8 درجة مئوية بحلول عام 2100، خاصة في ظل ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وتناقص كمية الثلوج والجليد وانخفاض مستوى سطح البحر، ووجود المزيد من الموجات الحارة، وذوبان الجليد في القطب الشمالي.
وتتعدد التداعيات الناتجة عن قضية التغير المناخي، وأبرزها تلك المتعلقة بالمحاصيل الزراعية، وقد سلطت بعض وسائل الإعلام مؤخرًا الضوء على حجم الخسائر الذي تعرضت له المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية التي تجتاح معظم دول العالم؛ ما أدى إلى انخفاض المعروض من هذه المحاصيل ومن ثم ارتفاعها أسعارها بشكل كبير.
ولم تقتصر هذه الآثار على المحاصيل الزراعية فقط، بل إن صيد الأسماك في المناطق المدارية قد ينخفض ما بين 40 إلى 60% حسب أحد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية التي يواجهها العالم.
ركائز الأمن الغذائي
هناك أربع ركائز أساسية للأمن الغذائي؛ وهي: “التوافر”، و”الوصول”، و”الاستخدام”، و”الاستقرار”. وهذه الركائز تتأثر جميعها بقضية التغير المناخي؛ وفق ما أفاد مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات عبر ورقة بحثية ترصد تداعيات التغير المناخي على الغذاء.
وتتعلق الركيزة الأولى “التوافر” بمدى توفر الغذاء الكافي، أي القدرة الكلية للأنظمة الزراعية على تلبية الطلب على الغذاء. وتشمل أبعاده الفرعية المتعلقة بالزراعة المناخية لإنتاج المحاصيل والمراعي ومجموعة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحدد مكان وكيفية أداء المزارعين ومدى استجابتهم للأسواق.
أما الركيزة الثانية “الوصول” فتُعنى بمدى قدرة الأفراد على الوصول إلى الموارد الكافية للحصول على أغذية مناسبة لنظام غذائي مغذي. والعنصر الأساسي في هذه الركيزة هو القوة الشرائية للمستهلكين وأسعار المواد الغذائية. ومع ذلك، لا يلزم أن تكون هذه الموارد نقدية بشكل حصري. وتشمل الركيزة الثالثة “الاستخدام” جميع جوانب التغذية المتعلقة بسلامة الأغذية وجودتها عبر السلسلة الغذائية بأكملها. وتتعلق الركيزة الرابعة “الاستقرار” بمدى إمكانية تعرض الأفراد لخطر كبير بفقدان وصولهم بشكل مؤقت أو دائم إلى الموارد اللازمة للحصول على غذاء كاف نتيجة وجود حالة مع عدم الاستقرار. وفي هذا الصدد تعتبر تغيرات المناخ أحد أهم الأسباب لعدم الاستقرار التي تحد من القدرة على الوصول إلى الغذاء.
وهناك العديد من الأمثلة على هذه الركائز وأهميتها؛ فعلى سبيل المثال تشير التقارير إلى ازدياد عدد الجياع في العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وقدر بعضها عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع بنحو 800 مليون شخص حول العالم، وقدر البعض الآخر بأن 1 من كل 9 أشخاص يعاني الجوع يومياً ونقص التغذية نتيجة لذلك.
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، فإن البلدان التي لديها أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، لديها أيضًا أعلى معدلات الهجرة الخارجية للاجئين، حسب الإحصائيات الأخيرة، هناك ما يقدر بنحو 821 مليون شخص يعانون حاليًا سوء التغذية، وحوالي 151 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون التقزُّم، وما يقارب من 613 مليون امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 15 – 49 عاماً يعانين نقص الحديد، وما لا يقل عن 2 مليار بالغ يعانون زيادة الوزن أو السمنة.
تأثير المناخ على أسعار الغذاء وإنتاجه
فيما خلصت منظمة أوكسفام الخيرية والمعنية بمكافحة الفقر عالميًا، في تقرير أعدته لدراسة الآثار المحتملة لتغيرات المناخ على أسعار السلع الغذائية بحلول عام 2030، إلى أن أسعار محاصيل الذرة ستزيد بنسبة 177% والقمح بنسبة 120%، والأرز بنسبة 117%، آخذين في الاعتبار نسب التضخم.
وفي دراسة أخرى، توقعت النماذج العالمية للمحاصيل والنماذج الاقتصادية زيادة بنسبة 1-29% في أسعار الحبوب في عام 2050 بسبب تغير المناخ؛ ما سيؤثر على المستهلكين على مستوى العالم من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وستختلف التأثيرات الإقليمية؛ فالمستهلكون ذوو الدخل المنخفض معرضون للخطر بشكل خاص، حيث تشير النماذج إلى زيادات قد تصل إلى 183 مليون شخص إضافي معرضين لخطر الجوع.
وإلى جانب التأثير على أسعار المواد الغذائية، يؤثر التغير المناخي أيضاً على عنصر إنتاج الغذاء بعدة طرق مباشرة وغير مباشرة. فهو يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الغذاء من خلال التغير في الظروف الزراعية البيئية، وبشكل غير مباشر من خلال التأثير على نمو وتوزيع الدخل، وبالتالي على الطلب على المنتجات الزراعية.
وتبدو مشكلة التغير المناخي أكثر وضوحاً في حالة الفاكهة والخضروات، التي تعتبر عنصراً أساسياً في النظم الغذائية الصحية؛ فمن المتوقع حدوث انخفاض في إنتاج وملاءمة هذه الأنواع في ظل درجات الحرارة المرتفعة خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث يقلل الإجهاد الحراري من ثبات الفاكهة ويسرّع من نضج الخضروات؛ ما يؤدي إلى خسائر في الإنتاج، وتدهور في جودة المنتج، وزيادة في فقد الطعام وهدره.
البحث العلمي وسد فجوة الغذاء
إن دعم وتعزيز البحث والتطوير في دول العالم بات مهماً وضرورياً، حتى يكون له دور فاعل في تخطيط المستقبل ووضع حلول لما قد نواجهه من تحديات، فالدول المتقدمة تعتمد في رسم خططها وقراراتها على توافر البيانات والنتائج البحثية التي تبنى على أسس علمية. وقد جاء في التقرير الدوري الصادر عن مجلس التجارة والتنمية التابع لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) جملة من التوصيات في هذا السياق. حيث ركز فيه الخبراء على أهمية ضخ استثمارات إضافية في البحوث الزراعية مع التركيز على المعلومات المتعلقة بتغير المناخ والإرشاد الزراعي وتبني تقنيات ري جديدة وتطوير الهياكل الزراعية الأساسية.
وتضمنت دراسة علمية نُشرت في مجلة نيتشر واعتمدت على نماذج الحاسب الآلي، اقتراحاً بإمكانية زيادة الإنتاج العالمي من الغذاء مع خفض مدخلات الإنتاج من مياه وأسمدة وبذور. وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن إنتاج ما يقارب من 17 من أهم السلع الغذائية في العالم قد يرتفع بنسب تتراوح ما بين 45-70% وذلك في حالة إغلاق الفجوة بين الإنتاج الحالي للمحصول وبين الإنتاج المرجو. علماً بأن نماذج الحاسب الآلي تقوم بتحليل جميع البيانات المهمة والمتعلقة بالإنتاج؛ ومنها أسعار مدخلات الإنتاج كالبذور والأسمدة والمعدات الزراعية، بالإضافة إلى تحليل معدلات درجات الحرارة السنوية لمئات السنين، ومن ثم وضع تصور مستقبلي لتكاليف الإنتاج وأسعار السلع.
ستكون المرحلة القادمة بحاجة إلى وجود دراسات بحثية تركز على تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة والتركيز على التقدم التكنولوجي للحد من تأثير تغيرات المناخ. ومن المهم وضع سيناريوهات لما قد يصاحب هذه التغيرات. ومن وجهة نظر الأمن الغذائي، فإن دراسة مدى تأثير تغيرات المناخ على الغطاء الزراعي وتنوع المحاصيل التي تزرع في المناطق المختلفة باتت مهمة؛ لكي نتمكن من استقراء التغيرات القادمة والتحضير لاستراتيجيات جديدة قد تغير نظرتنا لقضية شح المياه ووفرة السلع الزراعية.
ومن المهم كذلك، السعي لتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء؛ فعلى سبيل المثال يمكن استنباط أصناف جديدة ذات موسم زراعي قصير لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة كمحصول الأرز الذي تم تطويره في مصر، حيث تم تطوير أصناف لها القدرة على تحمُّل الملوحة ونقص المياه والجفاف ومقاومة الأمراض، وغير مستهلكة للمياه وذات إنتاجية عالية.
فيما استطاع ما يقارب 90 % من أقل البلدان نمواً وبعض الدول الصغيرة النامية استخدام أنظمة الإنذار المبكر كأولوية قصوى في وضع سيناريوهات للتغير المناخي.