قامت السلطات التركية منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، بترحيل 19 ألف لاجئ من البلاد، معظمهم سوريون تمّ ترحيلهم من اسطنبول التي تعد ثاني أكبر مدن البلاد، لكن هذا الترحيل لم يكن قانونياً في بعض الأحيان بعدما استخدمت السلطات مستنداتٍ "مزيّفة" لهذا الغرض، وقد أدى ذلك لتشتت الأسر السورية التي كانت تعتمد على عمل أفرادها الذين تمّ ترحيلهم إلى بلادهم، في تأمين قوت يومها.

وكشفت مؤسسة تركية لـ"العربية.نت" أن "السلطات قامت بترحيل لاجئين يقيمون على الأراضي التركية منذ العام 2012، رغم أنهم كانوا يملكون تصاريح قانونية بالإقامة في تركيا ولم يتورطوا بالمشاركة في أي حوادثٍ جنائية".

وبحسب موظفين في "جمعية اللاجئين"، وهي مؤسسة تركية دولية غير حكومية تعنى بشؤون المهاجرين، فإن محامين متطوّعين يعملون مع الجمعية، يسعون للمّ شمل الأسر السورية من جديد خاصة تلك التي يعاني بعض أفرادها من أمراضٍ مزمّنة والتي لم يعد لديها مأوى بعد ترحيل معيليها.

ويعمل هؤلاء المحامون على تقديم الأوراق المطلوبة للسلطات التركية كي تتأكد أن اللاجئين الذين تمّ ترحيلهم بشكلٍ عشوائي كان بحوزتهم تصاريح إقامة تخولهم البقاء على الأراضي التركية، وهو أمر ربما سيساهم في عودة بعضهم إلى أسرهم المقيمة في تركيا حتى الآن.

ويؤكد هؤلاء المحامون أن المستندات التي قامت السلطات التركية بموجبها بترحيل لاجئين سوريين، كانت "مزيفة" في بعض الأحيان وأن اللاجئين الذين تم ترحيلهم لم يكونوا على علمٍ بمحتواها إطلاقاً.

وأكّد لاجئ سوري تم ترحيله منذ نحو ثلاثة أشهر إلى سوريا، حيث يقيم الآن، أن "السلطات التركية قامت بترحيلي بشكلٍ عشوائي من اسطنبول دون أن ارتكب أي جرمٍ جنائي".

وقال لـ"العربية.نت" إن "دورية شرطة استوقفتني في الشارع وطلبت هويتي، لتقوم بعد ذلك بنقلي إلى فرعٍ أمني".

وأضاف أن "الشرطة في ذلك الفرع الأمني أرغمتني على التوقيع على وثيقة الترحيل دون أن يكون هناك مترجم، وبالتالي لم أكن أعرف محتوى الأوراق التي وقّعت عليها، لأعرف لاحقاً أنني وافقت على ترحيلي من تركيا".

ويتواصل هذا الشاب السوري مع جمعياتٍ تركية غير حكومية كي تساهم في عودته إلى تركيا ليلتحق بعائلته المقيمة حتى الآن في مدينة اسطنبول.

ولا يستطيع هذا الشاب التحدّث باسمه الصريح باعتبار أن السلطات التركية رحّلته إلى منطقة سورية تسيطر عليها جماعة محلية مسلّحة موالية لتركيا.

وتنطبق شهادة هذا السوري مع سوريين آخرين تمّ ترحيلهم من تركيا، حيث تعمل منظماتٍ دولية أيضاً على إعادة بعضهم.

وتشدد المنظمات الحقوقية الكبرى، لاسيما "العفو الدولية" على أن سوريا "غير آمنة" لترحيل اللاجئين إليها، لكن مسألة بقاء اللاجئين في تركيا، تحوّلت إلى موضع جدل بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والأحزاب التي تعارضه. ويحاول كلا الطرفين الحصول على مكاسب من خلال "ورقة اللاجئين".

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل نحو ثلاثة أشهر عن خطةٍ حكومية لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري من تركيا إلى سوريا.

وستقوم أنقرة، بحسب الرئيس التركي، بإعادة أولئك اللاجئين على مناطقٍ سورية تخضع لسيطرة الجيش التركي وجماعات مسلحة سورية تؤيده.

ويقيم في تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري فرّ معظمهم من الحرب السورية التي اندلعت قبل أكثر من عقدٍ من الزمن.